بدا أمس ان المشروع الأميركي - البريطاني لمحاكمة المتهمين الليبيين في قضية لوكربي أمام محكمة اسكتلندية في هولندا يواجه مزيداً من التعقيدات. إذ شكك رئيس طاقم الدفاع عن المتهمين المحامي الليبي ابراهيم الغويل أمس في إمكان حصول موكليه على "محاكمة عادلة" في هولندا إذا اُقيمت المحاكمة وفق اقتراح واشنطن ولندن في هذا الشأن. وجاء كلام الغويل بعد رفض الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، في خطاب القاه ليل السبت - الأحد في طرابلس، اقتراح الدولتين الغربيتين في شأن مكان المحاكمة وشروطها. وقال الغويل في إتصال هاتفي اجرته معه "الحياة" من القاهرة، إن اتفاق بريطانياوهولندا بخصوص اجراءات المحاكمة "لا يعدو كونه نقلاً للمحكمة الاسكتلندية الى منطقة أو قرية في هولندا". وقال ان هذا الاتفاق ليس كافياً لنقل الليبيين الأمين خليفة فحيمة وعبد الباسط المقراحي الى هولندا لمحاكمتهما فيها. واضاف أنه تلقى نسخة من الاتفاق الهولندي - البريطاني بخصوص نقل المحكمة. وقال: إن "هذا الاتفاق ليس كافياً لضمان محاكمة عادلة لليبيين. وهناك نقاط عدة يجب استيضاحها قبيل حسم مسألة نقل المشتبه فيهما". واعترض الغويل أيضاً على أن يكون جميع قضاة المحكمة اسكتلنديين. ودعا الى أن يكون رئيس المحكمة من القضاة الاسكتلنديين، على أن يكون القضاة الأربعة الأخرون قضاة دوليين يُشهد لهم بالكفاءة والنزاهة وأن يحظوا بموافقة الجانبين. ونقلت وكالة اسوشيتد برس أيضاً عن الغويل ادلاءه بتصريحات مشابهة لصحافيين مصريين. إذ نُقل عنه ان إجراء المحاكمة تحت اشراف القضاة الاسكوتلنديين "يثير إمكانات فقدان الحياد وتحقق العدالة، وهو ما يجب ان يتحقق تحت أنظار الأسرة الدولية". وأضاف: "إن مثل هذه المحاكمة هي مجرد عملية لنقل المحكمة من مدينة اسكوتلندية الى ضاحية من ضواحي لاهاي في هولندا". ورفض أن يتم الفصل بين طاقم الدفاع والمشتبه فيهما خلال فترة نظر القضية وحرمان المواطنين من الاتصال باسرتيهما وحقوقهما الاجتماعية والانسانية. ودعا المحامي الليبي الى تعديل قرار مجلس الأمن الرقم 1192 الذي أُقر قبل نحو اسبوعين بناء على مشروع أميركي - بريطاني ينص على رفع العقوبات عن ليبيا فور تسليمها مواطنيها الى هولندا. وطالب باستبدال عبارة "النقل الجسدي للمتهمين الليبيين" الواردة في نصّ القرار، على أساس ان استخدام هذا اللفظ "غير مناسب" لأن موكليه، في نظره، "بريئان ويسعيان الى محاكمة عادلة وفق قواعد القانون الدولي وأسسه". واستغرب الغويل عدم مبادرة السلطات الهولندية الى إجراء اتصالات مع الحكومة الليبية للاتفاق على انتقال موكليه الى هولندا. وابدى مخاوف من أن تسلّم هولندا الرجلين الى بريطانيا وفق الاتفاقية الأوروبية لتسليم المطلوبين. وأكد أن قبول بريطانيا والولايات المتحدة اقتراح المحاكمة في دولة ثالثة "يُعد خطوة نحو المحاكمة العادلة التي تطالب بها ليبيا منذ بداية الأزمة"، مشيراً الى أن طاقم الدفاع عن الليبيين سيعقد اجتماعاً في غضون يومين في العاصمة الليبية. وسيشارك فيه من الجانب المصري المحاميان رجائي عطية وشريف بسيوني اللذان اختيرا خلفاً لوزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور مفيد شهاب ونقيب المحامين الراحل أحمد الخواجة. الى ذلك، ألتقى الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد أمس السفير الأميركي لدى مصر دانيال كيرتزر بناء على طلب الأخير، فيما بحث الأمين العام المساعد في الجامعة السفير أحمد عادل والسفير الروسي في القاهرة فلاديمير جودييف في نتائج الزيارة التي قام بها وفد الجامعة العربية أخيراً الى ليبيا. وقالت مصادر في الجامعة ل "الحياة" ان عبدالمجيد أبلغ السفير الأميركي إن الليبيين فحيمة والمقرحي "ليسا رسائل يتم تسليمها"، وان "من حقهما ضمان توافر محاكمة عادلة لهما واحترام حقوقهما كمواطنين ليبيين". واعتبرت العرض الأميركي- البريطاني بخصوص المحاكمة في هولندا "ملغوماً" لأنه لا يتضمن "ضمانات" في شأن إجراءات المحاكمة. وكشفت أن عبدالمجيد بصدد إجراء اتصالات مع الأمين العام لمنظمة الوحدة الافريقية سالم أحمد سالم لبلورة "موقف مشترك" بخصوص تطورات لوكربي وصياغة رسالة مشتركة الى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان. وأكدت المصادر ضرورة قيام كوفي أنان بدور في إنهاء الأزمة، مشيرة إلى أن قرار مجلس الأمن 1192 يخوله القيام بهذا الدور. ونقلت اسوشيتد برس عن عبدالمجيد تصريحه بعد الاجتماع مع السفير الأميركي ان من حق ليبيا طلب "ضمانات" قبل تسليم المتهمين. وأضاف للصحافيين "انها مطالب عادلة وتعكس مرونة الموقف الليبي". أما السفير الأميركي فقال ان على ليبيا تسليم المتهمين للمحاكمة وفق الاقتراح الأميركي - البريطاني الذي قُدّم الى مجلس الأمن. في غضون ذلك أطلع الأمين العام المساعد للجامعة السفير الروسي لدى مصر على نتائج زيارة وفد الجامعة الى ليبيا. وقالت مصادر الجامعة ان السفير الروسي ساند موقف ليبيا بخصوص طلبها "ضمانات كافية" قبل انتقالهما الى هولندا.