أعرب محامون عرب وشخصيات من الجالية العربية في بريطانيا عن قلق عميق من قانون جديد لمكافحة الارهاب أقرّه مجلس العموم أمس، وحذروا من أثره السلبي على الجالية خصوصاً الناشطين سياسياً من افرادها. وكان المجلس بدأ جلسة طارئة لمناقشة مشروع القانون مساء أول من أمس، وصوت في ساعة مبكرة من صباح امس بغالبية 229 صوتاً لمصلحة القانون مقابل 88 صوتاً. وكان من بين المعارضين 16 نائباً من حزب العمال الحاكم، بينهم آن كلويد المعروفة بدعمها للهيئات العراقية المعارضة والنائب اليساري المخضرم توني بين. ومن بين ما يحدده القانون كجريمة التآمر في بريطانيا لارتكاب عمليات ارهابية "أو غيرها من المخالفات الخطيرة" في بلد اجنبي. ويعرّف "المخالفة الخطيرة" بأنها المخالفة التي تحظرها قوانين بريطانيا وكذلك قوانين البلد الأجنبي المعني. وتتساءل المنظمات العربية المعارضة الكثيرة في بريطانيا عن أي من نشاطاتها يمكن ان يقع ضمن تعريف "التآمر"، وأي من الاعمال في الخارج سيعتبر "ارهاباً". كما يسود الغموض الدرجة من الخطر التي يكون عليها العمل قبل ان يقع تحت طائلة القانون الجديد. وقال النائب اليساري توني بين في جلسة مجلس العموم ان التشريع الجديد يفتقر الى الدقة لجهة النشاطات التي ستعتبر محظورة. وتساءل اذا كان القانون ينطبق على المنظمات التي تحاول اطاحة الرئيس العراقي صدام حسين او الزعيم الليبي معمر القذافي. وكان رئيس الوزراء توني بلير أصرّ في كلمته التي افتتح بها الجلسة على ضرورة قيام بريطانيا بدور فاعل في الحرب الدولية على الارهاب وتجنب استعمال اراضيها ملاذاً آمناً للارهابيين ومسانديهم. وأحال مجلس العموم مشروع القانون بعد اقراره على مجلس اللوردات، حيث يتوقع أن يواجه معارضة من لوردات الحزب الديموقراطي الليبرالي. وبين هؤلاء اللورد ايفبري الذي كان شغل منصب رئيس المجموعة الحزبية المشتركة لحقوق الانسان في البرلمان البريطاني، وهو ناشط معروف في مجال حقوق الانسان في الشرق الأوسط. وكان أكد انه سيعارض كل بنود القانون الموجهة ضد الأجانب الناشطين سياسياً في بريطانيا. ويستهدف القانون اعضاء المجموعات الارهابية الارلندية المعارضة لعملية السلام الدائرة في ارلندا الشمالية، وكذلك الناشطين السياسيين الأجانب المقيمين في بريطانيا، والكثير منهم من اللاجئين السياسيين العرب الهاربين من الاضطهاد في بلادهم. وعجلت حكومة حزب العمال بإقرار القانون بعد التفجير في بلدة اوماه في ارلندا الشمالية الشهر الماضي الذي قتل فيه 28 شخصاً. وكان القلق في بريطانيا تصاعد بعد تصريحات اعتبرت تهديدية من بعض قادة المنظمات الاسلامية اثر تفجير السفارتين الأميركيتين في نيروبي ودار السلام ثم الهجوم الأميركي على السودان وأفغانستان. وركزت وسائل الاعلام على هذه المنظمات رغم انها لا تمثل سوى أقلية ضئيلة من العرب والمسلمين المقيمين في بريطانيا. وتتعرض الحكومة البريطانية منذ مدة لضغوط من بعض الحكومات العربية، وايضاً اسرائيل، من اجل التشدد مع المعارضين في لندن. وعبر ل "الحياة" المحامي الجزائري المقيم في لندن سعد جبار عن القلق من استعمال الحكومة البريطانية أدلة تقدمها حكومات اجنبية لملاحقة معارضين مقيمين في بريطانيا. وقال ان هذه الأدلة في حالات كثيرة ستأتي من دول تفتقر الى استقلال القضاء وقد تكون مختلقة. وقال المحامي جبار ان الحكومات الاجنبية، خصوصاً الصديقة لبريطانيا، ستتمكن بفضل القانون الجديد من تقوية ضغوطها على الحكومة البريطانية وإحراج وزارة الخارجية. وسيجد اللاجئون السياسيون الذي جاؤا الى بريطانيا ان حكوماتهم الأصلية ستواصل ملاحقتهم، هذه المرة من خلال الضغط على السلطات البريطانية.