لم تحجب القمة اللبنانية - السورية الموسعة التي انعقدت اول من امس في دمشق بين الرئيسين الياس الهراوي وحافظ الاسد في حضور رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري ووزير الخارجية فارس بويز الذي شارك في جانب منها قبل ان يغادر ونظيره السوري فاروق الشرع الى الدوحة الانظار عن عرض الملف الداخلي اللبناني، على رغم ان ظاهرها ركّز على الموقف المشترك من الاقتراح الاسرائيلي القاضي بالتطبيق المشروط للقرار الرقم 425، استباقاً لما قد يحمله في هذا الشأن الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان في زيارته لبيروت في 20 آذار مارس الجاري في اطار جولة يقوم بها على عدد من عواصم المنطقة. وعلمت "الحياة" ان القمة الموسعة التي انتهت الى تأكيد لاءات ثلاث في معرض الرد على الاقتراح الاسرائيلي تتمثل برفض التفاوض او الدخول في ترتيبات أمنية أو توفير الضمانات، لتكون ماثلة في ذهن أنان في حال حاول جس نبض الحكومة اللبنانية حيال العرض الذي اعلنه وزير الدفاع الاسرائيلي اسحق موردخاي، لم تهمل الملف الداخلي الذي فرض نفسه على جدول اعمال القمة في ظل حال عدم الارتياح التي تحكم مسار العلاقة بين الرؤساء الهراوي وبري والحريري. ولم يقلل احجام مصادر مقربة من الرؤساء الثلاثة عن الدخول في تفاصيل ما دار في القمة من ابحاث تتعلق بالشؤون الداخلية اللبنانية، من تسليط الاضواء على تفاصيلها، مع ان المصادر نقلت عن احد الرؤساء قوله للذين اتصلوا به، ان البحث شدد على الموقف المشترك من الاقتراح الاسرائيلي. وما يعزز الاعتقاد ان الملف الداخلي استحوذ على حيّز اساسي من محادثات القمة، ان حجم الخلوات التي عقدها الرئىس الاسد على انفراد مع كل من الرؤساء الثلاثة والتي اعقبتها خلوات مماثلة لنائب الرئىس السوري السيد عبدالحليم خدام والتي كانت فوق العادة، جاءت لتؤكد اهمية الدور الذي أدّته القيادة السورية ليس من أجل تنقية الاجواء الرئاسية وحسب، وانما ايضاً للتوفيق في شأن عدد من القضايا المطروحة التي فرضت وتفرض نفسها. وأبرزها الاستحقاق الرئاسي المترتب على قرب موعد اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية. وقالت مصادر ثقة ان الخلوات المتعددة شهدت تبادل عتاب هادئ بين الرؤساء الثلاثة لتنتهي الى تحقيق مصالحات ينتظر ان تظهر نتائجها من خلال تعاطيهم اليومي في ايجاد حلول لعدد من المشكلات القائمة، مشيرة الى ان الرأي بين أركان الدولة استقر على ان لا ممانعة من التعديل المزدوج للمادة ال 49 من الدستور على نحو تجيز اعادة انتخاب الرئىس الهراوي لولاية جديدة او لكبار الموظفين من الفئة الاولى، توسيعاً للخيارات في انتقاء الرئىس العتيد. وفي هذا السياق، علمت "الحياة" ان قمة دمشق مهّدت الطريق للتحضير الأولي لانتخابات الرئاسة وفي ظروف طبيعية على خلاف الظروف التي سادت البلد في العام 1995 قبل ان يحسم التمديد للرئىس الهراوي لنصف ولاية، والذي سبّب تجاذبات انعكست على الوضع الاقتصادي. ويبدأ تمهيد الطريق باطلاق الحرية لعشرة نواب بان يتقدموا من المجلس النيابي في دورته العادية التي تبدأ غداً وتنتهي في آخر ايار مايو المقبل، باقتراح قانون يرمي الى التعديل المزدوج للمادة ال 49 من الدستور، على ان يبدأ تحضير الاجواء مطلع نيسان ابريل المقبل، أي بعد ان ينتهي لبنان من انشغاله باستقبال عدد من كبار المسؤولين الاجانب وعلى رأسهم أنان ووزير الخارجية البريطانية روبين كوك ومن ثم وزير الخارجية الايرانية كمال خرازي. ورأت مصادر رسمية ان تقدم عشرة نواب باقتراح القانون الذي سيحسم قبل انتهاء الدورة العادية هدفه عدم احراج الرئيس الهراوي الذي كان له موقف منه في الاسبوع الماضي، ينطلق من انه غير معني لا بالتعديل الاحادي ولا بالمزدوج، وهذا يعني ان تعديل الدستور سيتم بمبادرة نيابية لا بمبادرة من الحكومة ورئيس الجمهورية. وكشفت أن مسألة اجراء انتخابات رئاسية مبكرة طرحت على بساط البحث وان كبار المسؤولين السوريين استمعوا الى وجهات نظر الرؤساء الثلاثة، ونصحوا بأن يترك هذا الموضوع لمزيد من المشاورات الداخلية، ولم تجزم مَنْ طرح من الرؤساء فكرة اجراء انتخابات رئاسية مبكرة على قاعدة توسيع الخيار للمرشحين من جراء تعديل المادة ال 49، لكنها قالت ان البعض اقترح الفكرة من زاوية الرغبة في تفادي جرّ البلاد الى تجاذبات مبكرة لا تنتهي إلا مع انتخاب رئيس الجمهورية العتيد في الموعد المحدد في الدستور اي قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئىس الهراوي او شهر في اقصى الحالات. وأكدت المصادر ان التوافق على اجراء انتخابات مبكرة يمكن ان يخفف من وطأة التجاذب على غرار ما حصل في الماضي حين اضطر مصرف لبنان الى التدخل للحفاظ على استقرار العملة الوطنية حيال الطلب على الدولار الاميركي. وأوضحت انه في حال التوافق على تقريب موعد انتخاب الرئىس الجديد، يفترض ان يشمل هذا التوافق تعديل الدستور أيضاً، الذي ينص على اجرائها قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئىس الحالي في تشرين الثاني نوفمبر المقبل. ورفضت المصادر التأكيد هل طرحت قضية تشكيل حكومة انتقالية على هامش محادثات القمة، مستبعدة قيام حكومة جديدة. وقالت ان الحكومة الحالية ستستمر حتى نهاية العهد.