سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اللاجئون الفلسطينيون في مرحلة مفاوضات الحل النهائي - اتجاهات التطور بين اللاجئين الفلسطينيين في سورية منذ عام 1948 . التشريع السوري وحقوق اللاجئين الفلسطينيين 2 من 4
كان من اهم القرارات التي صدرت في سورية وساعدت في تنظيم شؤون اللاجئين الفلسطينيين، القانون رقم 450 الصادر في تاريخ 24/1/1949، الذي أقرّ إحداث "مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين العرب" التي ترتبط بدورها بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل السورية. وأتى القانون رقم 260 الصادر بتاريخ 10/7/1956 ليزيد من فرص الفلسطينيين المقيمين في اراضٍ سورية كالسوريين تماما في مختلف ما نصت عليه الأنظمة المتعلقة بحقوق التوظيف والعمل، والتجارة وخدمة العلم، مع حقهم الاحتفاظ بجنسيتهم الفلسطينية، اذ صدر في 2/10/1963 القرار رقم 1311 لتنظيم استصدار وثائق السفر، ويجب ان يكون اللاجئ مسجلاً في سجلات مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين حتى يتسنى له الحصول على وثيقة السفر، ويستطيع حامل الوثيقة تغيير اصدار وثيقة السفر في اي سفارة سورية في الخارج شأنه شأن المواطن السوري. ومن أهم المواد التي تضمنها القرار رقم 1311 لسنة 1963 المادة رقم 10 التي تخول صاحب وثيقة السفر الممنوحة للاجئين الفلسطينيين خلال مدة صلاحيتها حق العودة الى سورية من دون تأشيرة عودة على عكس وثيقة السفر الممنوحة للفلسطينيين من قبل السلطات المصرية، التي لا تخول صاحبها العودة الى مصر من دون تأشيرة. ويحق للاجئين تملك اكثر من محل تجاري ملكية المستأجر والتمتع كذلك بحقوق الانتفاع الناتجة عن حق الايجار. وفي هذا المجال يعامل الفلسطيني معاملة المواطن السوري في استثمار المتاجر، كما يحق للفلسطينيين في سورية الانتساب الى النقابات المختلفة، ولهم الحقوق نفسها وعليهم ذات الواجبات التي يتمتع بها المواطن السوري. بيد ان الملاحظ ان هناك ثمة فجوات في قوانين تملك الشقق السكنية، فلا يحق للفلسطيني تملّك طابو الا لشقة سكنية واحدة، في حين يحق للمواطن السوري امتلاك العديد من الشقق السكنية والعقارات. وللفلسطيني حقوق التقاضي والتوكيل، وله مطلق الحرية في السفر داخل المحافظات السورية وخارجها والسكن في اية قرية او خربة او مدينة، كما يحق له امتلاك السيارات والجرارات، وبذلك حصل اللاجئ الفلسطيني في سورية على حقوق مدنية واسعة، على رغم عدم قدرته على حق الترشيح والانتخابات لمجلس الشعب والرئاسة. الأوضاع الاجتماعية من أهم المؤشرات الاجتماعية بين اللاجئين الفلسطينيين مؤشرات التعليم، اذ تراجعت معدلات الأمية نتيجة التطور الكمي والنوعي للتعليم في سورية، من 9.9 في المئة الى 6.5 في المئة بين الذكور فوق 15 سنة خلال الفترة 1985 - 1995. كما تراجعت بين الإناث في نفس الفئات العمرية، من 30 في المئة الى 15 في المئة. ويذكر ان التعليم الابتدائي اصبح منذ اكثر من عقد الزامياً في سورية ويندرج هذا القانون على اللاجئين الفلسطينيين في سورية، وكان لسهولة التحصيل الجامعي بالغ الأثر في ارتفاع معدلات الحاصلين على شهادات جامعية، اذ لا تتعدى كلفة الطالب الجامعي خلال اربع او خمس او ست سنوات في الجامعات السورية 300 دولار اميركي. بالنسبة لتوزع الفلسطينيين حسب الحال التعليمية، اوضحت نتائج المسح الميداني الذي اجراه مكتب الاحصاء الفلسطيني للاجئين في سورية خلال عام 1998 ان نسبة المتعلمين بين الكبار بلغت 23 في المئة في حين بلغت نسبة الحاملين للشهادات الابتدائية 32 في المئة، والاعدادية 16 في المئة، والثانوية 8 في المئة، والمعهد المتوسط 7 في المئة، والجامعة 3 في المئة، اي ان معدل الأمية بالمتوسط بين الذكور والإناث قد بلغ في عام 1998 11 في المئة. ويعتبر مجتمع اللاجئين في سورية حضرياً قياساً للخدمات المقدمة من قبل الأونروا، ومؤسسة اللاجئين، والهلال الأحمر الفلسطيني. والأخير يقدم خدماته ايضاً من خلال مستوصفات بأسعار رمزية للطبابة وللحالات الاسعافية. وان كانت الخدمات تقلصت مقارنة بالسنوات 1975 - 1994، حين عاد العديد من كوادر الهلال الأحمر الى مناطق السلطة الوطنية في قطاع غزة والضفة