انضم 600 مصنع تونسي الى "خطة التحديث الشامل" التي فرضها استحقاق اقامة منطقة للتبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي. وكانت تونس توصلت عام 1995 الى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي يرمي لإقامة منطقة للتبادل الحر في غضون 12 سنة بعد اعداد الاقتصاد المحلي تدريجاً لمواصلة منافسة المنتجات الأوروبية. ودخل الاتفاق مرحلة التنفيذ اعتباراً من اذار مارس الماضي ما أدى الى المباشرة بإلغاء الحواجز الجمركية على أربع مراحل. ووضعت وزارة الصناعة التونسية خطة لتحديث ألفي مصنع محلي في جميع القطاعات بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي. وقال سفير الاتحاد الأوروبي في تونس روبرت فان دارمولن لپ"الحياة" ان خبراء الاتحاد قدروا حاجات تونس للاستثمارات التي ستخصص لتنفيذ خطة تأهيل الصناعات المحلية بنحو 240 ملوين إيكو نحو 290 مليون دولار. وأوضح ان بعثة من خبراء الاتحاد الأوروبي زارت تونس أخيراً حددت القيمة الاجمالية للاستثمارات وأن اجهزة الاتحاد ستصرفها على مدى سنتين بعد اجراء محادثات مع المسؤولين التونسيين في شأن تحديد الأولويات التي تصرف فيها الاستثمارات. وقال: "ان تونس والاتحاد الأوروبي أقاما مركزاً للأعمال باستثمارات قيمتها 20 مليون إيكو نحو 24 مليون دولار سيكون بمثابة مكتب دراسات يتولى التدقيق في خطط التأهيل التي يضعها المسؤولون عن المصانع المحلية في اطار الاستعداد لانشاء منطقة للتبادل الحر تونسية - أوروبية وتعزيز البنية الصناعية المحلية لمجابهة المنافسة الأوروبية". واعتبر ان تونس هي من أكثر الدول المؤهلة لتطوير بنيتها الصناعية والخدمية في منطقة المتوسط. وشدد على ان استحقاق التأهيل لا يقتصر على القطاع الصناعي فقط، انما يشمل في الوقت نفسه البنية الأساسية والخدمات وقطاع التوزيع التي تحتاج جميعاً الى اعادة تأهيل عميقة لتأمين شروط النجاح لاتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي. وأتاح تنفيذ خطط التأهيل الوصول الى أسواق جديدة، وقال المدير العام لمصنع "مصفاة" الذي ينتج اجهزة تصفية الزيت للسيارات اسماعيل كمون لپ"الحياة" ان المصنع بات يصدر انتاجه الى الجزائر وليبيا والعراق التي تستأثر بنحو 20 في المئة من الانتاج العام. وأوضح ان حجم معاملات المصنع ارتفع من 6 ملايين دينار نحو 6 ملايين دولار عام 1995 الى 7 ملايين دولار العام الماضي بعد استكمال تنفيذ خطة التأهيل التي اخضع لها المصنع. وأشار الى ان المصنع الذي كان يعاني من محدودية السوق المحلية استطاع ان يكرس انفتاحاً واسعاً على مجموعات صناعية أوروبية في مقدمها "فولكسفاكن" التي توصل معها الى اتفاق يتولى بموجبه تلبية جميع طلباتها من المصافي. وأفاد ان المصنع كان بدأ التصدير الى كل من فرنساوالمانياوايطاليا منذ 1990. وقال كمون: "ان خطة التأهيل كلفت المصنع 4 ملايين دولار انفقت في تجديد المخابر وتوسيع المباني ومعالجة النفايات وشراء معدات حديثة"، وتوقع ان يساعد استكمال الخطة على زيادة نسبة الصادرات من 40 في المئة من الانتاج حالياً الى 50 في المئة في السنوات المقبلة. وزارت "الحياة" مصنع الصحون والأواني الخزفية في ضواحي العاصمة تونس الذي استكمل تنفيذ خطة للتأهيل العام الماضي. وأوضح مديره العام سامي ادريس ان التصدير الى ايطاليا بدأ منذ الثمانينات ثم توسع الى أسواق أوروبية أخرى لاحقاً خصوصاً بلجيكاوفرنسا واسبانيا وهولندا. الا ان زيادة المنافسة الشديدة التي نجابهها في الاسواق الخارجية جعل تحديث المصنع ضرورة للبقاء والتطور. وقدرت كلفة تنفيذ خطة التحديث بپ4 ملايين دولار استخدمت في شراء معدات جديدة وآلات متطورة من المانيا ليكون الانتاج المحلي قادراً على منافسة المنتوجات الآسيوية والأوروبية الشرقية. وأشار الى ان خطة التحديث شملت اخضاع الكوادر والعمال الى دورات تأهيل عدة لتدريبهم على استخدام الآلات المتطورة وتوجت بحصول المصنع على شهادة ايزو 9000. وقدر حجم معاملات المصنع بپ12 مليون دينار وعدد العاملين فيه بحوالى 665 عامل وكادر، وارتفعت نسبة الصادرات الى 70 في المئة وباتت تصل الى اميركا اللاتينية وآسيا. وينتج المصنع حالياً 10 ملايين صحن من صحون المائدة في السنة و40 ألف قطعة في اليوم. الا ان خطة التحديث في مصنع الألبسة "كافاليي" المنستير 160 كلم جنوب العاصمة تونس لم يكلف أكثر من 2.6 مليون دينار أكثر من 2 مليون دولار. وأوضح المدير العام للمصنع كمال العياشي ان حدة المنافسة في الأسواق الأوروبية هي التي حملت على تحسين الانتاج ليكون متطابقاً مع أحدث المواصفات في أوروبا التي تكاد تستوعب انتاج المصنع بالكامل. وحصل المصنع على حوافز وتشجيعات قُررت للمصانع التي تباشر تنفيذ خطط تحديث وقدر العياشي نسبة المساعدة التي حصل عليها المصنع لتنفيذ الخطة بپ20 في المئة من الكلفة الاجمالية. واكد ان عملية التحديث الجارية أتاحت تطوير التجهيزات والمعدات وزيادة حجم الانتاج بنسبة 20 في المئة واستقطاب زبائن جدد في أوروبا. كذلك ارتفع حجم معاملات الشركة من 9 ملايين الى 15 مليون دينار نحو 13 مليون دولار. الا انه شدد على ان "أهم كسب تحقق من خطة التحديث هو معاودة تأهيل الكوادر والعمال وتحسين أدائهم على نحو يجعلنا قادرين على استجابة الطلبات المتزايدة في السنوات المقبلة خصوصاً أننا باشرنا تنفيذ خطة للانفتاح على الاسواق العربية والوصول لاحقاً الى الولاياتالمتحدة".