"مشكلة انظمة الكومبيوتر السنة 2000" عنوان مؤتمر عُقد في بيروت شارك فيه 150 فنياً يمثلون مؤسسات وشركات في لبنان ودول عربية وخبراء دوليون في مجال الكومبيوتر. وناقش المشاركون على مدى يومين "مشكلة السنة 2000" التي ستظهر بعد 31 كانون الاول ديسمبر 1999، اذ ان الآلاف من نظم الكومبيوتر القديمة ستكون عاجزة عن تميّز هذا التاريخ. وتتلخص المشكلة في ان الكومبيوتر يقرأ فقط الرقمين الاخيرين من التاريخ اي 99 بدلاً من 1999 وصفرين بدلاً من 2000 على ان معظم هذه النظم ستقرأ الرقم صفرين على اساس 1900. ووضع المؤتمر الذي نظمته مجلة "الاقتصاد والاعمال" بالاشتراك مع "البنك السعودي - الاميركي" السعودية وبنك البحر المتوسط لبنان توصيات على مستوى المشكلة وأكد انها "خطيرة، كون آثارها تطاول كل الدول والقطاعات وتتفاوت انعكاساتها الخطيرة بين توقف عمل الاجهزة او اعطاء المعلومات الخاطئة وانهيار الكثير من الخدمات". وأوصى المؤتمر ب "تكثيف جهود القطاعين العام والخاص للتصدي لهذه المشكلة التي لا يمكن تأجيل استحقاقها". وعلى مستوى المعالجة، دعا المؤتمر الى "تأسيس لجان وطنية في الدول العربية كما حصل في المملكة العربية السعودية، ترعى الجهود والتنسيق بين الجهات لإيجاد افضل الحلول وبأقل كلفة، وبالتالي تشكيل لجان قطاعية لإجراء المسوحات وتحديد حجم المشكلة لاعتماد الاولويات في المعالجة". وطلب من "الجهات الرقابية اعداد برنامج زمني محدد للخطوات الواجب اتخاذها وتكليف المدققين الخارجيين للتدقيق في اوضاع المؤسسات واجراء الاختبارات اللازمة على ان تنجز هذه الاعمال في مدة اقصاها منتصف عام 1999". وعلى المستوى المالي، ونظراً الى "التكاليف العالية للحلول المطلوبة" دعا المؤتمر في توصياته الحكومات والمؤسسات الى "رصد الاعتمادات المالية منذ الآن وتوفير الآلية التي تمكن من تقديم الدعم المالي او الفني لبعض المؤسسات غير القادرة على مواجهة المشكلة بمفردها". وعلى المستوى الاعلامي، اوصى "بتكثيف برامج التوعية لحجم المشكلة وآثارها عبر وسائل الاعلام المختلفة والندوات والمؤتمرات". وتحدث وزير الدولة لشؤون الاصلاح الاداري اللبناني بشارة مرهج راعي المؤتمر في جلسة الافتتاح، وأشار الى ان "مصادر لجنة الرقابة على المصارف في مصرف لبنان التي بدأت منذ مدة مسحاً لجهود المصارف اللبنانية تشير الى ان معظم المؤسسات المصرفية اما اعتمدت حلولاً واما انها في الطريق الى انجاز ذلك. وان البقية القليلة تعد للخروج من المأزق وكذلك شركات التأمين وهما قطاعان متأثران مباشرة بالمأزق". 8 آلاف جهاز سنوياً وقال مرهج: "تفيد الاحصاءات المتوافرة ان ثمانية آلاف جهاز كومبيوتر شخصي تباع في لبنان سنوياً ونسبة كبيرة من هذه الاجهزة هي لمستخدمين شخصيين في المنازل او المكاتب وهو القطاع الاقل تأثراً بالمأزق. الا ان نسبة اكبر تذهب لاستخدام هذه الشركات والمؤسسات والمصانع الصغيرة، اعتمدت المكننة بأقل كلفة واشترت برامج محاسبية وادارية جاهزة او لجأت الى مبرمجين وهذا القطاع هو الاكثر تأثراً لغياب وعي المشكلة - المأزق او لانعدام القدرة على اعتماد الحلول". واعتبر ان المأزق يتخطى الحلول التقنية والخطر يتهدد الاقتصاد الوطني وشرائح المجتمع ما يلزم الدولة ان تضطلع بدور ما. وقال: "ادرك محدودية قدرة الدولة في هذا المجال فهي لا تستطيع ان تراقب عملية الزام المؤسسات التجارية لكنها تستطيع ان تؤدي دوراً بشقين الأول تشكيل لجنة وطنية عليا مشتركة بين القطاعين العام والخاص، لدرس المأزق واقتراح حلول شاملة قابلة للتطبيق من المؤسسات الصغيرة ومساعدتها، واطلاق حملة توعية وطنية شاملة الامد لأخطار هذا المأزق وتأثيراته في مستقبل الاقتصاد والناس في لبنان". وعرض النائب