مساء اليوم، الاثنين، يأتي الجواب على كل التوقعات الخاصة بشأن من يفوز بالأوسكار هذا العام: أي فيلم؟ أي ممثل؟ أي مخرج؟ أي كاتب؟ وأي موهبة في المجالات المتعددة الأخرى؟ انها المناسبة السبعون منذ البداية المتواضعة التي أثمرت عن فوز فيلم "أجنحة" بأول أوسكار في العام 1929، واليوم أصبح الأوسكار حدثاً عالمياً كما لو ان الأممالمتحدة هي التي تقوم بتوزيعه وليس نحو 5300 عضو معظمهم من الممثلين العاطلين عن العمل منذ نحو عشرين سنة والى اليوم. مساء اليوم نعرف من ضرب ومن هرب، من سيعتلي خشبة المسرح ليستلم الجائزة ويتفوه بقائمة تشكراته "أشكر والدي ووالدتي وزوجتي الحبيبة كما أشكر كل الذين عملوا معي على هذا الفيلم… لولاهم لما تم" الخ… ومن سيبقى جالساً في مكانه مكتفياً بالتصفيق والابتسام على أساس من روحه الرياضية الجميلة. الحقيقة ان الجميع يود الفوز. الجميع يتحلق هناك أملاً في ان يكون اسمه هو المذكور عندما يفتح المقدم ذلك الملف الذي يبقى مغلقاً حتى اللحظات الأخيرة. لكن هذا جزء من السرية التي تحرص أكاديمية العلوم والفنون السينمائية على توفير أقصى متطلباتها موظفة في سبيل ذلك مؤسسة خاصة، فلا يطلع على فحوى الأصوات الواردة من قبل أعضاء الأكاديمية سوى موظفين أمناء لا يفشون السر. وبعد فرز الأصوات يتم توفير كل أسباب الأمن لاثنين من أعضاء تلك المؤسسة لايصال النتائج باليد وفي حقيبة مقيدة بسلسلة الى يد حاملها حتى لا تخطف منه. بل هناك حقيبتان واحدة تحمل ورق جرائد للتمويه والأخرى تحمل الوثائق الحقيقية تنطلقان في الوقت ذاته ضمن الحراسة الأمنية المتساوية وتتبعان طريقين مختلفين للوصول الى مركز الأكاديمية… فقط من باب الحيطة، من يدري فلعل هناك من ينوي خطف نتائج الأوسكار وبيعها أو احداث خلل يؤدي الى الغاء الحفلة برمتها في ذلك العام! "تايتانيك" العنيد هذا العام هناك 113 مرشحاً متنافساً في 23 قسماً على جوائز الأوسكار معظمهم على ثقة من ان الفوز سيكون حليف فيلم "تايتانيك" في معظم الأقسام المرشح لها. و"تايتانيك" في مقدم الأفلام الموعودة بأكثر الأوسكارات عدداً. صحيح انه ليس مذكوراً في قسم أفضل ممثل رئيسي، الا انه في 14 قسماً آخر بينها قسم أفضل ممثلة وأفضل ممثلة مساندة وأفضل مخرج وأفضل توليف مونتاج وأفضل موسيقى درامية وأفضل تصوير… كما أفضل فيلم. قبل اعلان الترشيحات في الحادي عشر من شباط فبراير الماضي، انطلقت الباخرة الكبيرة في رحلة نجاح لم تعهدها السينما من قبل. الى اليوم بلغت الايرادات العالمية لهذا الفيلم الرومانسي أساساً والكوارثي ثانياً 1.114 بليون دولار. وحتى لو لم يكن ذلك سبباً في منح الفيلم الأوسكار، فهو بالتأكيد ليس سبباً عكسياً. الأوسكار عادة يذهب الى فيلم تراه الأكاديمية ناجحاً في كل جوانبه بما فيها نجاحه التجاري. وربما من المفاجئ ان نعلم انه على رغم السرية الكاملة فإن "تايتانيك" ربح أوسكار أفضل سيناريو… طبعاً ليس هذا الپ"تايتانيك"، بل النسخة التي تم تحقيقها في سنة 1953. في ذلك الحين كانت نصيحة