يدخل السودان الألفية المقبلة من بوابة النفط ليكون في حزيران يونيو المقبل من الدول المصدرة لهذه المادة الحيوية، حيث في السودان احتياطي ضخم منه. يقول مهندسو وزارة الطاقة والتعدين ان التفكير في احتمالات وجود نفط في السودان بدأ منذ الحرب العالمية الأولى، وفي عشرينات هذا القرن أوردت شركة انكليزية تقريراً يضعف هذه الاحتمالات، ولذا لم تبذل جهود للتنقيب عن النفط. وحصلت شركة "أجيب" في عام 1959 على امتياز التنقيب في المناطق الساحلية للبحر الأحمر شمال ميناء بورتسودان وقامت بمسح جيولوجي وجيوفزيائي تبعها حفر ست آبار تجريبية أسفرت عن وجود شواهد بترولية غير مشجعة تجارياً، وحصلت شركة "شل" أيضاً على أذن بالتنقيب لمدة خمسة شهور في منطقة الصحراء الشمالية الغربية وفي عام 1967 حصلت شركة "دقنة" للبترول وهي شركة سودانية - كويتية - اميركية على 14 ترخصياً للتنقيب في مساحة 11200 كلم مربع على شواطئ البحر الأحمر، وحصلت شركة "كونتننتال" الأميركية للبترول على تراخيص لعمل مسوح جوية في الصحراء الشمالية - الغربية. وبدأت العمل في عام 1968 على مساحة 40 ألف ميل مربع تقع بين خطي عرض 17 و22 وخطي 24 و28. وفي عام 1972 صدر قانون الثروة النفطية ودخل السودان مرحلة نشاط ملموس في مناطق جنوب دارفور وكردفان وأعالي النيل والبحر الأحمر. وفي عام 1975 تم توقيع اتفاق مع شركة "شيفرون" للتنقيب عن النفط في مناطق جنوب وغرب السودان وتمكنت الشركة من اكتشاف بئر أبو جابرة 1 وجذب ذلك الاكتشاف شركات عدة، وتم توقيع اتفاق مع شركة "توتال" الفرنسية للتنقيب في البحر الأحمر واخرى مع شركة تكساس في منطقة شمال البحر الأحمر، واخرى مع مجموعة "تكساس ايسترن" و"برما" في دلتا طوكر، واتفاق مع شركة "توتال" الفرنسية ومؤسسة الطاقة الدولية و"المؤسسة العامة للبترول السودانية" للتنقيب عن النفط في جنوب السودان. وفي عام 1981 تم التعاقد مع شركة "فيليبس" للتنقيب في المنطقة الواقعة بين أم درمان ودنقلا على مساحة 120 كليومتراً مربعاً، وكانت النتائج مشجعة بوجود كميات كبيرة في منطقتي المجلد وبانتيو، وطرح في منتصف 1980 أولى الخيارات، مصفاة صغيرة بطاقة 1500 برميل يومياً، ووضعت الدراسات لمصفاة "كوستي" بطاقة تقدر بعشرة الاف برميل يومياً وتقرر آنذاك انشاء مصفاة تبلغ طاقتها 25 ألف برميل في اليوم، وانشاء خط لتصدير النفط من حقوله عن طريق ميناء بورتسودان على البحر الأحمر. ولم تسر عمليات تنفيذ الخطط والاتفاقات وفقاً لما هو مخطط له لأسباب سياسية، وتعرقلت خطط التنقيب وبدأت "شيفرون" تتوقف عن نشاطها وصفت أعمالها وتنازلت عن حقوقها في مناطق أبوجابرة، وبعد ذلك دخلت شركة "ستيت بتروليوم" وقبلها اشترت شركة "كونكورب" السودانية اسهم "شيفرون". وتحقق تقدم حاسم باتجاه انتاج النفط بكميات تجارية. الانقاذ والنفط في 5 حزيران يونيو 1996 دشن الرئيس السوداني عمر أحمد حسن البشير البداية الفعلية لانتاج النفط من حقل هجليج الذي يتكون من ثمانية آبار تضخ عشرة آلاف برميل يومياً وتمثل المرحلة الأولى في ضخ النفط من حقل هجليج لتغذية مصفاة الأبيض. وفي المرحلة الثانية رفع الانتاج الى 25 ألف برميل يومياً. وهناك حقول أخرى في ولاية الوحدة تنتج 40 ألف برميل يومياً اضافة الى حقول لم تدخل المرحلة الأولى من الانتاج التجاري، ويصل الاحتياط الكلي النفطي المكتشف