عندما يحين موعد اطلاق "كل تلك الخيول الجميلة" ALL THE PRETTY HORSES نهاية هذه السنة، يكون هذا رابع فيلم يعرض من بطولة مات دامون في غضون عام واحد. بعده شاهدناه في "صانع المطر" تحت ادارة فرنسيس فورد كوبولا، ثم في "انقاذ العريف رايان" للمخرج ستيفن سبيلبرغ وحالياً في "المقامرون" للمخرج جون دول. وغني عن القول ان كلاً من هذه الادوار مختلف عن الآخر فهو على رغم ظهوره الكثيف لا يكرر نفسه. لعب شخصية العامل في "غود ويل هانتنينغ" لفان سانت، وشخصية المحامي في "صانع لمطر" ثم دور الجندي رايان في "انقاذ العريف رايان" ثم دور المقامر الذي يضحي بعلاقاته ودروسه، وهو في كل هذه الافلام يقدم اداء مختلفاً عما سبقه. قال حين التقيته قبيل افتتاح فيلم "انقاذ العريف رايان" في ستوديوهات "دريمووركس" الشركة التي انتجت ذلك الفيلم الحربي الناجح: "ربما كنت امثل اكثر مما يجب. لكن ما حدث هو انني قبل "صانع المطر" و"غودويل هانتينغ" استلمت العروض الاخرى: "انقاذ العريف رايان" و"المقامرون" و"كل تلك الخيول الجميلة"، وهناك فيلم آخر سأصوره في ايطاليا في عنوان "السيد ريبلي الموهوب". وفي الواقع لم يكن دامون يستطيع رفض الاعمال التي عرضت عليه. فمن يقول لا لفرنسيس فورد كوبولا وهو يمسك بمادة درامية قوية من الكاتب جون غريشام تتحدث عن محام شاب يرافع عن عائلة خدعتها شركة تأمين في "صانع المطر"؟ وهل كان من المتوقع لدامون ان يمتنع عن دعوة ستيفن سبيلبرغ للاشتراك في فيلمه الحربي؟ وماذا عن انطوني مانغيلا الذي سيلتحق به دامون في ايطاليا وسبق ان قدم الفيلم الفائز ب"غولدن غلوب" والاوسكار معاً المريض الانكليزي؟ كيف يمكن له ان يتردد امام فرصة العمل مع هؤلاء؟ دخل هارفارد "غود ويل هانتينغ" اتاح له ولبن لأفلك نراه حالياً في فيلم "أرماغيدون" امام بروس ويليس الحصول على سيناريو افضل فيلم كتب للشاشة هذا العام. والواقع ان اياً منهما لم يحترف الكتابة من قبل، وهما شابان دون الثلاثين والاعلام استقبل دامون كما لو كان هو الذي نال الاوسكار وحده. او كما لو انه نال اوسكار افضل ممثل عوضاً عن جاك نيكلسون واوسكار افضل سيناريو مناصفة. ولد في مدينة بوسطن في 8/10/1970 ودخل الكلية في الثامنة عشرة ثم دخل جامعة هارفارد حيث نال شهادة باللغة الانكليزية لكنه انصرف منذ العام 1988 الى السينما فظهر في دور يقول فيه جملة واحدة في فيلم عنوانه "ميستيك بيتزا" بعد عامين وجدناها في فيلم تلفزيوني في عنوان "ابن صاعد" ثم دخل الى القسم المسرحي في كلية كامبردج وفي العام 1995 شغل دوراً ملحوظاً في "روابط مدرسية" لروبرت ماندل. في هذا الفيلم ذي القيمة المتوسطة فنياً ورد اسم دامون ثانياً، فالبطولة كانت لبرندان فرايزر الذي كان يؤدي دور الطالب اليهودي الذي يحاول اخفاء هويته. كما لعب بن أفلك دوراً ثانوياً في ذلك الفيلم ايضاً. في 1994 ظهر دامون في "جيرونيمو: اسطورة اميركية" آخر "وسترن" تم انجازه في السينما الاميركية واخرجه وولتر هيل. في ذلك الفيلم لعب دور اصغر الضباط سناً والمعلق على الاحداث التي تتناول ذلك المحارب الهندي العنيد الذي انتصر بجنوده ال 32 على الجيشين الاميركي والمكسيكي في كل المعارك التي خاضها ضدهما. الادوار الكبيرة في ذلك العام انطلق دامون الى دور آخر مهم في فيلم "شجاعة تحت النار" وفيه نجده جندياً يشهد على اقدام رفيق له على قتل قائده او قائدته بالاحرى الممثلة ميغ رايان وذلك في فيلم ادوارد زويك الذي يتعامل جزئياً مع حرب الخليج. الانطباع الذي تركه دامون في ذلك الفيلم كان قوياً على صغر دوره فيه، كان بمثابة الاساس الذي مكّنه من الظهور في ساحة مليئة بالمواهب الشابة القوية قلت له: "انقاذ العريف رايان" هو ثاني فيلم حربي تؤديه ولو ان "شجاعة تحت النار" يخوض في حرب حديثة العهد. هل كان لديك اي موقف من الحروب عموماً ومن حرب الخليج خصوصاً؟ - قرأت عن الحروب الحديثة في كتب التاريخ المدرسية وبالطبع كانت شاباً خلال حرب الخليج، لكن المرء لا يكون بالضرورة مواقفه سريعاً، اقصد ان من الصعوبة شرح مشاعري تجاه الحرب. القراءة شيء والمعايشة شيء آخر. في الكتب مثلاً ان عدداً معيناً من القتلى ماتوا في تلك المعركة. وعندما تعيش الاحداث في الفيلم - خصوصاً في فيلم حربي مثل "انقاذ العريف رايان" - فإن الكثير من المشاعر الجديدة تداهمك. "شجاعة تحت النار" لم يكن فيلماً حربياً، بل استخدم الحرب لكي ينطلق الى اهتمامات اخرى. ايهما جاء مباشرة بعد فيلم زويك، "صانع المطر" مع كوبولا او "غود ويل هانتينغ" مع فان سانت؟ - كنت وبن نكتب "غود ويل هانتينغ" عندما عرض عليّ فيلم كوبولا، وقبل ان يبدأ تصوير "غود ويل هانتينغ" عرض عليّ فيلم سبيلبرغ. هل ترددت في اي من الحالتين؟ - لا، لكنني كنت اخشى التجربة التي سأقدم عليها في "انقاذ العريف رايان" فالفيلم يجمعني مع ممثلين كبار. وانت تعلم ان دوري أتى متأخراً في الفيلم وسبيلبرغ صوره لاحقاً، بعدما امضى اسابيع كثيرة مع توم هانكس وادوارد بيرنز وتوم سايزمور. هل شعرت بينهم بأنك طارئ؟ - تماماً، جمعيهم اشتركوا في معسكر التدريب وعانوا فيه من جراء التمارين الشاقة التي فرضت عليهم ومن العيش في الخيم كالجنود. هذا وحده كان فاصلاً اذا لم يُطلب مني مثل هذا. لكنني اعتقد انه كان قراراً في مكانه. فالفيلم هو عن ثمانية جنود يخاطرون حقيقة بأرواحهم في سبيل انقاذ جندي واحد هو رايان الذي اؤديه. ومعظم هؤلاء بات يكن لرايان الشعور بالعداء حتى قبل لقائه به. لذلك كنت خارج المجموعة واعتقد ان هذا كان في بال سبيلبرغ ومن تخطيطه. كان يريد لتلك المجموعة ان تشعر تجاهي وتجاه رايان بالرفض. اذن لم تخض التدريبات الشاقة التي دفعت كل الممثلين الآخرين باستثناء توم هانكس الى التمرد والتهديد بالانسحاب. - لا. حدث ذلك قبل وصولي واعتقد ان توم هانكس هو الذي هدأ الوضع لأنه كان يهدد فعلاً بأزمة. اعتقد ان غاية سبيلبرغ من وضع ممثليه في التدريبات الشاقة ادت مفعولها لأنها منحت الفيلم عنصر الحقيقة وجعلت من الممثلين مجموعة غاضبة كما كان الدور المرسوم لهم. كوبولا المنيع "صانع المطر" تحفة سينمائية صغيرة - كبيرة لم تقدر حق قدرها حيثما عرضت. لا حين شهدت افتتاحها الاوروبي الاول خلال مهرجان برلين السينمائي الاخير، ولا حينما عرض في الصالات داخل اميركا او خارجها. دراما تقطر انسانية وحباً ومعالجة من ذلك المستوى الفني الدقيق الذي يميز افضل افلام كوبولا. في الفيلم يؤدي دامون دور المحامي الشاب الساذج الذي يجد وهو لا يزال في بداية مهنته، ان الفساد مستشرٍ في الوسط القضائي. انه الدور الذي سبق لتوم كروز ان قدمه في "المؤسسة" وكريس او دونيل في "الغرفة" وجون ماكوهوني في "وقت للقتل" وذلك بديهي لأن الثلاثة من كتابة المحامي الذي تحول الى قاص وهو جون غريشام. لكن الأكثر من سبب، وبمقارنة الافلام وشخصياتها واداءات الممثلين فيها، فان دامون هو الاكثر قرباً الينا والاكثر قابلية للتصديق، وهذا ليس ناتجاً عن رسم الشخصية بل عن معالجة المخرج. فرنسيس فورد كوبولا هو رابح الجولة ضد المخرج سيدني بولاك "المؤسسة" وجيمس فولي "الغرفة" و"جويل شوماكر "وقت للقتل". ماذا كان شعورك وانت ترى تلك الوجوه الهوليوودية تصفق لك؟ - هذا سؤال آخر صعب. كنت فرحاً بالطبع وعندما تكون فرحاً لا يخطر لك اي شيء محدد. كان هناك خاطر مر سريعاً اذكره هو انني أردت ان أشاهد نفسي على الخشبة في تلك اللحظة لكنني كنت أعلم انني سأتمكن من ذلك لاحقاَ. هل جمع الأوسكار بين والديك المنفصلين؟ - إلى حد ما نعم. اعتقد أنها كانت لحظة مهمة في حياتهما وهما يشاهدان ابنهما يعتلي منصة الأوسكار وهو بعد في مطلع حياته المهنية. أعلم أن والدي لم يستطع امتلاك نفسه فبكى. هل بن أفلك صديق قديم؟ - من أيام الكلية. حين وقفتما على المنصة فهمنا أن لديكما عملاً آخر في الكتابة؟ - لم يكن قيد الكتابة، بل فكرنا في اننا سنعمل معاً على مشروع آخر، ولا زلنا نأمل ذلك، لكن المشاغل قد تمنع حدوث ذلك سريعاً. هو مشغول وأنا كذلك، لكننا جادون في العمل معاً مرة أخرى. الغد الأفضل؟ "غود ويل هانتينغ" كان مفاجأة، إذ أنه اختلف عن أفلام غس فان سانت السابقة "حتى راعيات البقر تنتابهن الأحزان" و"درغستور كاوبوي" و"ايداهو الخاصة بي"... الخ ليس لأنه أفضلها بناء وأهمها حيوية وصدق مشاعر، بل أيضاً أكثرها نجاحاً، فمن حسن حظ دامون ان الفيلم حقق نجاحاً باهراً 138 مليون دولار في أميركا ونحو 100 مليون خارجها. وبعد نجاح "انقاذ العريف رايان" يبدو دامون مقدماً على الشهرة، ففي هوليوود لا يمكن ان تنجز فيليمين ناجحين وتبقى بعيداً عن الأضواء. لكن هل سيغير ذلك من طبائع دامون؟ - من السهل أن أقول لك لا. لكنني بالفعل لا اعتقد انني سأتغير. لا اعتقد ان الأضواء والشهرة والعروض المغرية ستحولني عما أنا بصدده، أهدافي لا تزال كما هي: ان أجيد في عملي وأن أكون ناجحاً. لا اريد في الوقت ذاته أن أبدو كما لو كنت لا اكترث للنجاح المادي أو لا أقدره. إنه شيء جيد أن يحدث لكنني لا اريد له أن يغيرني لأنني سعيد بشخصيتي التي نشأت عليها. وإذ بوشر بعرض "المقامرون" الذي يؤدي فيه دور مقامر يمتنع عن اللعب بعد خسارة جسيمة يُجر إليه بسبب صديق إد نورتون، وهو أيضاً أحد الوجوه الصاعدة في النصف الثاني من هذا العقد، فإن هوليوود والمتابعون ينتظرون ما إذا كان هذا الفيلم ذو الاسلوب والموضوع الداكنين، سيحقق نجاحاً وإذا حصل ذلك، فسيكون بسبب دامون وحده، فشهرة المخرج جون دول ليست ضاربة ونوعية الفيلم ليست رائجة ودامون هو أكثر المشتركين شهرة. بعده هناك ثلاثة أفلام متوالية يتقدمها "مستر ريبلي الموهوب" وهذا فيلم مقتبس عن رواية بوليسية للكاتبة باتريشا هايسميث سبق أن حولت إلى فيلم فرنسي عام 1960 تحت عنوان "شمس ساطعة" اخراج رينيه كليمان وبطولة آلان ديلون. هذا الفيلم من اخراج انطوني منغيلا الذي قدم "المريض الانكليزي"، وخطف الاوسكار. وهو، كما ذكر في بعض أحاديثه، سعيد بالعمل مع دامون لأنه "ممثل يمتلك القدرة التلقائية على تقمص الدور بسهولة ومن دون أن يضطر المخرج إلى لفت انتباهه إلى أنه تجاوز الحد المطلوب. ثم هناك "كل تلك الخيول الجميلة"، دراما عاطفية ممزوجة بقدر من المغامرة ومخرجها ليس سوى الممثل بيلي بوب ثورنتون، و"دوغما" تحت إدارة المخرج كيفن سميث وبالمشاركة مع رفيق دربه بن أفلك والممثل كريس روك والممثلتين سلمى حايك وليندا فورنتينو. يقول دامون: "إذا ما حققت هذه الأفلام النجاح الذي آمله، فسأفكر في عطلة اقضيها بعيداً عن العمل لثلاثة أو أربعة أشهر".