تبارى انصار الحزبين الرئيسيين المحظورين في السودان، "الاتحادي الديموقراطي" بزعامة السيد محمد عثمان الميرغني و"الأمة" بزعامة السيد الصادق المهدي، في العمل العلني وتنظيم ندوات سياسية من دون التقيد بقانون التوالي السياسي الذي يسمح بانشاء احزاب جديدة ويؤطر عملها. وبدأ العمل في قانون التوالي الجمعة الماضي وسيبدأ تسجيل الاحزاب رسمياً بعد غد الأربعاء، لكن الاحزاب المعارضة للقانون لم تعبأ به، فبدأ انتهاك القانون يوم تنفيذه باحتفال نظمه "الاتحادي" لمناسبة الذكرى الپ43 لاستقلال السودان الجمعة رافقه مواجهات مع السلطات التي استخدمت الغاز المسيل للدموع والهروات لتفريق المحتفلين الذين رددوا هتافات معادية لحكومة "الانقاذ". وتبع ذلك تظاهرة السبت في المناسبة نفسها. "الأمة" وقاد "الأمة" امس حملة تعبئة واسعة في الولايات ونظم ندوة مفتوحة لهيئة شؤون الانصار في الكاملين التابعة لولاية النيل الازرق تناولت دور "الانصار" في الحركة الوطنية والاستقلال. وعرض الصديق نجل الصادق المهدي مسيرة الاستقلال، فيما وصف عضو المكتب السياسي لپ"الأمة" الدكتور آدم موسى مادبو وزير الطاقة في الحكومة المنتخبة 86 - 1989، المرحلة الحالية من العمل السياسي بپ"الضبابية" وعدم "وضوح الرؤية"، خصوصاً موقف الحكومة من المعارضة. وقال "ان الوقت ما زال مبكراً لعودة الاحزاب المعروفة". وتباينت المواقف ازاء تفاعلات احتفال الاتحاديين الجمعة الماضي، وما صاحبه من تدخل لقوات الشرطة والطوارئ. ففي اروقة المؤتمر الوطني التنظيم الحاكم اختلفت وجهات النظر. فرأى نائب الأمين العام للمؤتمر الوطني عثمان عبدالقادر عبداللطيف ان المواطنين ارادوا التعبير عن شعور مكبوت منذ عشر سنوات، وانه لا بد ان تطغى عاطفة الابوة والرعاية على سلطات "القوة والقهر". وقال ان الدستور كفل حرية التجمع والتنظيم الا اذا حدث خروج واضطراب وفوضى. وزاد: "وجهة نظري الخاصة انه ما كان ينبغي ان يضيق صدر الحكومة بالرأي الآخر، خصوصاً انها في بداية ممارساتها الديموقراطية وفي يومها الأول ان يضيق صدرها بالرأي الآخر". لكن امين الدائرة السياسية في المؤتمر الوطني محمد الحسن الأمين اعتبر ما حدث خلال احتفالات "الاتحاديين" بمثابة اعلان الحرب على العدالة وسيادة القانون وقال "ان الدولة التي لا تقوم وتطبق القانون ولا تحافظ على الأمن غير جديرة بأن لا تبقى، وان ما اعلنه الرئيس عمر البشير في عيد الاستقلال التصدي بكل حزم لأي محاولة لبث الفوضى ومخالفة القوانين، هو اعلان جاد". وزارة الداخلية وأوضح مصدر رسمي في وزارة الداخلية ان دهم الشرطة مكان الاحتفال الجمعة الماضي حصل لأن بعض المواطنين حاولوا احداث شغب يخل بالأمن مما ادى الى اقفال كل الطرق المؤدية الى منزل الزعيم اسماعيل الازهري حيث جرى الاحتفال "وان الشرطة تصرفت تفادياً لحصول فوضى كانت ستحدث من جراء ازدحام العربات والشغب الكبير الذي كان سيلازم الاخلال