قال قطب سياسي ان المحادثات التي تجرى من حين الى آخر بين مسؤولين لبنانيين وآخرين سوريين، لم تتطرق الى مسألة انتخابات رئاسة الجمهورية، وانما تناولت تحييد الساحة الداخلية عن الصراعات السياسية المحدثة أو المزمنة، لئلا تشيع اجواء غير طبيعية على عتبة الاستحقاق الرئاسي، اسوة بما حصل قبل التمديد نصف ولاية لرئيس الجمهورية الياس الهراوي. وكشف القطب ل"الحياة" ان زيارة الوفد العسكري السوري الاسبوع الماضي لرئيس الجمهورية لم تأت على ذكر الاستحقاق، وكانت لقاء مجاملة تخللتها مأدبة غداء ، مؤكداً ان الاجتماع الذي ضمّ نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام ورئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري في حضور عدد من القادة العسكريين السوريين في شتورة البقاع بقي محصوراً في اطار عرض التطورات الراهنة ذات الصلة المباشرة بالعملية السلمية في المنطقة والجمود المسيطر عليها. واضاف "على خلاف الاعتقاد السائد ان مثل هذا الاجتماع لا بد من ان يكون تطرّق الى انتخابات الرئاسة مع اقتراب موعدها في الخريف المقبل، فان ما توافر لدينا من معلومات يسمح لنا بالتأكيد انها لم تكن مدار بحث. فالهدف الرئيسي من لقاء شتورة ضمان استمرار تطبيع العلاقة بين الرئيسين بري والحريري وتأمين الاجواء المريحة بين السلطتين التشريعية والاجرائية اللتين تستعدان للبحث في مشروع قانون سلسلة الرتب والرواتب للموظفين العاملين في القطاع العام على نحو تراعى فيه الاوضاع المالية لخزينة الدولة، اضافة الى قضية تتعلق بالتمديد لرئيس الجامعة اللبنانية الدكتور اسعد دياب بناء على رغبة ابداها رئيس المجلس". ورأى القطب السياسي "ان لا مبرر لربط فتح الدورة الاستثنائىة للمجلس النيابي بالاستحقاق الرئاسي بذريعة ان توسيع الخيارات الرئاسية من خلال تعديل المادة ال49 من الدستور، لا بد من ان يتم قبل نهاية الدورة، بدلاً من ان تترك التعديلات الدستورية للدورة العادية التي تبدأ في اول ثلثاء يلي الخامس عشر من تشرين الاول اوكتوبر المقبل". واعتبر ان "لا مشكلة في اعادة فتح دورة استثنائية لاجراء التعديل الدستوري، وحتى ترك الامر للدورة العادية في حال كان هناك ما يشبه الاجماع على توسيع الخيارات الرئاسية للافساح في المجال امام الرئيس الهراوي للترشح أو لموظفي الفئة الاولى من دون الاستقالة من وظيفتهم قبل عامين من موعد اجراء الانتخابات الرئاسية". وعزا السبب الى ان اركان الدولة اللبنانية "يدركون جيداً ان انتخابات الرئاسة ليست معزولة عن دائرة الاهتمام الاقليمي والدولي وان لدمشق دوراً لا يمكن تجاهله، وبالتالي لن يدخلوا في نزاعات من شأنها التأثير سلباً في من سيقع عليه الخيار ليكون رئيس الجمهورية العتيد، بالتعاون مع المعنيين في الساحة اللبنانية". وقلل القطب السياسي من الرهان على الولاياتالمتحدة الاميركية كقوة فاعلة ومؤثرة في الانتخابات. وقال "ان واشنطن تعرف الابعاد التي تعنيها من وجهة النظر السورية ومدى تأثير دمشق على هذا الصعيد، لذلك لن تدخل في مبارزة سياسية او إعلامية، وان كانت سورية تحاول مراعاتها في هذه المسألة او التوافق معها على بعض القضايا لتأتي الولادة السياسية طبيعية تتيح للمرشح الذي لا يشكل ازعاجاً لدمشق الفرصة للوصول الى سدة الرئاسة". واضاف "ان الاهتمامات السورية بالوضع اللبناني تتجاوز حجم الاهتمامات الاميركية اذ ان واشنطن كعادتها تتعاطى بواقعية مع الخيارات الرئاسية وليست في وارد البحث عن مشكلة". واكد القطب "ان ملف الانتخابات الرئاسية سيفتح وانما توقيته لن يتعارض مع الرغبة السورية، اي سيؤجل فتحه لمنع حصول مضاعفات سلبية في الوقت الضائع على مجمل الوضع اللبناني". واضاف "ان دمشق تبدي انفتاحاً على كل المرشحين الى انتخابات الرئاسة الذين يزورونها في استمرار، ويلتقون كبار المسؤولين الذين يتعاملون معهم بايجابية ويستمعون الى مواقفهم من دون ان يظهروا اي اشارة قد تشعر البعض منهم ان الملف سيفتح على عجل. وان دمشق تبقي على ابوابها مفتوحة للقاء المرشحين. وتحاول ان تبلغهم بصراحة انها لا تضع فيتو على احد، خصوصاً ان الانفتاح بين المسؤولين السوريين والقيادات المسيحية بدأ منذ مدة طويلة، انطلاقاً من الرغبة الدمشقية في الاستماع الى وجهات نظرها حيال الاوضاع الراهنة لمعرفة ما لديها من ملاحظات على اداء أركان الدولة"، واللافت ان القطب السياسي لا يؤيد في المطلق الرأي القائل ان لكل مرحلة سياسية مواصفاتها التي لا بد من ان تنطبق على بعض المرشحين دون سواهم وان اختيار رئيس الجمهورية ينبع من مدى مطابقته هذه المواصفات. ورأى ان هناك مجموعة من الجوامع المشتركة بين غالبية المرشحين وان كانت قلة منهم تستطيع ان تكون لكل المراحل من دون استثناء، علماً ان ثمة من يعلن دعمه لهذا او ذاك منهم في محاولة للايحاء بانه كان صاحب خيار او كان له دور في اختياره، في حال وصل. واضاف "ان الساحة السياسية قد تكون خالية لقلة عدد المرشحين الذين يمكن ان يقع على واحد منهم الخيار، وان السبب يعود الى ان لبنان الذي عودنا اغناء الحياة السياسية بعدد وافر من السياسيين، بات يشكو من ان الحرب التي عصفت به حالت دون بروز قيادات شابة على غرار ما كنا نشهده في الماضي".