تكهن صاحبي، بفراسة مرحة، بأن الحلوى التي وزعها الأهالي على بعضهم بعضاً في شوارع اسلام أباد هي "الغريبة"، وهذه يميل لونها الى الصفرة وتتألف من الدقيق والسميد والزبدة والسكر، وهي حلوى كانت رائجة في بلادنا ثم قل الطلب عليها بعد ان تغيرت اذواق الناس. والأهم من الحلوى هو المشاعر... الحلوة، فقد كان الطرب يستخف بشبان الصورة حتى بدا توزيع الحلوى تحصيل حاصل وأقل الواجب. فقد تمت منازلة العدو الهندي باللغة التي يفهمها ليست الاوردو وخلافا لانطباعات اشاعها نواز شريف حين أشار الى ان باكستان دولة مسؤولة، وبما فهم منه انها ليست في وارد الانغماس في التسابق على "النووي". لكن هذه التقديرات سرعان ما خابت، وكان احد كبار الخبراء في مجال الابحاث النووية صرح عشية ما صرح به شريف، بأنه قيد اشارة القرار السياسي للشروع في وضع اللمسات الاخيرة على التجارب النووية، وكما هو حال الطباخ الطاهي الذي ينتظر امر صاحب الاوامر لاعداد الطعام في وقت معلوم وقصير، والحال انه لم يُترك مكتوف اليدين بلا شغل، فيما اعطى للطهاة الآخرين حظ صنع الحلوى التي تم توزيعها على من يشتهي في الشوارع. لم يكن صاحبي يخفي فرحته لفرحة الاخوة هناك، حتى انه استذكر المذاق السائغ للغريبة التي تذوب في الفم، والتي ذهبت ايامها مع انماط عيش ومآكل غاربة ومستحبة، ولم يكن وحيداً في فرحته. فهنا وهناك لا يكتم الناس اعجابهم بالمثال الباكستاني حيث ينصهر الفقر والعلم والدين والكرامة في بوتقة واحدة، خلافاً لحالنا حيث لا ينصهر ولا يجتمع شيء مع شيء في سبيكة واحدة، حتى ان المفاجأة لمن فوجئ بها اثارت لواعج دفينة من قبيل الحنين الى الحرب. فقد خاض الباكستانيون وجيرانهم حروباً طويلة متفرقة دون ان تفتر منهم الهمة او تكل العزيمة، خلافاً لحالنا المشهود. وتمنى صاحبي في الهمس والجهر لو اننا نتشبه بهم. بهم ام بالهنود؟... اذهشه السؤال، فما الفرق بين الهندوباكستان وكل منهما اثبت انه امة حية، وكان صاحبي ابدى من قبل اعجاباً مماثلاً بالصنيع الهندي وهو ما لم يحزه أي نزاع من قبل. فالتربص الهندي النووي بالجار الباكستاني يثير الاعجاب، ثم يتجدد الاعجاب مع تربص باكستان بالجار الهندي، وقوام الاعجاب هو امتلاك الطرفين للأسلحتة الفتاكة والتي صنعها كل منهما لأجل الآخر وليس لأي طرف سواه. فإذا اعجزتنا نحن العرب الحيلة عن خوض غمار الحرب فلتقرع طبولها في مكان آخر، فيشفى غليلنا وتنشرح صدورنا ولنا ملء الحق في رؤية حروب الآخرين حرباً على اسرائيل.