فوجئت الأوساط السياسية والشعبية في إيران أمس، بانتخاب رجل الدين المتشدد أحمد جنتي رئيساً لمجلس خبراء القيادة المُكلّف اختيار مرشد الجمهورية، بعدما شنّ معسكر رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني حملة لإقصائه من مجلس الخبراء، خلال الانتخابات التي نُظمت في 26 شباط (فبراير) الماضي، واعتبر جنتي أنها شهدت «حساسيات وظروفاً خاصة». ونال جنتي (89 سنة) أصوات 51 من الأعضاء ال88 في المجلس، في مقابل 21 لإبراهيم أميني و13 لمحمود هاشمي شاهرودي. وانتُخب محمد علي موحدي كرماني وشاهرودي لمنصبَي النائب الأول والثاني لجنتي، وقربان علي دري نجف آبادي وأحمد خاتمي في سكرتارية رئاسة المجلس. ويُعتبر جنتي الذي يرأس مجلس صيانة الدستور، من المتشددين الذين يعارضون رفسنجاني الذي أشرف على تشكيل قائمة «خبراء الشعب» في الانتخابات الأخيرة، مستبعدة من عضويتها رئيس مجلس الخبراء المنتهية ولايته محمد يزدي ورجل الدين المتشدد محمد تقي مصباح يزدي. وانتُخِب جنتي في المركز ال16 الأخير المخصص لطهران، فيما اكتسحت قائمة رفسنجاني المراكز الأخرى، علماً أن ائتلاف الإصلاحيين والمعتدلين من أنصار رفسنجاني والرئيس حسن روحاني، كان طلب من مؤيديه خلال الانتخابات الأخيرة إسقاط جنتي ويزدي ومصباح يزدي. كما دعا روحاني إلى تقويض دور مجلس صيانة الدستور في التدقيق بملفات المرشحين للانتخابات. واعتبر جنتي أمس أن الانتخابات الأخيرة لمجلس الخبراء شهدت «حساسيات وظروفاً خاصة»، مستدركاً أنها نُظمت ب»نزاهة وسلامة كاملتين». وشدد على وجوب أن يبقى المجلس «ثورياً، عملاً وقولاً، ليكون نموذجاً للشعب الإيراني». واعتبرت وكالة «فارس» فوز جنتي «شوكة في عيون الذين أرادوا إبعاده من المجلس»، علماً أن عضو «جمعية العلماء المناضلين» (روحانيت) حسين إبراهيمي أشار إلى أن جنتي وافق قبل بدء جلسة المجلس أمس على الترشح لرئاسته، بعدما كان يرفض ذلك، من دون توضيح السبب. وتحدث عن «مؤامرة» استهدفت جنتي ويزدي ومصباح يزدي في الانتخابات الأخيرة. أما رفسنجاني فلفت إلى أن اختيار رئيس المجلس تمّ في أجواء هادئة، معتبراً أن تركيبة هيئته الرئاسية «جيدة جداً». وأشار روحاني إلى أن مجلس الخبراء التي تمتدّ ولايته إلى ثماني سنوات، «يوجّه رسالة اطمئنان إلى الشعب الإيراني، في حال مروره بظرف صعب وتاريخي»، في إشارة إلى تكليفه اختيار المرشد. وتُليت خلال جلسة المجلس أمس، رسالة وجّهها مرشد الجمهورية علي خامنئي، ورد فيها أن «مسؤولية المجلس تتمثّل في صون الهوية الإسلامية والثورية للنظام، وتوجيه أجهزته المتناغمة نحو أهدافها السامية». وحض أعضاءه على الانتباه إلى «الصلاح الديني الشخصي والسياسي للمرشد» المقبل. ويضمّ مجلس الخبراء مجتهدين في العلوم الدينية، لكن جنتي وأحمد خاتمي يُعتبران من صقور التيار الأصولي، فيما يُشار إلى موحدي كرماني وشاهرودي ودري نجف آبادي بأنهم من «حمائم» التيار. وأشارت أوساط سياسية إلى أن رفسنجاني لم يرغب في مواجهة المتشددين، ولا في الترشّح لرئاسة المجلس، بعدما شكّل خلال الانتخابات قائمة موازية للائحة الأصوليين. أما روحاني فأبدى ارتياحاً إلى النتيجة التي قد تخفّف الضغط على برامجه في الحكومة ومجلس الشورى (البرلمان)، خصوصاً في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي المُبرم مع الدول الست، وقبل انتخابات الرئاسة العام المقبل. ودُعي مسؤولون بارزون والرؤساء السابقون لمجلس الخبراء إلى جلسة أمس، لكن كان لافتاً غياب حسن الخميني، حفيد مؤسس الجمهورية، علماً أن مجلس صيانة الدستور برئاسة جنتي كان أقصاه عن الانتخابات الأخيرة لعضوية مجلس الخبراء. وكان جنتي دعا إلى إعدام الزعيمين الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي بعد انتخابات 2009، وحض العراقيين على شنّ هجمات انتحارية على القوات الأميركية بعد الغزو عام 2003.