باتت قطر على اعتاب مرحلة ازدهار اقتصادي طويل الامد نظرا لقرب اكتمال مشروعي تسييل الغاز اللذين سيدران عليها دخلا موازيا لايرادات النفط ما سيخفف اعتمادها على صادرت الخام ويسرّع معدلات النمو. وقال خبراء اقتصاديون انه على رغم ان الازمة الاقتصادية الاسيوية قد تعيق تنفيد مزيد من المشاريع في حقل الشمال العملاق على المدى القصير، فان مشروعي الغاز المسيل قيد الانشاء سيعطيان دفعة قوية لاقتصاد قطر بسبب ضخامة طاقاتهما الانتاجية وضمان عقود امداد لمعظم الانتاج. وقال مدير الدائرة الاقتصادية في مصرف الامارات الصناعي محمد العسومي في اتصال مع "الحياة" ان المشروعين "سيدران على قطر دخلا ثابتا لفترة طويلة بموجب عقود الامداد التي تختلف طبيعتها عن عقود بيع النفط اذ ان الاخيرة هي اما عقود قصيرة الاجل او عقود فورية". واضاف: "لم تعرف شروط التسعير في اتفاقات بيع الغاز المسيل التي ابرمتها قطر لكن مشاريع بهذه الضخامة ستدر ارباحا قد تساوي الدخل من النفط". و تنفذ قطر، التي تمتلك ثالث اكبر احتياط غاز طبيعي في العالم بعد روسيا وايران، مشروعين عملاقين لتسييل الغاز بعد ان ضمنت مشترين لمعظم الانتاج بموجب عقود ابرمتها مع شركات في اليابان وكوريا الجنوبية في حين لا تزال تجري اتصالات مع زبائن محتملين لتصدير باقي الانتاج. وتنفذ المشروع الاول، الذي اوشك على الانتهاء شركة "قطر غاز" وتبلغ طاقته الانتاجية ستة ملايين طن سنويا في حين تملك شركة "رأس غاز" المشروع الثاني الذي قد يصل انتاجه الى عشرة ملايين طن سنويا. وكان من المقرر تأسيس مشروع اخر بمشاركة شركة "انرون" الاميركية لكن تقارير تحدثت اخيرا عن تعليق المشروع بسبب الازمة الاسيوية. وأعلن مسؤولون قطريون العام الماضي ان انتاج مشاريع حقل الشمال قد يصل الى 30 مليون طن سنويا في حال نُفذت بأكملها ما يجعل هذه الدولة الخليجية اكبر منتج الغاز المسيل في العالم بتخطيها اندونيسيا. وقال الخبير الاقتصادي السعودي احسان ابو حليقة "ان مستقبلا اقتصاديا جيدا ينتظر قطر اذ ان مشاريع الغاز ستؤدي الى ارتفاع كبير في دخلها من العملة الصعبة وتوسع في اجمالي الناتج المحلي وتحقق فوائض كبيرة في الميزان التجاري وميزان المدفوعات". ويُعتبر حقل الشمال البحري القطري اكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم اذ يقدر احتياطه بنحو عشرة تريليونات متر مكعبة 333 تريليون قدم مكعب ما يكفي لمئات السنين بمستوى انتاج تلك المشاريع. واضطرت قطر الى الدخول في اتفاقات مشاركة مع شركات أجنبية لتأمين التكنولوجيا والتمويل بسبب ضخامة الاستثمارات فيها التي يمكن ان تصل الى نحو 15 بليون دولار. وتم تمويل هذه المشاريع عن طريق الشركاء الاجانب والقروض التي بلغت نحو 5،4 بليون دولار والدخل النفطي البالغ نحو ثلاثة بلايين دولار سنويا. وبدأت هذه المشاريع تؤتي ثمارها اذ ارتفع اجمالي الناتج المحلي لقطر بنحو 12 في المئة عام 1996 و 15 في المئة عام 1997 ومن المتوقع ان ينمو بنحو ثلاثة في المئة هذه السنة على رغم الانكماش الكبير في قطاع النفط. واشار تقرير لصندوق النقد العربي في ابو ظبي الى ان قروض مشاريع الغاز رفعت ديون قطر الخارجية الى نحو ستة بلايين دولار العام الماضي اي بنسبة 80 في المئة من اجمالي الناتج المحلي وهي من اكبر النسب في العالم. لكنه اشار الى ان الوضع المالي والاقتصادي "سيتحسن كثيرا في نهاية القرن نتيجة ارتفاع الايرادات المتوقعة من مشاريع الغاز". وبالاضافة الى صناعة الغاز، تقوم قطر بمشاريع لتوسعة طاقة انتاج النفط الى اكثر من 600 ألف برميل يوميا لاستغلال احتياطها البالغ نحو اربعة بلايين برميل. وقال اقتصاديون "ان مشاريع الطاقة في قطر ستتيح لها كذلك ان تحافظ على مركزها كإحدى الدول التي تتمتع بأكبر دخل فردي في العالم".