صدم الوسط الحكومي والقضائي الفرنسي بقرار المسؤول السابق عن دائرة الشرطة في لاجيروند منطقة بوردو الفرنسية موريس بابون 89 عاماً اختيار المنفى بدلاً من المثول معتقلاً أمام محكمة الاستئناف التي كان مقرّراً ان تنعقد أمس بطلب منه للنظر في الحكم الصادر بحقه بتهمة ارتكاب جرائم بحق الانسانية في ظل الاحتلال النازي لفرنسا. وبموجب القانون الفرنسي يفترض في من يتقدّم بطلب استئناف لحكم جنائي صادر بحقه ان يسلّم نفسه الى العدالة قبل 24 ساعة من موعد المحاكمة، وأن يلازم السجن طوال فترة انعقاد المحكمة، لتنفّذ العقوبة بحقه في حال تثبيتها. لكن بابون فاجأ القضاء صباح أمس في بيان أصدره من مكان ما خارج فرنسا أكدّ فيه أنه فضّل المنفى على المثول معتقلاً أمام محكمة الاستئناف، معتبراً أن هذا القرار منافٍ للقوانين المتبّعة لدى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ووصف بابون التحقيقات في تهمة تسبّبه في قتل مئات اليهود الفرنسيين أثناء توليه رئاسة الشرطة في لاجيروند، خلال فترة الاحتلال النازي، التي استمرّت 16 سنة بأنها غير عادلة، مثلها مثل محاكمته التي استمرّت حوالى ستة أشهر وانتهت بإدانته بالسجن عشر سنوات سنة 1998. ورأى أنه "إزاء التحدّي الأخير" الذي وجهه إليه القضاء الفرنسي لم يسعه "سوى الردّ بطريقة مشرّفة واللجوء الى المنفى على رغم ما يعنيه ذلك من آلام لرجل مثلي دخل في العقد التاسع من العمر". وأكدّ أنه لن يعود الى فرنسا "إلا بعد أن يتم إنصافه" من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان التي طلب من محاميه جان - مارك فارو رفع شكوى إليها. وأثار فرار بابون، إستياء في الوسط القضائي، خصوصاً أنه تمكّن من الاختفاء من منزله في منطقة سين - اي - مارن ضاحية باريس، على رغم المراقبة الأمنية المفروضة على المنزل. وذكرت مصادر قضائية أنه على رغم فراره فإن محكمة الاستئناف ستعقد وتأخذ علماً بعدم تسليم نفسه الى العدالة، مما يؤدّي الى تجريده تلقائيا من حقه في الاستئناف ويطلق يد القضاء في البحث عنه. وأكدّت وزيرة العدل الفرنسية ايزابيل غيغو في كلمة أمام الجمعية الوطنية البرلمان أن عدم تلبية بابون طلب الاستدعاء الصادر بحقه من محكمة الاستئناف، سيتبعه إصدار مذكرة جلب محلية ودولية. وعبّرت عن صدمتها لفرار بابون من وجه العدالة. وقالت ان الشكوى التي يعتزم تقديمها الى المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان، لن تترافق مع أي تجميد للإجراءات المتخذّة بحقه في فرنسا. أما الناطق باسم الحكومة الفرنسية الوزير دانيال فايان، فأكّد عقب الإجتماع الأسبوعي للحكومة الفرنسية ان "حديث بابون عن المنفى يشكّل شتيمة لضحايا النازية والمقاومين".