المنتجين الكبار لكل سينمائي جديد: ابتعد عن الأحداث التي تقع على سطح الماء، فالجمهور لا يكترث للأفلام المائية الا اذا كانت حربية. لكن ذلك لم يكن صحيحاً بالنسبة الى الذين يدلون بأصواتهم مع مطلع كل عام. "تايتانيك" الحالي هو أحد أفلام "بحرية" عدة رشحت لأكثر من أوسكار منذ العام 1935 فيلم "تمرد على السفينة بونتي" الذي فاز بأوسكار أفضل فيلم والى اليوم مروراً بپ"صقر البحر" 1940. "مغامرة بوزايدون" أوسكار أفضل اغنية - 1972، "سفينة الحمقى" أوسكار أفضل ديكور وأوسكار أفضل تصوير 1965، "الملكة الافريقية" أوسكار أفضل ممثل لهمفري بوغارت - 1951 ونسخة العام 1962 من "تمرد على السفينة بونتي" التي رشحت لسبع جوائز لكنها لم تنل أية منها. والواضح ان النجاح الكبير لفيلم "تايتانيك" يعود الى انه قصة حب أولاً وفي الأساس. دراما رومانسية تكاد تطغى كلياً على العنصر الكوارثي الذي يقع في الساعة الأخيرة من الفيلم. وحتى مع وقوعه، فإن قصة الحب تستمر قوية بما فيها من تضحيات متبادلة بين ليوناردو دي كابريو وكايت وينزلت. والناس مشتاقة لقصص الحب الكبيرة، تلك التي تحمل سعي كل عاشق الى انقاذ حياة معشوقه مهما كلفه الأمر. هذا الخط القوي في "تايتانيك" نلاحظه عبر قيام كايت وينزلت بانقاذ حياة بطل الفيلم دي كابريو من الموت غرقاً وهو مقيد في غرفة سفلية من الباخرة الغارقة، ثم يتجسد في انقاذه هو حياتها بوضعها فوق لوح خشبي والبقاء بجسده البارد في الماء حتى موته! الأفلام الأفلام: "أفضل ما يمكن"، "العري الكامل"، "غود ويل هانتينغ"، "سري لوس انجليس"، "تايتانيك". أضعف هذه الأفلام حظاً هو "أفضل ما يمكن" بسبب عدم اكتراث الاكاديمية مانحة الأوسكار لترشيح مخرج الفيلم جيمس ل. بروكس لأوسكار أفضل مخرج، على عكس ما هو واقع مع الأفلام الأخرى. ثانيها في الضعف "العري الكامل"، وربما أدركت الأكاديمية البريطانية هذا الواقع فسارعت الى منحه أهم أوسكاراتها قبل بضعة أسابيع بما في ذلك أوسكار أفضل فيلم مدركة أيضاً ان "تايتانيك" له الحظ الأكبر في الفوز. … وهو سيفوز علماً بأنه لا يخلو من بضعة عيوب في الكتابة والتمثيل. لكن أوسكار أفضل فيلم تمنح للعمل البارز لجوانبها الانتاجية والعامة، وهناك الكثير من هذه العوامل في هذا الفيلم الضخم. هذا يترك باقي الأفلام عرضة لاحتمالات ضعيفة على رغم جودتها: "غود ويل هانتينغ" و"سري لوس انجليس"، وهذا الثاني سبق له ان فاز بأكبر قدر من الجوائز النقدية في الولاياتالمتحدة اذ حصل على جائزة نقاد لوس انجليس وجائزة نقاد "المجلس الوطني للنقد" وجائزة "الجمعية الوطنية لنقاد السينما"، و"جائزة نقاد السينما في نيويورك". التوقعات "تايتانيك". التمثيل الرجالي الأول الممثلون: روبرت دوفال، بيتر فوندا، مات دامون، داستين هوفمان، جاك نيكلسون. هذه أصعب مسابقة فمعظم من فيها أدوا أدواراً بالغة الاجادة. على ذلك يمكن تحليل الوضع على أساس معطيات لا علاقة لها بمن مثل أفضل من الآخر، الا في حال واحدة هي حال هوفمان المرشح عن دوره في "هز