وضع تأكيد مسؤول مجلس شورى "الجماعة الاسلامية" رفاعي احمد طه ان التنظيم ليس طرفا في جبهة تعمل ضد الولاياتالمتحدة حداً لجدل استمر منذ صدور البيان التأسيسي للجبهة في شباط فبراير الماضي، والذي حمل توقيع طه وخمسة آخرين من زعماء الاسلاميين بينهم اسامة بن لادن وزعيم جماعة "الجهاد" الدكتور ايمن الظواهري. ولعل من أهم الملاحظات على توضيح طه موقفه من "الجبهة الاسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين" وملابسات توقيعه على بيانها الأول حرص جميع قادة "الجماعة" سواء من يعيشون في دول اوروبية أو في افغانستان أو يمضون عقوبات في السجون المصرية، على وحدة الصف وتفادي حدوث انقسامات او انشقاقات قد تعصف بالتنظيم الذي عرف عنه منذ تأسيسه ندرة حالات الانشقاق فيه، على خلاف التنظيمات الدينية الاخرى التي قد يصل الخلاف بين بعض عناصرها الى حد اللجوء الى اسلوب التصفية الجسدية. ومنذ ان اطلق القادة التاريخيون للتنظيم الذين يقضون عقوبة السجن في قضية اغتيال الرئيس أنور السادات مبادرتهم السلمية لوقف العنف في تموز يوليو من العام الماضي ظلت "الجماعة" تموج بتفاعلات بدا معها ان التنظيم انقسم الى ثلاثة اقسام: الاول يضم القادة السجناء. ومعهم قطاع عريض من الأعضاء أيدوا المبادرة من داخل السجون. والثاني يضم قادة التنظيم في الخارج، سواء في اوروبا او في افغانستان، والذين عارضوا المبادرة علنا وشككوا في صدقية اطلاق زملائهم السجناء لها واعتبروها "حيلة امنية" لعرقلة مسيرة "الجماعة". اما القسم الثالث فأعضاؤه هم هؤلاء الفارون في الجبال والمناطق الصحراوية والزراعية في الصعيد من اعضاء الجناح العسكري للتنظيم. وطُرح وقتها تساؤل عن رأي هؤلاء في المبادرة وإلى أي طرف سيميلون؟ وتسبب وقوع بعض عمليات العنف في الصعيد في الايحاء بأن الفارين يؤيدون قادة الخارج، يعملون بتوجيهاتهم وينفذون أوامرهم. وجاءت حادثة الاقصر الشهيرة في تشرين الثاني نوفمبر لتزيد من أزمة "الجماعة"، ولتقسم قادتها إلى معسكرين: الاول يضم الذين يعيشون في اوروبا والذين اعلنوا صراحة رفضهم الاعتداء، مؤكدين ان منفذيه لم يحصلوا على تكليف به. وكان على رأس هذا الفريق اسامة رشدي الذي يقيم في هولندا. والمعسكر الآخر ضم القادة الموجودين في أفغانستان وعلى رأسهم رفاعي طه الذي تبنى العملية، وأكد ان منفذيها حصلوا على تفويض بالقيام بها. ودخل رشدي وطه في تراشق كلامي عبر الصحف وبدا ان التنظيم يمر بأكبر أزمة في تاريخه تهدد بانقسامه. لكن حرص الجميع على "وحدة الصف" فاق رغبة أي فريق في تحقيق فوز معنوي. وحينما اصدر مجلس شورى "الجماعة" بياناً في شباط فبراير الماضي، أعلن فيه تجاوز الازمة وان رشدي اعتذر لطه وان المجلس يدرس التعاطي بايجابية مع مبادرة القادة التاريخيين السلمية. لكن صدور البيان التأسيسي للجبهة ووجود طه بين الموقعين عليه جعل الاعتقاد يزداد بأن التناقضات بين قادة "الجماعة" لم تزل بالكامل. ورغم كراهة الاسلاميين عموماً و"الجماعة الاسلامية"، خصوصاً لأميركا والاميركيين الا ان المحن التي مر بها التنظيم في علاقته مع الولاياتالمتحدة لم تسفر ابدا عن عمل واحد ضد هدف اميركي. ومن اللافت ان من بين اكثر من مئة سائح قتلوا على ايدي عناصر التنظيم في عمليات متفرقة هدفت إلى ضرب السياحة في مصر، لم يصب سائح أميركي واحد. وحينما اعتقلت السلطات الاميركية الزعيم الروحي للتنظيم الدكتور عمر عبدالرحمن ارتفعت لهجة الهجوم ضد اميركا في نشرات "الجماعة" وبياناتهم، ووصل التهديد والوعيد إلى اقصى مداه عقب صدور الحكم بإدانة عبدالرحمن وسجنه مدى الحياة. إلا أن شيئا لم يحدث وظلت الاهداف الاميركية بعيدة عن عمليات "الجماعة" على رغم ان اعلامها لم يتوقف عن انتقاد واشنطن. كل ذلك يدعو إلى الاعتقاد بأن "الجماعة" لا ترغب في فتح جبهة جديدة ضد الأميركيين، خوفاً من الاضرار بها وتهديد مستقبلها.