الى رشيد مجيد يا أبيَ المخذولْ الملفوفَ وحيداً بالكتب الذي خبأتْهُ الناصريةُ عنكْ سطوتُ عليهِ في السر وأخرجتُه للشمسِ عندَ الظهيرةِ خلسةً خبأتُه مع الحمامِ فوقَ السطوح وأغويتُ به أولَ امرأةٍ أشمُّ رائحتَها بعدَ أمي أسفتُ لأنّي لم أقلْ لكَ إياه قبلَ ذوباني تركتُه هناكَ مع الطيور لعلّها أكلته كانَ أكبرَ من حقيبتي لا تسعُه الحقائب ولا تتحملُّه الكتب ليس كلاماً ولم يكن صمتاً يا أبيَ المخذولْ هيئّ نفسَكَ جيداً لسماعِه لستَ شاعراً أنتْ بل أكبرُ من ذلك كثيراً من أولئكَ الذينَ ماتوا وهم ينحتون المسلاّت أولئك الذينَ تحدّثوا مباشرةً الى مصدرِ السلطات الذين لا يمثّلون العمى ولا يفسّرون الشمس ويرتكبون المعاصي الذين يولدون في الغابات.. وتختلط دماؤهم بالرمل الذينَ تلدُهم النساء وهن يحملن الصخور على ظهورهن ولذلكَ كنتَ ضيفاً على الكلمات ومدينتك مثقلة بخطواتك كانت منفاك دون أن تُفشي لك بذلك كلّما حملت لتُخرجك بقروا بطنها وكلّما سمعتك تتحدّثُ عن الحبِّ والحريّة خبّأت نشيدَها عنك وحين كنتَ تموتُ مراراً توقظُك.. أينَ.. هي.. الآن.. إذن؟ * هو الشاعر العراقي الكبير الراحل رشيد مجيد الذي لم يغادر مدينته الناصرية من ستة وسبعين عاماً حتى توفي فيها