توقع خبراء اقتصاديون سعوديون ان يسجل الاقتصاد السعودي نمواً حقيقياً هذا العام على رغم انخفاض أسعار النفط، واستبعدوا لجوء الحكومة الى الاقتراض الخارجي لمعالجة العجز بالموازنة. وقال الخبير احسان أبو حليقة ان عجز الموازنة مرشح للارتفاع بنهاية العام الجاري على رغم اجراءات ترشيد الانفاق التي اعلنتها الحكومة السعودية، لكنه استبعد ان يؤدي ذلك الى أي مشاكل مالية للمملكة العربية السعودية. وأوضح في اتصال هاتفي مع "الحياة" ان هناك بالفعل بوادر على خفض حقيقي في النفقات العامة تنفيذاً لتوجيهات الحكومة وان حجم الانفاق الفعلي سيكون أقل من المقدر في نهاية العام. وقال: "اعتقد ان العجز سيرتفع في نهاية العام لكنه لن يخرج عن سيطرة الحكومة التي يبدو أنها عازمة على معالجة تلك المشكلة كهدف استراتيجي له أولوية قصوى". وأضاف: "العجز لن يولّد أي مشكلة مالية حقيقية لأن المملكة لم تعد تعاني من أي ديون خارجية، وهي أخذت على نفسها ألا تعود الى الاقتراض من الخارج واللجوء فقط الى القدرات الداخلية لتمويل العجز بالموازنة". وكانت السعودية افترضت معدل انفاق مرتفع لهذه السنة المالية يبلغ 196 بليون ريال 52.2 بليون دولار على أساس سعر نفط يراوح بين 16 و16.5 دولار للبرميل، وقدر العجز بنحو 4.8 بليون دولار أي أقل من أربعة في المئة من اجمالي الناتج المحلي. لكن أسعار الخام السعودي وصلت الى أدنى مستوى لها منذ عشر سنوات وهو 11.5 دولار في النصف الأول من العام الجاري ويتوقع لها أن تبقى ضعيفة حتى نهاية السنة. وقال خبير اقتصادي في أحد المصارف السعودية ان ايرادات المملكة ستهبط هذا العام بسبب تدهور أسعار النفط، لكنه أشار الى أن ذلك سيعوضه ترشيد الانفاق واستمرار القطاع الخاص في ضخ استثمارات بمعدلات مرتفعة. وأضاف "سيكون هناك تراجع حاد في قطاع الطاقة لكن الناتج في القطاعات الأخرى سيسجل نمواً ايجابياً خصوصاً في مجالات الصناعات الخفيفة والتشييد والتجارة والخدمات". وزاد: "عجز الموازنة سيكون أكبر من معدله المقدر هذه المرة لكن ستتم تغطيته بسهولة من جانب الحكومة عبر الاقتراض الداخلي كما فعلت في السابق". ويشار الى أن الحكومة السعودية قررت في وقت سابق من هذه السنة تقليص الانفاق بأكثر من عشرة في المئة عن طريق فرض رسوم على الموانئ والمطارات وتجميد بعض المشاريع وتخفيض المشتريات الحكومية، وشكلت لجنة وزارية للاشراف على هذه الاجراءات. واعتبر اقتصاديون ان هذه الخطوة تعكس جدية المملكة في مواصلة برامج الاصلاحات الاقتصادية الرامية الى حفز النمو الاقتصادي وتخفيف الاعتماد على الصادرات النفطية، واعادة التوازن الى الموازنة واعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في عملية التنمية. وتوقع أبو حليقة ان تكون اجراءات الترشيد في "حدود المعقول لأن أي خفض كبير في المصروفات الحكومية سيضر بالاقتصاد الوطني نظراً الى دورها الحيوي في عملية التنمية". لكنه شدد على ضرورة قيام القطاع الخاص بدور أكبر سواء لجهة تسريع معدلات النمو الاقتصادي أو تنمية الايرادات الحكومية، مشيراً الى موارده الضخمة التي تجاوزت 680 بليون ريال 181 بليون دولار العام الماضي. ولم يحدد أبو حليقة المستوى الذي يمكن أن يصل اليه عجز الموازنة هذا العام لكنه رجح ألا يزيد على 4.8 بليون دولار "اذ ان انخفاض دولار واحد في سعر النفط يعني خسارة نحو ثلاثة بلايين دولار خلال العام". وقال: "المملكة الآن في وضع جيد على رغم هذا الانخفاض لأنها ليست واقعة تحت دين ما يعني ان العجز هو داخلي فقط، اضافة الى نجاحها في تخفيف عبء الدين الداخلي بعد سداد معظم مستحقات المقاولين والمزارعين". ورجح أبو حليقة ان يكون معدل النمو الحقيقي باجمالي الناتج المحلي نحو واحد في المئة في مقابل 2.3 في المئة العام الماضي عندما ضخت الحكومة بلايين من الدولارات في مشاريع التنمية نتيجة ارتفاع أسعار النفط. وعلى رغم زيادة النفقات العام الماضي هبط عجز الموازنة أكثر من الثلثين الى نحو 1.6 بليون دولار، وهو أدنى عجز مالي منذ منتصف الثمانينات اذ لم يتجاوز 1.1 في المئة من اجمالي الناتج المحلي بالأسعار الجارية.