الفلسطينية. ويذكر ان فقدان المخيمات الفلسطينية الى حدائق عامة، ما يضطر غالبية الأطفال للعب في المنازل او الشوارع العامة، الأمر الذي يزيد من نفقات الأسرة الفلسطينية التي تحاول الذهاب الى حدائق عامة في العاصمة والمدن الكبيرة. ويلاحظ أيضاً انتشار رياض الأطفال بشكل كبير في المخيمات، ومعاهد الكومبيوتر الخاصة. ويعتبر مخيم اليرموك من أهم المناطق التي تنتشر فيها معاهد الكومبيوتر التي يشرف عليها معلمون أكفاء لتدريب برامج مختلفة. وانتسب في صيف عام 1999 العديد من الطلبة الفلسطينيين في اليرموك وغيرها من المخيمات إلى المعاهد المذكورة لتلقي دورات تدريبية في الكومبيوتر والمواد التعليمية الأخرى. كما ينتشر في المخيمات مراكز معلوماتية تشرف عليها الجمعية السورية للمعلوماتية، ويتم الانتساب إليها بأسعار مخفضة جداً للدورة الواحدة لا تتعدى 300 ليرة سورية، كما تنتشر في المخيمات، خصوصاً اليرموك، أندية للرياضة كرة القدم، كرة اليد، الكاراتيه، الجيدو والملاكمة، وأحياناً تكون الأندية شبه معدومة في بعض المخيمات مثل خان الشيخ وخان ذا النون وسبينة. وبالنسبة إلى الأوضاع الاقتصادية السائدة بين اللاجئين الفلسطينيين في سورية، تشير المعطيات إلى أن معدل النشاط الاقتصادي لا يتعدى 29 في المئة من اجمالي السكان، أي ان مجموعة قوة العمل في سورية يصل إلى 108887 عاملاً وعاملة في عام 1999. ويتركز 41 في المئة من قوة العمل في قطاع الخدمات، و2 في المئة في قطاع الزراعة، و15 في المئة في الصناعات التحويلية، وفي قطاع التجارة 8 في المئة. واستأثر قطاع البناء بنحو 27 في المئة من اجمالي قوة العمل الفلسطينية في سورية، وتوزعت قوة العمل الباقية وبنسبة 3 في المئة على قطاعات المناجم والكهرباء والنقل والمال. ويلاحظ ان نسبة العاملين في الزراعة قليلة، نظراً لعدم وجود ملكيات زراعية كبيرة للفلسطينيين في سورية. وساعدت مستويات التعليم بين الفلسطينيين في سورية، ولوج البعض منهم مناصب عالية في الوزارات المختلفة، خصوصاً وزارة التربية ووزارة التعليم العالي، كما ساعدت القوانين السورية البعض منهم للارتقاء إلى رتبة لواء في الجيش السوري وقطاعاته المختلفة. وتعتبر معدلات البطالة متدنية بين اللاجئين الفلسطينيين في سورية، إذ لم تتعد 9-13 في المئة خلال الفترة 1992-1999، مقارنة بنحو 50 في المئة بين لاجئي الضفة وقطاع غزة ولبنان. توصيات من خلال ما أتى في عرضنا يمكن تسجيل الخلاصات الآتية: أولاً: يعتبر المجتمع الفلسطيني في سورية فتياً تكثر فيه نسبة الأطفال. وسهلت القوانين السورية على الفلسطيني ولوج القطاعات الاقتصادية المختلفة شأنه في ذلك شأن المواطن السوري مع احتفاظه بجنسيته الفلسطينية. ثانياً: سيصل مجموع اللاجئين الفلسطينيين في سورية الى 400 ألف لاجئ بحلول عام 2000، ويرى هؤلاء بأن تطبيق حق العودة الى منطقة المنشأ في فلسطين مدخلاً لعملية سلام حقيقية. ثالثاً: تعتبر مستويات التعليم والتحصيل العلمي بين لاجئي سورية مرتفعة بسبب وجود الخدمات التربوية المختلفة، وكالة غوث، وقطاع التعليم السوري بكافة مستوياته: الابتدائي، الاعدادي، الثانوي، والجامعي. رابعاً: انخراط المجتمع الفلسطيني في سورية في العمل الوطني الفلسطيني منذ البدايات في عام 1965 وبعده اذ سقط العديد منهم بين شهيد وجريح وأسير ما زال يقبع في السجون الاسرائيلية. وتبعاً لذلك يمكن تسجيل التوصيات الاتية: 1- ان كل شرائح المجتمع الفلسطيني في سورية دفعت ضريبة التهجير القسري، وبالتالي فإن المصلحة الجماعية لهم تكمن في تطبيق حق العودة حسب القرار 194، والتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم جراء النكبة في عام 1948. 2- ضرورة الإبقاء على خدمات الأونروا بين اللاجئين في سورية ومناطق اللجوء الأخرى الى حين تطبيق قرارات الشرعية الدولية، شأنها في ذلك شأن القرارات التي طبقت في أماكن مختلفة من العالم خلال الفترة 1991-1999. 3- يجب على المفاوض الفلسطيني الإبقاء على سقف مطالبه بشأن قضية اللاجئين للحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني، داخل فلسطين، وخارجها، وبذلك يمكن الحفاظ على أهم أوراق التفاوض الفلسطينية. * باحث في مكتب الإحصاء الفلسطيني، دمشق.