تتمتع واشنطن دي. سي بأعلى متوسط للدخل في الولاياتالمتحدة يصل إلى 2،36 ألف دولار للعائلة الواحدة وإلى 5،23 ألف دولار للفرد مقابل 1،18 ألف دولار في بقية أنحاء البلاد، حسب احصاءات العام الماضي. إلا أن ما يميز العاصمة الفيديرالية أيضاً امتلاكها أعلى معدل للجريمة وأعمال القتل بين بقية الولايات الأميركية، علاوة على التفاوت الكبير بين ثروات العائلات الموسرة فيها والتي يبلغ عددها 159 ألف أسرة تملك الواحدة منها أكثر من مليون دولار، في وقت يعيش غالبية سكان المدينة وضواحيها في فقر مدقع وتتفشى في أوساطهم مشاكل البطالة والجريمة والمخدرات. ويشكل السود 70 في المئة من اجمالي سكان العاصمة البالغ عددهم 600 ألف نسمة مقابل نحو 2،1 مليون يعيشون في ضواحيها. وتشكل العنصرية سمة واضحة للمشاكل الاجتماعية في العاصمة التي تعيش على "صناعة الحكومة" الفيديرالية والتي تستقطب نخبة من أصحاب الياقات البيض من مختلف أنحاء البلاد. ويبلغ عدد الأشخاص بدون مأوى في واشنطن عشرة آلاف شخص أغلبهم من السود. ويعيش 17 في المئة من السكان تحت مستوى الفقر وأغلبهم، هنا أيضاً، من السود. ويشكل معدل دخل العائلات السود في العاصمة وضواحيها نسبة 54 في المئة من معدل دخل العائلات البيض. أما معدل وفيات الأطفال في أوساطهم فيبلغ ضعفي المتوسط الوطني ولا يزال يعتبر من اعلاها في البلاد. كما أن معدل الخروج من النظام الدراسي يعتبر كبيراً بالمستويات الوطنية. ومنذ مطلع الثمانينات عانت واشنطن من انتشار المخدرات، لا سيما "الكراك" لدى ظهوره عام 1985. وفشلت كل الجهود التي بذلت منذ ذلك الحين في القضاء على هذه الآفة أو تأمين نوع من الاستقرار الاجتماعي في المدينة الساحرة التي تعتبر أقوى عاصمة في العالم والتي تحمل في وجدانها علامات مؤلمة فارقة في تاريخها الحديث والقصير في آن. وعاشت المدينة أحداثاً دامية وعنيفة منذ أحرقها البريطانيون مطلع القرن الماضي عندما قاموا بإنزال 4500 جندي على مقربة منها استطاعوا دخولها عنوة والاستيلاء عليها لمدة يومين، وكذلك الأمر خلال الحرب الانفصالية في ستينات القرن الماضي أو عام 1968 عندما امتدت أعمال الشغب العرقية من لوس انجليس إلى نيويورك وديترويت وفيلادلفيا وبقية المدن وبينها واشنطن التي كانت الجماعات السوداء تحتج فيها على التأخر في تطبيق قانون الحقوق المدنية. وكان الزعيم الاصلاحي الكبير مارتن لوثر كينغ وعد في ربيع ذلك العام بتنظيم مسيرة ثانية حاشدة إلى واشنطن. لكنه اغتيل في 4 نيسان ابريل في مدينة ممفيس في ولاية تينسي لتبدأ أعمال شغب انطلقت من محاولة الشبان الصغار في أحياء واشنطن التجمع لاقناع أصحاب المحلات بالاقفال. وما لبثت التجمعات أن تحولت إلى جماعات هائجة قامت بتحطيم وتكسير المتاجر والمحلات وإشعال الحرائق التي علا دخانها ليغطي الكابيتول والبيت الأبيض. وفي ظل افلات زمام الأمور من عقالها لجأ الرئيس الأميركي ليندن جونسون، بعد "استشارة" المسؤولين في المدينة، إلى استدعاء الحرس الوطني وقوات الجيش التي نشرت خمسة آلاف جندي في الأحياء الأكثر عرضة للاضطرابات. وفي مدى 36 ساعة نجحت هذه القوات في إعادة بسط الأمن وقمع المتظاهرين والمسؤولين عن أحداث الشغب. وكان الثمن باهظاً: 12 قتيلاً وألف جريح وخسائر في الممتلكات فاقت 27 مليون دولار. العنف ليس، بالتالي، شيئاً غريباً عن واشنطن. والنصائح التي تقدم للسياح هي تجنب التجول في الأحياء البائسة اجتماعياًوعدم الخروج خلال الليل بمفردهم إلى الساحات الخالية من المارة.