الاول لحاكم مصرف لبنان ناصر السعيدي حجم المشكلة محدداً القطاعات التي تطاولها. وتحدث عن احتمال ان تخسر اسواق الاسهم المالية الدولية مبالغ ضخمة عندما يدرس المستثمرون الاخطار الحقيقية للاعطال التي يمكن ان تصاب بها اجهزة الكومبيوتر في السنة 2000". ونقل توقعات المحللين الماليين بأن تصاب اسواق الاسهم بخضة عندما تتضح لها الكلفة الحقيقية اللازمة للمعالجة. وتناول السعيدي الاخطار الناتجة عن مشكلة السنة 2000 التي ستبرز في وقت واحد في كل المؤسسات والدول، ولا يمكن ظهور عناصرها لأن النتائج تترجح بين توقف عمل الاجهزة واصدار معلومات خاطئة. وأعلن ان مصرف لبنان سلّط الضوء منذ مدة على حجم المشكلة وحضر بواسطة لجنة التقنيات المصرفية استمارة من 60 سؤالاً وجهت الى المصارف والمؤسسات المالية وأبرزت نتائجها عن جهوزية هذه المؤسسات في لبنان، ان 35 في المئة من اجهزة الكومبيوتر تخزّن التاريخ على اساس YY2digits للسنة، و22 في المئة منها تخزن "19" كرمز ثابت لحقل السنة في التاريخ، وبالنسبة الى الانظمة التشغيلية تبين ان 41 في المئة منها تتعاطى على اساس YY2digits لحقل السنة في التاريخ. اما البرامج التطبيقية في المصارف والمؤسسات المالية فأظهرت النتائج ان "49 في المئة منها تخزن السنة في التاريخ على اساس YY و17 في المئة منها تتضمن رمزاً ثابتاً للرقم "19" ضمن حقل السنة، و47 في المئة منها تستخدم ترميزاً موحداً ابجدياً رقمياً يساعد على الدلالة الى مواقع حقل التاريخ في البرامج و4 في المئة تستخدم التاريخ جزءاً من الاسم او رقم الحساب. وفي استخدام البرامج الخاصة لمسح حقول التاريخ وتغييرها اظهر التقرير الاحصائي الذي عرضه السعيدي ان 20 في المئة من المصارف والمؤسسات المالية حاولت استخدام البرامج الخاصة لمسح حقول التاريخ وتغييرها، و6 في المئة منها لم تنجح في استخدام البرامج الخاصة. وفي تحديد حجم التعديلات المطلوبة تبين ان 30 في المئة من المصارف والمؤسسات المالية استعانت بخبراء وشركات متخصصة في هذا المجال، و55 في المئة منها حددت حجم التعديلات المطلوبة لمشكلة السنة 2000. ورأى السعيدي ان الخطر لا يقتصر على المصارف والمؤسسات المالية، وكل جهاز مبرمج لقراءة السنين تبعاً للرقمين الاخيرين مهدد بالخلل والارباك وكذلك الاجهزة التي تحوي شرائح كومبيوترية بساعات داخلية معتبراً انها ورشة تمتد من المنزل الى المكاتب الى المطارات وأنظمة الملاحة والطيران وغيرها. وتناول السعيدي خطوات وحلولاً اولية تقضي بمراجعة العقود القديمة بالتأكد من الشروط في شأن مسؤولية شركات الكومبيوتر في حل المشكلة والعقود الجديدة بالتأكد من ادراج المواد الضرورية فيها في ما يتعلق بالتزام المؤسسات تسليم الاجهزة والبرامج المصممة لتلافي المشكلة. اما الحلول فهي في تلزيم الحل لشركات متخصصة والغاء العقود القديمة والتفاوض على عقود جديدة. وعلى المؤسسات المعنية انشاء فريق عمل للعام 2000 وتخصيص المبالغ الكافية وتأمين العناصر المؤهلين واجراء مسح شامل وتحديد المدة الزمنية لإنهاء العمل قبل حزيران يونيو 1999. وحدد مدداً زمنية لكل خطوة متحدثاً عن نتائج عدم انجاز التدابير اللازمة وعارضاً خطوات يحضر لها مصرف لبنان. وقال نائب رئيس تحرير مجلة "الاقتصاد والاعمال" فيصل أبو زكي ان العامل الاهم في حل المشكلة هو الوقت. واعتبر ان هناك تفاوتاً بين حجم المشكلة والمهارات المتوافرة متوقعاً ان ينجم عنه أمران: الاول ارتفاع كبير في كلفة الحلول والثاني احتمال ان يصرف الفنيون اهتمامهم للمؤسسات الكبيرة القادرة على توفير العقود السخية لهم. ولفت الى ان الدول العربية قد تحتاج قبل السنة 2000 الى تخصيص مبالغ تتفاوت بين 500 و700 مليون دولار لمعالجة المشكلة.