الى 550 مليون برميل في حقول هجليج والاحتياطي الموازي لعمليات الانتاج يتراوح بين 20 في المئة و25 في المئة من الاحتياطي الكلي. المصفاة والخطوط تم التوقيع على اتفاق انشاء خط الانابيب مع شركات "الكونسورتيوم" في آذار مارس 1997، ويبلغ طول الخط من حقول الانتاج في هجليج مروراً بمصفاتي الأبيض والخرطوم وحتى ميناء بشائر جنوببورتسودان 1610 كليومترات. وسعة الخط 150 ألف برميل يومياً في المرحلة الأولى وستصل الى 250 ألف برميل يومياً سنة 2000، ويكلف المشروع نحو 600 مليون دولار ينقسم الى ثلاثة مراحل وتنفذه شركات صينية وارجنتينية وبريطانية وماليزية. وبدأ العمل التنفيذي لعمليات تغليف الأنابيب في مصنعي التغليف بسنكات في نيسان ابريل 1997 وينتهي العمل في خطوط انابيب النفط في حزيران يونيو 1999. وتعتبر "شركة مصفاة الخرطوم" شراكة بين وزارة الطاقة والتعدين السودانية والهيئة الوطنية للنفط، وتم التوقيع على انشاء المصفاة في آذار 1997 وتبلغ الطاقة التصميمية لها 2.5 مليون طن سنوياً. وتقع مصفاة ابو خريس شمال مدينة الأبيض على بعد 10 كلم، على طريق خط أنابيب وخط مدينة بارا، وهي حلقة وصل بين آبار النفط ومدينة الأبيض سعتها 10 الاف برميل، فيما تبلغ مساحة مصفاة ابو جابرة نحو 2000 برميل. اتفاقات النفط تضمن اتفاقات النفط مع الشركات العاملة في السودان شروط عدة، لكنها تختلف من شركة الى أخرى حسب الظرف والمكان ويتم تقسيم الانتاج مع الحكومة السودانية بنسب تختلف من اتفاق الى آخر حسب ظروف الشركة ونوعية موقع الحقول والكميات المكتشفة والأوضاع الاقتصادية للدولة وتتلخص معظم اتفاقات حكومة السودان التي وقعتها مع الشركات الاجنبية العاملة في مجال النفط في الآتي: 1- تتحمل الشركة دفع ايجار عن المساحة التي خصصت لها للتنقيب فيها كما أنها تدفع منحة للدولة عن توقيع العقد يتفق عليها الطرفان. 2- تتحمل الشركة تقديم كثير من الخدمات الاجتماعية كانشاء المستشفيات وحفر آبار الماء في المناطق التي تعمل بها. 3- تخصص الشركة موازنة لتدريب العاملين السودانيين في الشركة داخل وخارج السودان لرفع كفاءتهم. 4- جميع الالتزامات المالية نحو الشركة نص عليها الاتفاق وحددت المبالغ وجدولة دفعها. 5- عندما تصل الشركة الى مرحلة الانتاج تبدأ في استعادة مصاريفها ما عدا مصاريف الخدمات الاجتماعية، التي صرفت خلال مرحلة الاستكشاف بنسبة من الانتاج الكلي السنوي من النفط والغاز تتراوح بين 30 و40 في المئة وقد تزيد وتنقص هذه النسبة وتسمى بپ"زيت التكلفة". اما النفط المتبقي من الانتاج الكلي، بعدما تأخذ الشركة زيت التكلفة، يقسم بين الحكومة والشركة بمتوسط 70 في المئة للسودان و30 في المئة للشركة تقريباً قابلة للزيادة أو النقصان. وبزيادة الانتاج ومرور الزمن تزيد نسبة الحكومة منه وتقل نسبة الشركة تدريجاً حتى تصل الى مرحلة يملك السودان الانتاج بنسبة 100 في المئة وتحدد الفترة الزمنية لتقاسم الانتاج بين 20 و30 سنة، حسب ظروف الاتفاق. 6- تم تأمين الموافقة الاستراتيجة للنفط بواسطة شركة شيكان للتأمين وبمشاركة شركات اعادة التأمين السودانية. وتم التأمين على مصفاة النفط في بورتسودان بمبلغ 55 بليون جنيه و8 بلايين جنيه للنفط الخام و4 بلايين للتأمين على حقل شارق والمجلد، ويتوقع ان ترتفع نسبة التأمين عن الارقام السابقة لأعوام 94 - 1996 .