حذّر الرئيس الأميركي من أن قناني الشمبانيا في ليلة رأس سنة 2000 لن تعالج المشكلة، وأصدرت حكومة بلاده تشريعات تحث الشركات على التعاون في ايجاد حلول لها، وسخرت الصحافة البريطانية من اعلان المؤسسات الرسمية عن شراء دراجات هوائية استعداداً للطوارئ التي قد تسببها، وأجرت بورصة نيويورك تمارين على مواجهتها. هذه بعض ردود الأفعال على "البقة الألفية"، التي يتوقع أن يسببها ارتباك أو شلل أجهزة الكومبيوتر في العام 2000. ويقدر أن تفوق خسائرها، التي تقدر ما بين 300 و600 بليون دولار جميع كوارث القرن العشرين، بما في ذلك حرب الخليج . لكن ليس كل شخص مقتنعاً بخطورتها. بعض الخبراء المرموقين يسخرون من التوقعات المتشائمة ويؤكدون أن أجهزة الكومبيوتر برهنت على أنها قادرة على مواجهة أنواع المواقف المعقدة. "البقة الألفية" يطلق اسم "البقة الألفية" على مشكلة عجز أجهزة الكومبيوتر عن قراءة التواريخ عند بدء الألفية الثالثة للميلاد عام 2000. يعود العجز الى اقتصار معظم أجهزة الكومبيوتر على حساب الرقمين الأخيرين فقط من كل سنة، وذلك للاقتصاد في حيز ذاكرة الجهاز، باعتبار أن رقمي 9 و1 يتكرران كل عام. ويتوقع أن يؤدي ذلك الى خطأ أجهزة الكومبيوتر أو شللها كلية. ويلخص اعلان رسمي للحكومة البريطانية احتل صفحة بكاملها في الصحف اليومية المشاكل التي قد تسببها البقة"وهي التالية: - عطل الأجهزة الألكترونية التي تستخدم في التجارة والصناعة والخدمات، - تلف قواعد المعطيات والأنظمة التي تعتمد عليها الشركات في تنظيم الطلبيات وقوائم الدفع وجداول الاجور والمرتبات، - انهيار معدات الاضاءة والتكييف والمصاعد وأنظمة الأمن في البنايات، - شلل الآلات وأجهزة النقل وأنظمة تجهيزات الشركات والأعمال. الكومبيوتر والنفط وحذر إدوارد يارديني رئيس الاقتصاديين في المؤسسة المالية الألمانية "دويتشه بنك سكيوريتيز" من أن أجهزة الكومبيوتر تعادل النفط في أهميتها لتشغيل الاقتصاد القومي. وتوقع يارديني أن تحدث "البقة" لاقتصاد الولاياتالمتحدة أزمة مماثلة لأزمة رفع أسعار النفط في عامي 1973 و1974. وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن خبراء كثيرين يشاركون يارديني تشاؤمه. وتراوح السيناريوات المتشائمة التي يرسمونها ما بين تأخر مواعيد الطيران وعطل خدمات الهاتف وأنظمة المرور، وحتى انهيار شبكات الطاقة الكهربائية وتوقف آلات الدفع المصرفية وتأخر المرتبات وافلاس مئات الأعمال وتوقف أجهزة رصد القلب ومعظم الأجهزة الطبية التي تعتمد على الوقت في عملها. من المصارف الى الدواجن وتثير مشكلة "البقة الألفية" قلق أوساط الأعمال وتدفع عدداً من الشركات الغربية الى تخصيص قوة عمل اضافية لمراجعة آلاف وأحياناً ملايين السطور المشفرة المستخدمة في أجهزة الكومبيوتر الكبيرة التي تستخدمها. وتعمد المطارات الدولية الى فحص كل قطعة في المعدات الألكترونية التي تستخدمها من الأجهزة البسيطة لتشغيل أحزمة الحقائب الى كاميرات التصوير الأمنية التي ترصد الحركة في جميع الصالات والمرافق والممرات. ويتكرر المشهد نفسه في معظم الأعمال والادارات الحكومية، من المصارف العملاقة الى حقول تربية الدواجن. وبسبب قلة الوقت المتبقي قبل حلول عام 2000 فان كثيراً من الشركات فرّغت موظفين لها، أو استأجرت استشاريين ومهندسين لفحص أجهزتها وخصصت ملايين الدولارات لاصلاحها أو شراء معدات جديدة بدلاً منها. مشكلة السرية لكن ليس كل شخص مقتنعاً بخطورة الموقف، حسب تقدير صحيفة "واشنطن بوست"، التي ذكرت أن البعض يرفض التوقعات المتشائمة. ويعتقد بعض الاختصاصيين أن أجهزة الكومبيوتر معدّة بصورة جيدة لمواجهة المواقف المعقدة. وحتى في حال حدوث عطل في بعض الأعمال الصغيرة فان ذلك لن يؤدي الى تباطؤ وركود اقتصادي. وذكرت شركة التأمينات العملاقة "ميريل لينش" Merrill Lynch & Co. أن الشركات واجهت دائماً مشاكل، مثل عطل القوة الكهربائية، أو توقف خطوط المعلومات الفورية. ولا يتوقع أن تتعرض المعدات الألكترونية الاستهلاكية لمشكلة "البقة الألفية". ولن تتأثر معظم برامج الكومبيوتر الشخصي بالمشكلة، ويمكن تبديل بعضها الذي يواجه مشاكل ببرامج اخرى جديدة توفرها الشركات المصنعة مجاناً على شبكة الانترنت. وحتى بالنسبة لأجهزة الكومبيوتر الكبيرة القديمة فان اصلاح شيفراتها ليس مشكلة معقدة. ويذكر خبراء التكنولوجيا أن أقل من 2 في المئة فقط من شرائح الكومبيوتر تملك مشاكل متعلقة بالتواريخ. لكن "واشنطن بوست" تشير الى أن تشخيص الشرائح المعرضة للخطأ ليس مهمة سهلة، وتذكر أن 7 بلايين شريحة جهزت في العام الماضي فقط. ويعقد المشكلة سرية عمل الشركات والأعمال التي ترفض تبادل الاستشارات الفنية بين بعضها البعض. وتعتبر بعض الشركات مشكلة "البقة الألفية" فرصة لكسب مواقع ضد منافسيها. وقد أصدرت الحكومة الأميركية تشريعات تحث الأعمال على التعاون في ما بينها لعلاج المشكلة.