نواز شريف الذي فاز في انتخابات جرت السبت ليتولى رئاسة الحكومة للمرة الثالثة، وهو رقم قياسي في باكستان، صاحب إمبراطورية صناعية يعد إداريا جيدا ومنفتحا على مفاوضات مع حركة طالبان. ورئيس الوزراء السابق الذي أطاح به انقلاب عسكري في 1999، بنى بصبر بناء مسيرته السياسية في المعارضة قبل أن يثأر لنفسه في هذا الاقتراع مستفيدا خصوصا من مسانديه في معقله في البنجاب اغني ولايات البلاد وأكثرها اكتظاظا بالسكان. وفي هذه الولاية يلقبونه "بالأسد". لكن في نهاية حملة فرض نفسه فيها كرجل دولة بارع، يرث شريف مهمة صعبة هي تحسين وضع البلاد وخصوصا عبر تسوية أزمة الطاقة الخطيرة التي تهدد الاقتصاد. وبدا الرجل الستيني الذي يرتدي دائما الزي والقميص التقليديين وسترة، مرتاحا مساء السبت عند إعلانه فوز رابطة مسلمي باكستان جناح نواز أمام مناصريه الذين تجمعوا في لاهور، وقال:"علينا أن نحمد الله لأنه أعطى الرابطة فرصة جديدة لخدمة باكستان". وتشير التقديرات الأولية لنتائج الانتخابات أن رابطة مسلمي باكستان جناح نواز ستشغل مئة مقعد في البرلمان الذي يضم 272 نائبا ما يفترض أن يسمح له بتشكيل حكومة أغلبية ويمهد الطريق لمشاورات من اجل تشكيل تحالف. وتولى نواز شريف الذي لا يتحدث بطلاقة ولا يتمتع بحضور قوي لكنه يعتمد على تجربته الطويلة كرجل دولة، رئاسة الحكومة مرتين من 1990 الى 1993 ومن1997 الى 1999. وخلال حملته عبر عن تأييده لفكرة الحوار مع طالبان التي أدت هجماتها في باكستان الى سقوط آلاف القتلى منذ ست سنوات، لوقف العنف. وأطلق نواز شريف خلال ولايته الثانية الأشغال الكبرى للطريق السريع التي تصل بيشاور (شمال غرب) قرب أفغانستان بلاهور (شرق) عاصمة معقله البنجاب، وتميزت ولايته خصوصا بحيازة باكستان السلاح الذري لأول مرة في دولة إسلامية، في مكسب أضفى عليه شعبية في هذا البلد المعروف بنزعته القومية الكبيرة. وفي خريف 1999 تدهورت علاقته بقائد الجيش الجنرال برويز مشرف. وأقال نواز شريف برويز مشرف عندما كان الأخير عائدا من زيارة رسمية في سريلانكا المجاورة. وسرعان ما أودع عسكريون موالون لمشرف نواز شريف في الإقامة الجبرية وسيطروا على مطار كراتشي فعاد مشرف الى البلاد منتصرا واستولى على السلطة عبر انقلاب ابيض. وبعد بضعة أشهر من الاحتجاز رحل شريف الى السعودية ليقيم هناك. وفي نوفمبر 2007، عاد شريف الى باكستان للمشاركة في الانتخابات التشريعية التي اغتيلت خلال حملتها منافسته المدنية بنازير بوتو، لكن حزب الشعب الباكستاني الذي كانت تتزعمه فاز بفارق ضئيل في الاقتراع بعدما استفاد من ارتدادات اغتيال بوتو وتعاطف الشعب الباكستاني. غير أن حزبه رابطة مسلمي باكستان تولى إدارة شؤون ولاية البنجاب التي تضم أكثر من نصف دوائر البلاد الانتخابية، وفي إسلام أباد قاد نواز المعارضة الوطنية بينما كان شقيقه يمسك بزمام الأمور في البنجاب.