قررت المملكة العربية السعودية الاستمرار في سياستها عدم الاقتراض من الاسواق الخارجية واللجوء فقط الى الاستدانة من المصارف المحلية لسد العجز في موازنة السنة الجارية بعد التراجع الكبير في اسعار النفط. وقالت دوائر مصرفية واقتصادية "ان الحكومة السعودية احترمت تعهداتها بضبط الانفاق السنة الجارية ما سيجعل الانفاق الفعلي يقل عن المستوى المفترض في بداية السنة البالغ نحو 52.2 بليون دولار". وقال الاقتصادي السعودي احسان ابو حليقة في اتصال مع "الحياة"، "هناك خفض اكيد في النفقات العامة بسبب انخفاض الايرادات النفطية ما سيساعد على عدم تفاقم العجز في الموازنة نهاية السنة". واضاف: "وبالنسبة الى وسيلة تمويل العجز، تبدو الحكومة عازمة على عدم العودة الى الاقتراض الخارجي واللجوء مجدداً الى الاقتراض الداخلي، لأنه ليس هناك من داع للاستدانة من الخارج اذ ان لدى المصارف المحلية السيولة الكافية". وذكر مصرفيون في الرياض "ان الحكومة السعودية لم تطلب اية قروض خارجية السنة الجارية لكنها حصلت على قروض من المصارف الوطنية". وقال مصرفي طلب عدم ذكر اسمه: "قدمت مصارف عدة قروضاً الى الحكومة السعودية السنة الجارية ولم نلاحظ اي سحوبات غير عادية، ما يعني ان المملكة ليست بحاجة الى مبالغ كبيرة وانها بالفعل قلصت الانفاق العام". واظهرت بيانات مصرفية سعودية ان القروض التي حصلت عليها الحكومة كانت متناسبة مع القروض في الاعوام الاخيرة على رغم انخفاض متوقع في ايرادات صادرات النفط يصل الى اكثر من 30 في المئة. وحسب البيانات، نمت المطلوبات من المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية بنسب معقولة من نحو 94 بليون ريال 25 بليون دولار في نهاية 1994 الى 104 بلايين ريال 27.7 بليون دولار في نهاية 1997 ونحو 109 بلايين ريال 29 بليون دولار في نهاية النصف الاول من السنة الجارية ونحو 111 بليون ريال 29.6 بليون دولار في نهاية شهر آب اغسطس الماضي. وقال السيد ابوحليقة: "من الواضح ان الحكومة لا تريد ان تطلق العنان للاقتراض الداخلي لأن ذلك قد يؤثر في السيولة المحلية وهذا بدوره سيؤثر بشكل سلبي على القطاع الخاص، الذي يعتمد بشدة على التسهيلات المصرفية في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة الى تشجيع دور هذا القطاع في عملية التنمية". واشار الى ان ضبط الانفاق لن يضر كثيراً بالنمو الاقتصادي السنة الجارية نتيجة التوسع في القطاع الخاص والقطاعات غير النفطية الاخرى. ويُتوقع ان يسجل اجمالي الناتج المحلي السعودي نمواً ايجابياً حقيقياً بمقدار 0.7 في المئة السنة الجارية على رغم التراجع الحاد في قطاع الطاقة. وكانت السعودية، التي تسيطر على اكثر من ربع احتياط النفط الدولي المثبت، سددت عام 1994 الدفعة الاخيرة من القرض الدولي البالغ 4.5 بليون دولار واضطرت الى الحصول عليه بسبب ازمة الخليج. وتُعتبر السعودية الآن من الدول العربية القليلة التي لا ترزح تحت عبء الدين الخارجي اذ انها تعهدت ببذل جهدها عدم العودة الى الاقتراض من الاسواق الدولية والاعتماد قدر الامكان على الموارد الذاتية