اتجه العسكريون الباكستانيون في اليوم الثالث للإنقلاب، امس، الى مواجهة مباشرة مع البرلمان بعدما فشلوا في اقناع اعضائه في اتخاذ مبادرة لتشكيل حكومة، ما دفعهم حسب مصادر قريبة منهم الى البحث عن بديل في حكومة تكنوقراط يرأسها احد الموالين لهم، فيما ترددت اشاعات عن عزم الرئيس رفيق ترر على الاستقالة. وفي تحد سافر للجيش، دعا القائم باعمال رئيس البرلمان جعفر اقبال النواب الى الاجتماع اليوم، مؤكداً ان رئيس الوزراء المعزول نواز شريف "لا يزال زعيم الغالبية في البرلمان". وقال الناطق باسم الجيش العميد راشد قريشي ل"الحياة" عن سبب التأخير في اصدار بيان عن شكل الحكم المستقبلي للبلاد: "أنا مجرد ناطق عسكري وأعكس ما يٌتفق عليه"، ما شكل اعترافاً ضمنياً بصعوبات تعترض تجاوز الإشكال الدستوري المتمثل في إطاحة حكومة مدنية منتخبة، حسبما يطالب الاجماع الغربي الذي تقوده الولاياتالمتحدة. وأكدت مصادر ديبلوماسية في إسلام آباد أن السفير الأميركي وليام ميلام سيسلم اليوم الى قائد الجيش الجنرال برويز مشرف رسالة من الرئيس الأميركي بيل كلينتون، في أول اتصال بين الطرفين منذ الإنقلاب. وحذرت مصادر ديبلوماسية غربية من سيناريو فشل العسكر في تشكيل حكومة ديموقراطية مقبولة دولياً وما يسفر عن ذلك من عقوبات على باكستان تؤدي الى "وجود قوة نووية على حافة الافلاس ومجبرة على القيام بأي شيء لكسب دولارات". وجاء ذلك في معرض التعليق على كلام تداوله مسؤولون في الكونغرس الاميركي مفاده ان "باكستان ليست بلداً مستقراً وهي تعاني الفقر. وقد تلجأ الى بيع اسلحة نووية الى قوى اصولية او شرق اوسطية". وازداد ارتباط فكرة الانقلاب بالقوى الاصولية من خلال تركيز اعلامي اوروبي واميركي على الشعبية التي يتمتع بها الانقلابيون في اوساط الاسلاميين الباكستانيين الذين يعدّون ل "صلوات شكر خاصة" في مساجد البلاد اليوم. راجع ص 7 وكانت المؤشرات الاولى الى صعوبات تعوق الخروج من المأزق الدستوري، ظهرت صباحاً حين طوّق الجيش مقر البرلمان لمنع عقد اجتماع مقرر مسبقاً اليوم الجمعة، خوفاً من ان يسفر عن موقف مؤيد لشريف. وترافق ذلك مع اعتقال انصار للاخير خرجوا في تظاهرة للمرة الاولى في كراتشي، ثم اعتقال جنرالات موالين لشريف ووضع وزيري الداخلية والشؤون الكشميرية شجاعت حسين وعبدالمجيد ملك في الاقامة الجبرية، فيما نقل وزير الإعلام الباكستاني مشاهد حسين من الإقامة الجبرية إلى مقر الاستخبارات العامة للتحقيق معه. وتقدم المحامي مالك عزيز كوثر بدعوى الى المحكمة العليا ضد قائدي الجيش والشرطة لإحتجازهم شريف الذي نقل الى لاهور. وبدأ بعض الأسماء المرشحة للحكومة الإنتقالية يطرح فكرة تشكيل حكومة موقتة لسنتين من خارج البرلمان. ورأى قائد سلاح الجو الباكستاني السابق وأحد المرشحين لرئاسة الحكومة الإنتقالية الجنرال أصغر خان ان عليها ان تقوم بمحاسبة جميع السياسيين الفاسدين الذين نهبوا البلاد ودمروها. لكنه نفى ان يكون الجيش اتصل به لتولي المهمة. ومن الشخصيات المرشحة ايضاً لتولي الحكومة الموقتة، المحامي المعروف عبد الحفيظ بير زادة ورئيس المحكمة العليا السابق سجاد علي شاه. و أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد "غالوب" أن 75 في المئة من الباكستانيين يؤيدون تشكيل حكومة غير حزبية، فيما يؤيد ثلثهم الحكم العسكري المباشر. وأبدى أقل من عشرة في المئة تعاطفهم مع عودة حكومة شريف.