بالأمن". يذكر ان المحتفلون رددوا هتافات ضد حكومة "الانقاذ" وضد قانون التوالي وطالبوا باطلاق الحريات والديموقراطية. واستخدمت قوات الشرطة والطوارئ الغاز المسيل للدموع والهروات وتعرض مواطنون الى اصابات بحروق ورضوض وكدمات. البشير والحزب الحاكم وفي الوقت الذي يبدأ تسجيل الأحزاب الأربعاء، يواجه الرئيس عمر البشير رئيس المؤتمر الوطني حظر نشاطه السياسي وفقاً لقانون التوالي السياسي الذي حظر فئات محددة هي قيادات القوات النظامية والخدمة المدنية والقضاة والنيابة والديبلوماسيين، من حق الانتساب الى الأحزاب. وسيراجع مسجل التنظيمات السياسية قوائم المؤسسين لحزب المؤتمر الوطني وسيحذف منه اسماء الشخصيات التي حظرها القانون. وعلمت "الحياة" ان وضع البشير يظل انتقالياً استثنائياً كقائد لثورة الانقاذ والقوات المسلحة حتى نهاية ولايته بعد عامين. ولديه حق الترشيح للرئاسة لولاية ثانية شرط تخليه عن منصبه العسكري. مسجل التنظيمات وأعلن محمد احمد سالم مسجل تنظيمات التوالي السياسي اندرسوم تسجيل كل حزب تحددت بثلاثة ملايين جنيه سوداني لا تعاد الى صاحبها في حال رفض الطلب وتستكمل الى خمسة ملايين لدى تسجيل الحزب، وأشار الى ان سلطاته كمسجل بسيطة ومعقولة مقارنة بصلاحيات مسجل الأحزاب في دول أخرى وأن صلاحياته مقيدة بالقانون ويمكن مراجعة قراراته بواسطة المحكمة الدستورية. وكشف سالم في مؤتمر صحافي، ان باب الطعون سيظل مفتوحاً لمدة 15 يوماً بعد نشر كشوفات المؤسسين للأحزاب في الصحف السياسية، وان من حق أي مواطن الطعن في أي مؤسس حزب بعدما يقدم ما يثبت طعنه. ومن حق المسجل قبول أو رفض الطعن، ومن حق أي مواطن تضرر اللجوء الى المحكمة الدستورية التي تراقب عمل المسجل. "الاتحادي - جناح الهندي" واعلن وزير الصحة في الحكومة المنتخبة 86 - 1989 عضو قيادة "الحزب الاتحادي الديموقراطي" جناح الهندي أحمد بلال ان "لا تراجع عن تسجيل الحزب الاتحادي وفقاً لقانون التوالي السياسي". وأشار الى ان اجراءات تسجيل الحزب تسير "على قدم وساق". وقال عن معارضة مجموعة من قيادات الحزب تسجيل الحزب "ان هؤلاء يتحركون بأجسام داخل السودان ورؤوس خارجه، لذلك لن يصلوا الى ما وصلنا اليه من قناعة بأن خيار الحرب لا يجدي". حزب "حسم" الى ذلك، باشر حزب "الحركة السودانية المركزية" حسم في اجراءات تسجيله وأعد برنامجاً من خلال هيئته التأسيسية الموقتة. ويشمل البرنامج الحرية الانسانية المتكاملة والوحدة الوطنية الدستورية والنمو الاقتصادي الاستراتيجي. وأسس الحزب محمد أبو القاسم حاج حمد. مشار وكشف مصدر رسمي ل "الحياة" ان ترتيبات ومشاورات تجري لتأسيس حزب "حركة استقلال جنوب السودان" سم وهي من الفصائل السبعة الموقعة على اتفاقية الخرطوم للسلام في نيسان ابريل 1997 ويرأسها مساعد رئيس الجمهورية رئيس مجلس التنسيق للجنوب الدكتور رياك مشار. وأضاف المصدر نفسه ان "سم" سيتحالف مع حزب المؤتمر الوطني.