دخلت الأزمة الإيرانية - الأفغانية منعطفاً خطيراً بعدما اعترفت حركة "طالبان" رسمياً أمس بمقتل الديبلوماسيين الإيرانيين على أيدي عناصر غير منضبطة، وأبدت استعدادها لتسليم جثثهم إلى طهران التي ردت باتهام زعيم الحركة ملاّ محمد عمر بإصدار الأوامر لتصفية هؤلاء "في حضور عناصر من الاستخبارات الباكستانية". وترافق ذلك مع هجوم خاطف شنته الحركة صباحاً على موقع المقاتلين الشيعة الموالين لإيران في ولاية باميان المحاصرة غرب كابول، حيث أفيد ان مقاتلي "طالبان" تمكنوا من الوصول إلى مسافة 20 كيلومتراً عن عاصمة الولاية، وهي المعقل الوحيد المتبقي في أفغانستان لحزب الوحدة الذي تدين قياداته بولاء مباشر لطهران. كما ترافق مع أنباء من طهران مفادها أن إيران قررت فتح حدودها أمام قوات التحالف الطاجيكي - الأوزبكي المناهض للحركة ليستخدمها منطلقاً لهجماته، بعدما اضطر التحالف للانسحاب من معاقله في الشمال الأفغاني التي سيطرت عليها "طالبان" في الثامن من آب اغسطس الماضي. ويبدو أن هذا التطور الذي تزامن مع اعلان قيادة أركان الجيش الإيراني ارسال تعزيزات برية وجوية إلى الحدود لإجراء مزيد من المناورات، جاء تجاوباً مع طلب الرئيس الأفغاني المخلوع برهان الدين رباني الذي أجرى، على مدى الساعات ال 48 الأخيرة، مشاورات مع المسؤولين في طهران وفي مقدمهم الرئيس خاتمي. وأبلغ رباني "الحياة"، أمس، أنه طلب من الحكومة الإيرانية أن تفتح حدودها أمام اللاجئين الأفغان الموجودين على أراضيها ليلتحقوا للقتال بصفوف القوات المناهضة ل "طالبان". ورأى ان هذا "حق لهؤلاء اللاجئين". وقالت مصادر رباني ل "الحياة" إن مئة ألف لاجئ أفغاني في إيران مهيأون لحمل السلاح والانتقال إلى الجبهة. واتهمت طهران زعيم حركة "طالبان" ملاّ محمد عمر بإصدار أوامر مباشرة لأتباعه بتنفيذ الهجوم على القنصلية الإيرانية في مزار الشريف وقتل الديبلوماسيين الموجودين فيها ومعهم مراسل وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الذي لم يتضح مصيره بعد. وقال وزير الثقافة والارشاد الإيراني الدكتور عطاء الله مهاجراني في حديث إلى اذاعة طهران أمس ان "عناصر الاستخبارات الباكستانية كانت ترافق مقاتلي طالبان لدى دخولهم مقر القنصلية" وإقدامهم على قتل الديبلوماسيين. وجاء ذلك بعد اعتراف الناطق الرسمي باسم "طالبان" ملاّ وكيل أحمد متوكل وهو مساعد زعيم الحركة بأن مقاتليها أقدموا على تصفية الديبلوماسيين الإيرانيين لدى دخولهم مزار الشريف الشهر الماضي. ولكنه شدد على أن المقاتلين "تصرفوا بمفردهم ومن دون استشارة قيادتهم". وأبدى وكيل أحمد في تصريحات نشرت في باكستان أمس استعداد الحركة لتسليم جثث الديبلوماسيين إلى طهران وتعقب القتلة وانزال العقاب بهم. لكن مصادر الخارجية الإيرانية رفضت أي اتصال مع الحركة "ما لم تقدم اعتذاراً وتقوم بالقبض على القتلة". وزاد الأزمة تعقيداً، إقدام "طالبان" صباحاً على شن هجوم خاطف على معقل الشيعة في ولاية باميان وتمكنها من تحقيق تقدم أصبح معه مطار عاصمة الولاية في مرمى صواريخها. ونقلت وكالة "فرانس برس" عن مصادر "طالبان" ان مقاتليها سيطروا ليل أول من أمس على منطقتي سايغان وكهمرو غرب كابول، ثم تقدموا في اتجاه منطقة كوتال التي احتلوها. وأضافت المصادر نفسها ان المقاتلين الشيعة فجروا صخوراً جبلية في محاولة وقف تقدم "طالبان" قبل أن ينسحبوا مخلفين وراءهم 18 قتيلاً وأكثر من 50 أسيراً وعدداً من الجرحى.