قدر حجم الاستثمار الاجنبي الخاص في المغرب بين 1991 و1998 بنحو 4.5 الى خمسة بلايين دولار في مجالات السياحة والمصارف والصناعة والنفط والطاقة والتجارة والعقار والشركات القابضة وصناديق الاستثمار عبر البورصة. ولا تشمل الاحصاءات التوظيفات الذاتية والمباني الخاصة. وقدر متوسط الاستثمار في الأعوام الثلاثة الاخيرة بين 700 و800 مليون دولار سنوياً. وكان حجم الاستثمار الخارجي بلغ 1.2 بليون دولار عام 1997 فاحتل المغرب المرتبة الثالثة بعد جنوب افريقيا ومصر وتركيا في اجتذاب المستثمرين الى افريقيا والبحر الأبيض المتوسط، قبل ان يتراجع بنحو النصف العام الماضي متأثراً بتداعيات الازمة الاقتصادية والمالية الدولية وزيادة معدل المخاطر لدى الاسواق الناشئة. وتقول وزارة المال المغربية ان قيمة المشاريع الاجنبية الخاصة المدرجة لسنة 1999 - 2000 تقدر بنحو 2.7 بليون دولار. تنتمي الى فرنساوجنوب افريقيا والسعودية وكندا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واسبانيا والصين. وعلى رغم التراجع المسجل في النصف الثاني من العام الماضي نتيجة عوامل خارجية مثل انهيار البورصات وداخلياً انتظار نيات حكومة جديدة كانت في المعارضة وتدافع عن توجه اشتراكي. ينتظر اجتذاب مزيد من الاستثمارات في الفترة المقبلة الممتدة الى 2003. وتنوي الحكومة اقتراح مشاريع ضخمة للشراكة مع القطاع الخاص غداة تطبيق التخطيط الذي ينتظر ان يعرض على البرلمان الربيع المقبل. وتضم تلك المشاريع قطاع الاتصالات وخدمات الماء والكهرباء والتطهير وبناء المرافئ والمطارات والطرق السيارة والاشغال الكبرى والبنى التحتية. مشاريع جديدة جنوب افريقية وسعودية ومن الاستثمارات الكبيرة المدرجة قبل حلول سنة الفين مشروع تنوي مجموعة ستوك اند ستوك الجنوب افريقية انجازه بكلفة 700 مليون دولار يشمل قطاع الاشغال الكبرى والسياحة. وينتظر الانتهاء من الترتيبات واطلاق المشروع خلال الاشهر القليلة المقبلة، وهو اضخم مشروع خاص تنفذه جنوب افريقيا في منطقة المغرب العربي. وقالت مصادر مطلعة انه يهدف الى تقوية العلاقات الثنائية وتنمية زيارات رجال الأعمال بعد فتح خط اسبوعي مباشر بين الدار البيضاء وجوهانسبورغ. وتشير المصادر ان وقوع المغرب في منتصف الطريق في اتجاه شمال اوروبا والقارة الأميركية يشجع رجال الأعمال والمستثمرين في جنوب افريقيا على اختيار الدار البيضاء قاعدة انطلاق. ومن جهتها تستثمر مجموعة "جونفاري" الاسبانية 320 مليون دولار لاقامة مركب لانتاج الفولاذ في شمال شرقي المغرب موجه للسوق المحلية وأسواق الاتحاد الأوروبي. ويتوقع ان ينطلق برنامج داييو لتركيب السيارات وتصنيع اجهزة التلفزيون في الربيع المقبل وهو مشروع تم التعاقد عليه قبل الازمة الاخيرة التي هزت جنوب شرقي آسيا واضرت بحركة الاستثمارات الكورية. وتقدر كلفة مشروع مركب النواصر الصناعي بنحو 500 مليون دولار لانتاج مئة الف سيارة ومليون تلفزيون سنوياً. وكانت الحكومة رصدت 70 مليون دولار لتمويل اقامة بنيات تحتية وتجهيزات اساسية بجوار المصنع. ومن المشاريع الاميركية تستثمر شركة "انيب" نحو 35 مليون دولار لتطوير انتاج الزيوت النباتية. وحصلت شركة "بيوترن" الكندية على صفقة معالجة النفايات في الدار البيضاء بقيمة 300 مليون دولار ضمن عقد مدته ثلاثين سنة. الاستثمارات العربية ومن الاستثمارات العربية المهمة في الحقل السياحي مشروع شركة "مالباطا" السعودية في طنجة لاقامة فندق خمس نجوم ومرفق سياحي يطل على البحر الأبيض المتوسط. وتقدر