الكلب" واحد من ثلاثة أفلام مثلها في العام الماضي، اذ مثل شخصية المنتج في ذلك الفيلم بتشخيص مدع موجه للكاميرا ولا قناعة فيه أو اقناع. روبرت دوفال يغوص في الشخصية التي يقدمها في فيلم "المبشر" لما هو أبعد مما يجده المرء جذاباً أو كافياً. انه ثري جداً في ذلك الدور، مفعم ومتخم ما قد يدفع الكثيرين من أعضاء الأكاديمية لتفضيل اداء بسيط للغاية ممثل بشخص بيتر فوندا في "ذهب يولي" الذي يتميز بأنه مركّز ويستدعي التقدير. الى ذلك، فإن أهم ما يحول دون ان يكمل دوفال باقي أحلامه المتمثلة في فيلمه الذي قام بكتابته وانتاجه واخراجه كما بطولته، حقيقة ان الأوسكار - لسبب أو لآخر - قلما منحت لممثل في فيلم لم يحقق نجاحاً تجارياً كبيراً، و"المبشر" لم يحقق مثل هذا النجاح. مات دامون جديد وهذا قد يكون لصالحه أو ضده. لصالحه اذا ما وجدت الأكاديمية ان تمثيله أفضل من تمثيل بيتر فوندا الذي لم ينل أوسكاراً من قبل أو انها منحت الممثل نيكلسون أوسكارين كافيين له من أصل 11 ترشيحاً عبر سنوات عمله الممتدة لأكثر من 30 سنة. لكن قد يحدث ان تجد الأكاديمية ان دامون طارئ شاب لديه فرص مقبلة كثيرة كما كانت فعلت في مناسبات اخرى كثيرة فتحجب عنه الأوسكار لصالح منافس آخر. توقعات: بيتر فوندا. الممثلات في الأدوار الرئيسية الممثلات: جولي كريستي، هيلينا بونهام كارتر، جودي لينش، كايت وينزلت، هيلين هانت. الكل يعلم الآن ان أربعاً من المرشحات هنا جئن من بريطانيا. الممثلة هانت هي الأميركية الوحيدة، وهي على حسن ادائها بطولة "أفضل ما يمكن" لم تمنح الشاشة بعداً لا يمكن تجاوزه أو دوراً لا يمكن لممثلة اخرى تحقيقه. هناك حديث قوي عن هيلينا بونهام كارتر بطلة فيلم "جناحا اليمامة" لايان سوفتلي. ما يبدو واضحاً ان الأمر تطلب منها الانتقال من تمثيل أدوار البراءة الى أدوار الخبث المحلاة بشيء من المبررات والأعذار حتى تستطيع الخروج من الاطار الذي سجنت فيه في أفلامها السابقة. لكن جودي لينش، المرشحة عن دورها في فيلم "السيدة براون" قد تكون بمثابة الحصان الأسود الذي لم يراهن عليه أحد لكنه اخترق الصفوف على أية حال. لكن ما يقف ضدها انها مجهولة تماماً لدى الأميركيين وهناك منافسة شديدة من بنات تربتها: كايت وينزلت ربحت القلوب في "تايتانيك"، وجولي كريستي ربحت القلوب والعقول معاً في فيلم "بعد الوميض". على ان احتمال فوز كريستي بعيد أولاً لأنه قلما ربحت ممثلة عن فيلم مرشح لأوسكار واحد فقط كما الحال هنا، وثانياً لأنه من النادر ان تفوز ممثلة عن فيلم لم يحقق نجاحاً تجارياً. توقعات: هيلينا بونهام كارتر. أفضل إخراج كيرتس هانسون، بيتر كاتانيو، غس فان سانت، أتوم ايغويان، جيمس كاميرون. الكندي أتوم ايغويان المرشح عن فيلم "الأبدية اللذيذة" هو البديل لجيمس بروكس الذي لم يصل الى مستوى ترشيحات أفضل مخرج على رغم ان فيلمه "أفضل ما يمكن" في عداد تلك المتسابقة على أوسكار أفضل فيلم. لكن كما ان حظ "أفضل ما يمكن" ضئيل بسبب عدم ترشيح مخرجه هنا، فإن حظ ايغويان ضئيل