في خطوة وصفتها مصادر فلسطينية بأنها "استفزازية وتمعن في تغيير الوضع القائم" في البلدة القديمة لمدينة القدسالمحتلة، شارك رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود باراك في احتفال لمناسبة انهاء أعمال الحفريات التي تقوم بها سلطة الآثار الاسرائيلية منذ أشهر أفضت الى فتح باب جديد في الحائط الجنوبي للحرم القدسي الشريف يقع عند ملتقى المصلى المرواني والمسجد الاقصى المبارك. وشدد باراك على "السيادة الاسرائيلية" على القدس التي قال انها "العاصمة الابدية لاسرائيل". واضاف: "اننا ملتزمون تحويل هذه الاماكن المحيطة بنا، المقدسة للاسلام والمسيحية واليهودية، الى جسر ورمز لحرية الوصول اليها والعبادة والتعايش بسلام ... تحت سيادة اسرائيل". وقالت مصادر اسرائيلية ل"الحياة" إن سلطة الآثار الاسرائيلية سرعت من عمليات الحفريات والتنقيب التي شملت صب كميات هائلة من الاسمنت تحت درجات الحديد القائمة منذ عقود واقامة ساحة واسعة في الموقع على شكل مسرح استعداداً للاحتفالات التي ستنظمها الدولة العبرية مع اقتراب الالفية الثالثة. وسيتم نصب شاشات كبيرة في الموقع لعرض أفلام وثائقية عن الحقبات التاريخية المختلفة في هذه المدينة امام ملايين الحجاج المسيحيين الذين سيزورن المدينة المقدسة في الاشهر القليلة المقبلة. وأطلق الاسرائيليون على الباب الجديد اسم "حلزة" باللغة العبرية. وكشفت عمليات الحفر في الجدار الجنوبي للحرم القدسي والتي بدأت منذ احتلال القدسالشرقية في العام 1967 عن قصور شيدت في العصر المملوكي. وقامت سلطة الآثار الاسرائيلية بتفكيك الحجارة التي بني بها قصر "دار الامارة" الذي استخدمه الامراء المسلمون توطئة لاستخدامها في بناء هيكل يهودي جديد عوضاً عن ذلك الذي دمر في منطقة الحرم القدسي حسب المعتقدات اليهودية. ويقول اليهود إن هذه الحجارة تعود لهيكل سليمان وان المسلمين استخدموها في بناء القصر. وكان باراك أمر الشرطة الاسرائيلية باغلاق جزء من نافذة تابعة لمبنى المسجد الاقصى القديم في المنطقة ذاتها قبل نحو شهر بعد أن ادعى الاسرائيليون أن دائرة الاوقاف الاسلامية "تسعى الى تغيير الوضع القائم" في البلدة القديمة من خلال توسيع هذه النافذة. وقالت مصادر اسرائيلية إن باراك يحاول من خلال مشاركته في هذا الاحتفال "التلويح للفلسطينيين بأنه لا يعتزم التنازل عن سيادة اسرائيل في القدس، خصوصاً في منطقة الحرم". ويخشى الفلسطينيون أن تشكل عملية فتح الباب الجديد خطوة باتجاه تنفيذ أحد السيناريوهات الاسرائيلية التي يعكف مختصون على دراستها لايجاد موقع "بديل" عن ساحة الحرم القدسي لصلاة اليهود. يذكرأن أحد هذه السيناريوهات يطرح بناء الهيكل اليهودي في ساحة مقامة على أعمدة اسمنتية عالية تطل على الحرم في منطقته الجنوبية كحل وسط يرضي الحكومة الاسرائيلية من جهة وحركة "أمناء جبل الهيكل" الدينية المتطرفة، وهذه هي نفس المنطقة التي جرت فيها الاحتفالات امس. ولوحظ أن الاسرائيليين حرصوا على إبقاء منطقة فراغ عميقة وواسعة بين الجدار وبين الساحة الاسمنتية الجديدة الامر الذي يعزز تصور هذا السيناريو. وكان رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق بنيامين نتانياهو شارك قبل أسابيع من الانتخابات الاسرائيلية باحتفال البدء في حفر نفق أرضي عميق يبدأ من حي سلوان وهو ما تسميه اسرائيل "مدينة داوود" ويمر في المنطقة الواقعة تحت الجدار الجنوبي للحرم حيث تجري الاعمال الحالية وتصل الى حائط البراق "حائط المبكى". وقال مدير دائرة الاوقاف الاسلامية عدنان الحسيني إن مشاركة باراك في الاحتفال يعتبر استفزازا للمسلمين واستمراراً في الاعتداءات الاسرائيلية على حقوقهم في هذا المكان المقدس. وأضاف ل"الحياة" أن "الاوقاف" قدمت أكثر من اعتراض للجهات المعنية في اسرائيل على أعمال الحفريات التي تجري في محيط الاقصى، خصوصاً في حائطه الجنوبي الا أن المسؤولين الاسرائيليين "كما هي الحال بالنسبة الى كل الاعتراضات لا يردون على رسائلنا". وبعثت دائرة الاوقاف برسائل الى جهات فلسطينية وعربية وكذلك الى "يونيسكو" لاطلاعها على المخاطر المترتبة على أعمال الحفريات والخطر الذي يحدق بهذا المكان.