الكلفة الاجمالية للمشروع بنحو 83 مليون دولار منها 50 مليوناً قيمة الفندق القديم الذي بيع ضمن برنامج التخصيص وكان يعاني توقفاً في نشاطه بسبب الاهمال. وكانت مجموعة سعودية اشترت فندق "مالباطا" بپ50 مليون دولار ضمن برنامج تخصيص قطاع السياحة والفنادق المغربية منتصف التسعينات. ويقول رئيس مجلس ادارة شركة "مالباطا انترناشيونال كوربوريشن" عماد مهانة ان الفندق في حلته المرتقبة يتكون من 228 غرفة و38 اقامة خاصة وثلاث فلل فاخرة. وسيضم الفندق كازينو وقصراً للمؤتمرات يستوعب الف شخص. ويوفر المشروع 700 فرصة عمل وسيكون جاهزاً الربيع المقبل. وعن سبب اختيار المدينة يقول مهانة "ان طنجة تتمتع بشهرة عالمية خصوصاً في اوروبا والولايات المتحدة وهي تقع على مفترق بحار ومحيطات وقارات". ومن الاستثمارات العربية المدرجة في الحقل السياحي مشروع آخر تنوي شركة "ماجستيك هوتلز" المسجلة في لندن تنفيذه في منطقة الصخيراتجنوب العاصمة الرباط كلفته نحو 50 مليون دولار. وكانت الشركة تملكت فندق "انفتريت" على المحيط الاطلسي الصيف الماضي بقيمة خمسة ملايين دولار وتنوي تحويله الى مركب سياحي. وقال المدير العام للشركة التي تملكها شخصيات سعودية ميكايل هيل ان المشروع يشمل بناء فندق خمس نجوم بسعة 200 غرفة وتشييد فلل فاخرة ومراكز تجارية ومسابح وقصر للمؤتمرات وقاعة للعلاج. ويبلغ الاستثمار الاجمالي للمشروع نحو 55 مليون دولار. من جهته قال عثمان العمير ممثل المساهمين السعوديين في الشركة "ان المشروع يحمل طموحاً حضارياً ويعزز روابط الشراكة المغربية - السعودية". وكان الامير الوليد بن طلال زار المغرب العام الماضي وبحث مع المسؤولين في شأن انجاز مشروع سياحي ضخم في المغرب لم يكشف عنه. وقالت مصادر في شركة "المملكة القابضة" لپ"الحياة" ان المشروع يتضمن تسيير فنادق قائمة وبناء اخرى جديدة. وكانت مجموعة اكور الفرنسية شرعت في تطبيق خطة مماثلة في المغرب في المجال السياحي قيمتها نحو 300 مليون دولار، وحصلت الاسبوع الماضي على عقد ادارة قصر المؤتمرات وفندق "المنصور" في مراكش. ومن جهتها، بدأت الشركة العربية للدواجن في انجاز مجمع لانتاج اللحوم البيضاء قيمته نحو 17 مليون دولار. وتنوي مجموعة زيد علي الاماراتية المستقرة في الدار البيضاء القيام بمشاريع مهمة في قطاعات الصناعة الغذائية والسياحة والعقار برأس مال يناهز مئة مليون دولار. ويقدر محللون اجمالي قيمة المشاريع الاجنبية القائمة والمعلنة والمقترحة في المغرب بنحو سبعة بلايين دولار منها بليونان للطاقة الكهربائية 1.5 بليون دولار في الجرف الاصفر والكدية البيضاء - تطوان 60 مليون دولار. وفي العاصمة الرباط يستعد كونسرتيوم برتغالي - اسباني - مغربي لانجاز خدمات الماء والكهرباء والتطهير واستثمار 1.4 بليون دولار على مدى ثلاثين سنة. وتتوسع التجربة لتشمل كبريات المدن المغربية على غرار الدار البيضاءوالرباط، وهي صفقات تقدر قيمتها ببلايين عدة من الدولارات. وفي مقدم المدن المرشحة لنموذج تفويض الامتياز كل من مراكشوتطوان وأغادير. وكانت مجموعة "كورال اويل" السعودية السويدية استثمرت عام 1997 نحو 500 مليون دولار اكبر استثمار عربي لتملك غالبية حصص شركتي "لاسمير" و"الشريفة للبترول"، وأعلنت دمجهما في تجمع موحد لتوريد وتكرير وتسويق النفط ومشتقاته وتعبئة الغاز المسيل وتنمية اسواق الطاقة في المغرب. وتقدر الكلفة الاستثمارية للمشروع بنحو 450 مليون دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة. كما قامت مجموعة "نومورا" اليابانية باستثمارات في سوق المال المغربية عبر بنك التجارة الخارجية الذي تملك فيه مساهمات وحصصاً. وقامت اطراف ليبية بتملك فنادق سفير خمس نجوم في مراكش وأغادير. وضخ بنك "ناسيونال دي باري" 136 مليون درهم في فرعه المغربي للتجارة والصناعة، وكذلك فعل "كريدي ليونيه" لاستعادة رئاسة مجلس ادارة مصرف المغرب. واشترى "بنك كوميرتز" الألماني حصص صندوق الايداع والتدبير في "المغربي للتجارة الخارجية"، ودخلت هوكيست السويسرية قطاع التجارة بعدما تعزز حضورها في سوق الصيدلة في المغرب. في البدء كان التحسن الاقتصادي ومناخ الاعمال ويعتقد خبراء حاورتهم "الحياة" ان الاستثمار في المغرب مرشح للارتفاع في السنوات المقبلة. وينتظر ان يشكل تخصيص الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات اكبر عملية من نوعها منذ انطلاق البرنامج عام 1993. وتقدر الاستثمارات المتوقعة في هذه المجالات وحدها بنحو خمسة الى ستة بلايين دولار في السنوات المقبلة لرفع معدل الهاتف في المغرب من خمسة الى 16 خطاً لكل مئة شخص. وأعلنت شركة الطرق السيارة ADM استثمار 935 مليون درهم سنة 1999 لانجاز برامج سابقة تشمل ربط مدينتي طنجة وسيدي يماني، والطريق بين الدار البيضاء والجديدة، واستكمال الطريق بين الرباط وفاس. وكانت الشركة استثمرت عام 1998 نحو 1400 مليون درهم في مشاريع طرق تقدم صناديق التنمية العربية في الامارات والكويت قروضاً ميسرة في شأنها. وفازت اخيراً مجموعة "المقاولون العرب" المصرفية بتحالف مع شركة "جي تي آر" الفرنسية المغربية بصفقة بناء مطار جديد في الناضور شرق المغرب بقيمة 25 مليون دولار. ويقول الخبراء ان تحسن الأداء الاقتصادي بين 1991 و1998 ادى الى تعزيز صدقية المغرب في اسواق المال الدولية واستعادة حركة الاستثمارات الاجنبية خصوصاً التي تتم عبر برنامج التخصيص او من خلال بورصة الدار البيضاء. وهكذا زاد اجمالي الناتج القومي الاجمالي بنحو عشرة بلايين دولار في غضون ست سنوات كما تراجع حجم الدين الخارجي من 77 في المئة الى 57 في المئة من اجمالي الناتج. كما ارتفع الناتج غير الزراعي في قطاعات الصناعة والانتاج والخدمات من 21 بليون دولار مطلع التسعينات الى نحو 30 بليون دولار عام 1998. وتقلص التضخم من سبعة في المئة الى ثلاثة في المئة وفي الوقت ذاته انتقلت الاستثمارات الاجنبية من 200 مليون دولار الى 1200 مليون دولار، كما انتقل احتياط النقد الاجنبي الى 4.5 بليون دولار تكفي 3 - 6 اشهر من واردات السلع والخدمات المختلفة. وتراجع في المقابل عجز الموازنة من 5.2 في المئة عام 1995 الى ثلاثة في المئة عام 1998. ورافقت هذا التحسن زيادة دور قطاعات الفوسفات والصيد البحري والطاقة والصناعات التحويلية والسياحة في الاقتصاد المغربي. ولعبت بورصة الدار البيضاء بشكل خاص دوراً في استقطاب الأموال والتوظيفات وقدرت التوظيفات في الاسهم الجديدة للشركات عام 1996 بنحو 900 مليون دولار كما ادى انخفاض الفائدة الى ارتفاع الاقبال على الاسهم وسندات الادخار. ومنذ احداثها عام 1929 عرفت بورصة الدار البيضاء ثلاثة تحولات الأول كان عام 1948 اذ منحت لها الشخصية المعنوية والاستقلال الذاتي. وفي عام 1997 تمت اعادة اقرار تنظيم قانوني وتقني جديد على اساس مؤسسة عمومية. وفي عامي 1993 و1996 استفادت البورصة من تغييرات عميقة في شأن اقامة قواعد وضوابط واجراءات جديدة كان يحتاجها تطوير السوق المالية المغربية التي تستقطب حالياً نحو 48 وفي المئة من مجموع الناتج القومي.