لم يتأخر المحافظون في الالتفاف على دعوة ابنة الرئيس الايراني السابق رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، النائبة فائزة هاشمي رفسنجاني الى مشاركة النساء في انتخابات "مجلس خبراء القيادة" وخوض المنافسة على العضوية في أعلى هيئة دينية دستورية تتمتع بصلاحيات تعيين "ولي الفقيه" مرشد الجمهورية الاسلامية أو عزله ومراقبة أعماله. وسحب المحافظون من فائزة وممن وراءها ورقة كان يمكن أن تكون مادة دسمة لسجالات فكرية - دينية ذات أبعاد سياسية. ولا يستبعد أن تكون فائزة أرادت احراج المحافظين وتحريض النساء عليهم علماً ان صوت المرأة لعب دوراً أساسياً في الانتخابات الرئاسية العام الماضي لغير مصلحة مرشح التيار المحافظ حجة الاسلام علي أكبر ناطق نوري. وبعد ساعات على دعوة فائزة، لم تكتف رموز في اليمين بتأييد عدم حصر عضوية مجلس الخبراء في رجال الدين والسماح بالتالي لمن تتوافر لديهن مقومات المنافسة والعضوية، بل أكدت أيضاً انها لا ترى ما يحول دون أن يخوض المنافسة غير علماء الدين والفقهاء، أي من يطلق عليهم "الأفندية". وقال رئيس "منظمة الاعلام الاسلامي" حجة الاسلام محمود محمدي عراقي أمس: "ليس الجنس أو العمامة بل المؤهلات هي التي تسمح بالحصول على مقعد في مجلس خبراء القيادة". وتابع في تصريحات نشرتها صحيفة "طهران تايمز" القريبة الى مكتب المرشد ان الدستور أوضح بجلاء أن من هو "مجتهد دينياً أو خبير في الشريعة الاسلامية يمكن أن يصبح عضواً في مجلس الخبراء". وكي لا يترك المجال لتأويلات أو تراجع، جزم عراقي القريب الى المرشد آية الله علي خامنئي بأن أي شخص "يستطيع ان يكون عضواً في مجلس الخبراء إذا توافرت لديه المواصفات التي حددها الدستور". وأشار عراقي الى أحد كبار أساتذة جامعة طهران البروفسور علي شهيدي، لافتاً الى ان الحوزة العلمية في قم وضعت بحوثه ودراساته في القانون الاسلامي ضمن المنهج واعترف به ك "مجتهد" من دون ان يكون رجل دين. يذكر ان "مجلس أمناء الدستور" هو المؤسسة التي تشرف على الاستحقاقات الانتخابية في ايران، ويضم 12 عضواً: ستة فقهاء يعينهم المرشد، وستة من رجال القانون يعينهم البرلمان من لائحة تقترحها السلطة القضائية. وينظر الى هذا المجلس باعتباره خاضعاً لهيمنة المحافظين. ولا يمكن أي مرشح لانتخابات رئاسية أو برلمانية أو لعضوية مجلس الخبراء ان يخوض المنافسة إلا بموافقة مجلس أمناء الدستور، لذلك علت أصوات قبل مدة تحذر من احتمال استخدام اليمين المحافظ هذه المؤسسة الدستورية مقصلة لاقصاء انصار الرئيس محمد خاتمي عن انتخابات مجلس الخبراء. ويرأس مجلس أمناء الدستور آية الله أحمد جنتي الذي يتمتع بنفوذ قوي في النظام. من هنا، قد تكون الأفكار التي تطرحها الأوساط السياسية والدينية ويطلقها مسؤولون مجرد أفكار لا تلامس الواقع اذا لم تلق آذاناً صاغية لدى أصحاب القرار الفعلي في هذا الموضوع، خصوصاً جنتي.