يعود خافيير سولانا اليوم الاثنين الى ساحة الديبلوماسية الاوروبية مزوداً بخبرته الامنية - العسكرية علّه يساعد الاتحاد الاوروبي على تقوية السياسة الخارجية المشتركة بين البلدان الاعضاء الخمسة عشر، وعلى بناء الطروحات النظرية والعملانية لإقامة سياسة دفاعية اوروبية في غضون الاعوام المقبلة. ويتولى خافيير سولانا وظيفة "المندوب السامي للسياسة الخارجية والامن المشترك" التي استحدثتها للمرة الاولى معاهدة امستردام، بعدما دخلت حيز التنفيذ في شهر ايار مايو الماضي "لإبراز الهوية الاوروبية في الساحة الدولية". وسيكون سولانا 57 عاماً "الوجه البشري" للاتحاد ويمارس نشاطه في بروكسيل، مقر المجلس الوزاري والمفوضية الاوروبية ولجان البرلمان الاوروبي، كمحاور رسمي للاطراف الخارجية، ويملأ الفراغ الذي كان وصفه وزير الخارجية الاميركي في حينه هنري كيسنجر بالقول انه "لا يعرف رقم هاتف او هوية من يجب ان يتحدث اليه من الاوروبيين في بروكسيل". والمهمات التي أناطها القادة الاوروبيون في اجتماعهم في كولون في حزيران يونيو الماضي بالمندوب السامي سولانا، الذي يحمل ايضاً صفة "الامين العام للمجلس الوزاري الاوروبي" تثير تساؤلات حول حدودها وجدواها. فهو سيكلّف متابعة التوجهات التي يحددها رؤساء الدول والحكومات الاوروبية والقرارات التي يتخذها المجلس الوزاري، وينتظر ان تتقاطع هذه القرارات مع مهمات تتولاها المفوضية الاوروبية على صعيد العلاقات الخارجية مع شركاء الاتحاد. ولا يستبعد ان تشهد المرحلة الاولى عملية شد وجذب بين المندوب السامي سولانا وعضو المفوضية المكلف السياسة الخارجية كريس باتين. ويقول اصدقاء سولانا بأن الاخير يحظى بدعم حكومات الدول الاعضاء من اجل متابعة المواقف المشتركة، بينما لا يتمتع عضو المفوضية باتين الا بصلاحيات تقديم الاقتراحات في الشأن الخارجي للاتحاد. وسيتابع سولانا سير السياسة الخارجية بالتنسيق الدائم مع الدولة التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد. ويستعين سولانا بنحو عشرين من كبار الخبراء في الشؤون السياسية والدفاعية في نطاق خلية "التخطيط والانذار المبكر" واوضح احدهم ل"الحياة" ان جهدهم سيتركز على "تغيير منطق اتخاذ القرارات الاوروبية، فالبلدان الاعضاء كانت تتوصل الى قواسم مشتركة انطلاقاً من مصالح منفردة لكل منها، اما في المستقبل فستتخذ القرارات انطلاقاً من قاعدة المصلحة المشتركة لتتلاءم مع مصالح كل من بلدان الاتحاد". ويستفيد خافيير سولانا من تجربته في امانة حلف شمال الاطلسي في الاعوام الاربعة الاخيرة التي شهدت ابرام "الميثاق التأسيسي مع روسيا" وتوسيع الحلف امام ثلاثة بلدان اوروبية شرقية، وتفجير اول مواجهة للحلف مع طرف خارجي هو يوغوسلافيا الواقعة خارج الحدود التقليدية للحلفاء. وقال سولانا في وداعه مقر الحلف ان مشاهد حشود المدنيين من ألبان كوسوفو، الذين احاطوا به في بريشتينا "ستظل عالقة في ذاكرته واكثر الاحداث اثارة في نفسه". وسيشرف سولانا الذي لا يشك الاميركيون في ولائه الاطلسي على وضع افكار واقتراحات عملانية لتعزيز قدرات الدول الاعضاء على القيام بمهمات حفظ السلام تحت راية "منظمة اتحاد اوروبا الغربية". وبحكم ضعف القدرات العسكرية الاوروبية وحاجة الاوروبيين في الأمد غير القصير الى العتاد اللوجيستي الاميركي للتدخل في المناطق غير الملزمة لمصالح الولاياتالمتحدة، فإن خافيير سولانا سيكون "الرجل الجسر" بين الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي. وتقتضي مهماته الجديدة تقديم مقترحات تقود تدريجاً الى ادماج "منظمة اتحاد اوروبا الغربية" ضمن مؤسسات الاتحاد الاوروبي، ربما بعد عام 2005. ويعتبر خبراء شؤون الدفاع ان حديث استقلال الاوروبيين عن الدعم الدفاعي الاميركي يظل مبكراً لان القدرات العسكرية الاوروبية تفتقد التكنولوجيا الحديثة المتوافرة لدى الولاياتالمتحدة. وتحتكر الاخيرة اقمار التجسس وانظمة الاتصال المتطورة والعتاد اللوجيستي للتدخل السريع.