رحّب وزير الخارجية البريطاني روبن كوك أمس بإعلان ليبيا انها ستتعامل ب "ايجابية" مع اقتراح واشنطنولندن محاكمة المتهمين الليبيين في قضية لوكربي أمام محكمة إسكتلندية في لاهاي. لكن ديبلوماسيين ومحامين في طرابلس قالوا ان ليبيا، على رغم ترحيبها بقبول الولاياتالمتحدة وبريطانيا محاكمة المتهمين في هولندا، لا تزال تريد مزيداً من التفاصيل في شأن طريقة تسليم مواطنيها والضمانات المقدّمة لهما. وقال مصدر ديبلوماسي كبير ان الليبيين يريدون ان يجلسوا مع البريطانيين والأميركيين للبحث في إجراءات المحاكمة. ومعلوم ان واشنطنولندن قالتا عندما قدمتا مبادرتهما الإثنين في شأن مكان المحاكمة، ان المبادرة غير قابلة للتفاوض وانها من نوع "خذه او اتركه". وقال الوزير كوك في مقابلة أمس مع الاذاعة البريطانية راديو - 4 انه يعتبر الاعلان الليبي الذي صدر ليل اول من امس "الأكثر ايجابية" منذ بدء الأزمة مع طرابلس قبل سبع سنوات. لكنه أضاف انه لن يعتبر ان اقتراح بلاده والولاياتالمتحدة محاكمة المتهمين عبدالباسط المقراحي والأمين خليفة فحيمة مقبولاً من ليبيا حتى يتم تسليمهما الى هولندا تمهيداً لبدء المحاكمة. وأضاف انه يعتبر موقف طرابلس مؤشراً ايجابياً يسمح بتشجيع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان على أن يبدأ "اجراءات تسلّم" الرجلين. وقال ان الحكومة الليبية يجب ان تسلّم المتهمين الى سلطات هولندا التي ستجري المحاكمة على أرضها، على ان يُسلّما بعد ذلك الى "المحكمة الإسكوتلندية" التي ستُقام في لاهاي. وقال انه يوّد ان تفهم ليبيا انها اذا ارادت ان تُرفع العقوبات عليها، فإن لندنوواشنطن تريدان ان "تتحقق العدالة" وتُجرى المحاكمة للمتهمين. وقال ان رفع العقوبات يتحقق بتسليم الرجلين، لكن اذا لم يتحقق ذلك فإن العقوبات التي يفرضها على طرابلس مجلس الأمن "ستبقى وستنال دعماً دولياً أكبر". وفي القاهرة، تلقى الرئيس حسني مبارك رسالة جوابية من الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي رداً على رسالة كان نقلها اليه مستشاره السياسي الدكتور اسامة الباز اول من امس. وتتعلق الرسالتان بتطورات قضية لوكربي. وعلم ان القذافي شدد خلال لقائه والباز على ضرورة وجود "ضمانات دولية" في حال قبول المتهمين "طوعاً" تسليم نفسيهما وقبول السلطات الليبية تنفيذ رغبتهما. ووصف مصدر مصري مسؤول في تصريح الىپ"الحياة" قبول ليبيا العرض الاميركي - البريطاني الخاص بمكان المحاكمة بانه "ايجابي". وأكد دعم القاهرة الموقف الليبي، مشيراً الى اتصالات جرت بين بلاده والاطراف المعنية بالقضية. وأمل ب "بدء العد العكسي لإغلاق هذا الملف، ورفع العقوبات المفروضة على طرابلس" منذ 1992. واكد المصدر ضرورة "عقد اجتماع تشاوري بين ممثلين للاطراف المعنية طرابلسولندن وواشنط للجلوس معاً للاستعداد والتعاطي مع هذا الملف". وأعرب الامين العام للجامعة العربية الدكتور عصمت عبدالمجيد، الموجود حالياً في بيروت، عن "سعادة بالغة" لقبول ليبيا العرض الأميركي البريطاني. ونقلت "وكالة انباء الشرق الاوسط" المصرية عنه ان موقف ليبيا "خطوة مهمة على طريق الحل ... وقرار القبول تأسس على الحق والشرعية ويتسم بالمرونة والاستعداد الكاملين لحل المشكلة". وأكد عبدالمجيد انه "كان يتوقع قبول ليبيا"، معرباً عن استعداد الجامعة للقيام بأي "دور يُطلب منها". طرابلس ونقلت وكالة "رويترز" امس عن ديبلوماسيين ومحامين مقرهم في طرابلس ان ليبيا تريد مزيداً من التفاصيل من الولاياتالمتحدة وبريطانيا في شأن اقتراح محاكمة الليبيين في هولندا. وقال ديبلوماسي كبير ل "رويترز": "فهمت من المسؤولين الليبيين ان مبدأ اجراء محاكمة في بلد محايد وفق القانون الاسكتلندي مقبول لأنه، بحسب ما قالوا، مبادرة ليبيا". وأضاف: "لكنهم قالوا ان هناك حاجة لاتفاق على مزيد من التفاصيل. ومن غير الواضح ما هي شروطهم ... لكنني أفهم انهم يريدون الجلوس مع الاميركيين والبريطانيين للبحث في هذه الامور". وأردف ان السلطات الليبية ربما تريد أيضاً مواصلة الاتصالات من خلال أنان والجامعة العربية. وينفي المتهمان المقراحي وفحيمة أي ضلوع لهما في تفجير الطائرة التابعة لشركة "بان اميركان" عام 1988 فوق بلدة لوكربي اسكتلندا والذي قتل فيه 270 شخصاً. وقال ابراهيم الغويل المحامي الليبي عن الرجلين ل "رويترز" انه لا يمكن تسليم الرجلين للمحاكمة رغماً عن ارادتهما. وأضاف: "لا يوجد الزام بتسليمهما بالنظر الى القانون الليبي والقانون الدولي ... الخطوة المقبلة ستكون درس المسألة بعناية واتخاذ موقف من وجهة نظر قانونية خلال اجتماع فريق الدفاع الاسبوع المقبل". واشنطن وفي واشنطن، قالت وزارة الخارجية الأميركية ان رد ليبيا لم يصل الى حد الانصياع الى قرارات مجلس الامن. وقال المتحدث باسم الوزارة جيمس فولي ان البيان الليبي "لم يذكر تحديداً ان ليبيا مستعدة لتسليم المشتبه فيهما فوراً للمحاكمة وهو ما تطالبها به قرارات مجلس الامن" ورحب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي أمس بالخطوات الرامية لاجراء المحاكمة في هولندا. وقال انه يأمل بأن تؤدي الى رفع العقوبات التي فرضتها الاممالمتحدة على ليبيا منذ 1992. وقال بن علي امام المؤتمر السنوي للديبلوماسيين التونسيين انه لاحظ برضا التطورات الايجابية في قضية لوكربي من جانب كل الاطراف. وفي لاهاي أ ف ب، علم أمس من مصدر ديبلوماسي ان محاكمة المتهمين الليبيين في اعتداء لوكربي يمكن ان تتم في مكان آخر من هولندا غير لاهاي. واضاف ان هولندا اختارت حتى الآن ثلاثة اماكن لاجراء هذه المحاكمة ليست لاهاي من بينها. لكن الناطق باسم وزارة الخارجية الهولندية بيتر موليما رفض تأكيد هذه المعلومات