بسبب عدم ترشيح فيلمه هناك. انه ليس أكثر من سد ثغرة ولن يخرج بالأوسكار بغض النظر عن مستوى الفيلم. جيمس كاميرون صاحب الحظ الأوفر الذي ستذهب الجائزة اليه لا محالة. لقد صنع ما تعتبره هوليوود تاريخاً، ومع الاحتمال العالي بفوز فيلمه "تايتانيك" بأوسكار أفضل فيلم لا وجود لكثير من الشك بفوزه في مجال أفضل مخرج. اخراج غس فان سانت المقبول لفيلم "غود ويل هانتينغ" واخراج كيرتس هانسون الممتاز لفيلم "سري لوس انجليس" وكاتانيو الرائع لفيلم "العري الكامل" ستبقى محفورة في جدار التاريخ فقط. التوقعات: جيمس كاميرون. أفضل ممثل مساند الممثلون: روبرت فوستر، انطوني هوبكنز، كريغ كينير، بيرت رينولدز، روبين ويليامز. المنافسة الأساسية هنا ستقوم بين روبرت فوستر وبيرت رينولدز لأن كليهما من المواهب القديمة التي نسيتها هوليوود وتتذكرها الآن بعد ان بهت بريقها. فوستر يلعب دور محامي كفالات مالية يقع في حب صامت مع بطلة فيلم "جاكي براون" بام غرير. رينولدز لديه دور هوليوودي أكثر تقليدية لكن الممثل يؤديه جيداً وهو دور مخرج سينمائي لأفلام خلاعية في فيلم "ليالي ماجنة". انطوني هوبكنز قوي أيضاً في الترشيح لكنني أعتقد بأن الأكاديمية ستتجاوزه كما تجاوزت فيلمه "آميستاد"، ومخرجه ستيفن سبيلبرغ، من كل المنافسات الرئيسية. روبين ويليامز وكريغ كينير أضعف المرشحين هنا. التوقعت: بيرت رينولدز. أفضل ممثلة مساندة الممثلات جوان كوزاك، ميني درايفر، جوليان مور، غلوريا ستيوارت، كيم باسينغر. في مسابقة "جمعية الممثلين" تم توزيع الجائزة لأفضل تمثيل نسائي بين كيم باسينغر عن دورها في فيلم "سري لوس انجليس" والممثلة غلوريا ستيوارت عن دورها في فيلم "تايتانيك"، والمنافسة بينهما شديدة هنا. من ناحية باسينغر فهي لم ترشح سابقاً لأي أوسكار، وعادة ما ينظر بعين العطف لممثل لم ينل الأوسكار من قبل ولا رشح له أيضاً لتبدأ جولته مع هذه المسابقة من مستوى الأدوار المساندة. لكن ستيوارت لديها الكثير مما يبدو مسانداً لها في هذا السباق: انها أكبر ممثلي هوليوود العاملين سناً. عمرها 85 سنة وجيمس كاميرون اكتشف انها لا تزال حية بعد أدوار بطولة ومساندة كثيرة في الثلاثينات وحتى الخمسينات فأسند اليها دور كايت وينزلت وهي عجوز تسرد ذكرياتها عن حادثة "تايتانيك". أمر آخر يرجح كفة ستيوارت ومعها كيت وينزلت في مسابقة التمثيل النسائي الرئيسي وهو انها المرة الأولى في تاريخ الأوسكار التي يتم فيها ترشيح ممثلتين تؤديان دوراً واحداً. لا لم أنس ان روبرت دي نيرو لعب دور مارلون براندو، وكلاهما رشح عن دوره أيضاً… لكن ذلك كان في فيلمين متباعدين: "العراب" و"العراب 2" وليس في نطاق فيلم واحد. اذا ما قررت الأكاديمية الاستغناء عن باسينغر وستيوارت معاً فإن جوليان مور تبدو الاحتمال القوي الثالث. جوان كوزاك كانت جيدة في فيلم "مكتوم ومعلن" لكن الأدوار الكوميدية قلما تحقق فوزاً. اما دور ميني درايفر في "غود ويل هانتينغ" فلم يكن جديراً بدخول الترشيحات أصلاً. التوقعات: غلوريا ستيوارت.