أعلن رئىس الوزراء الباكستاني نواز شريف امس الخميس ان بلاده أجرت بنجاح خمس تجارب نووية، رداً على تلك التي اجرتها الهند في 11 و13 الجاري، وقال: "سوينا حساباتنا مع الهند". وأشار شريف في خطاب بثته اجهزة الاعلام الباكستانية الى ان بلاده اضطرت الى اجراء هذه التجارب بعدما سبقتها الهند الى ذلك. ورأى ان فرض عقوبات على بلاده بسبب ذلك سيكون أمراً "غير منصف". وأكد رئيس الوزراء الباكستاني ان بلاده اتخذت قرارها في ضوء اخلال الهند بالتوازن العسكري في المنطقة عبر تجاربها التي ترافقت مع نشرها صواريخ "بريثفي" التي تهدد الأراضي الباكستانية. وأشار شريف الى ان باكستان لم تتلق أي عرض لمساعدتها أو ضمانات تتعلق بأمنها من الغرب الذي أدى موقفه "الضعيف" تجاه الهند الى تشجيع الأخيرة على المضي في سياساتها. ولم يعط رئيس الوزراء الباكستاني معلومات عن التجارب وموقعها لكن مصادر اعلامية غربية نقلت عن مسؤولين باكستانيين ان التجارب الخمس جرت في موقع نووي في باطن الأرض في دوستان واد جنوب غربي كوتيا قرب الحدود الافغانية. وأضاف المسؤولون ان التجارب تمت بنجاح نسبته مئة في المئة وان الخبراء الباكستانيين مسرورون جداً من نتائجها. وكان وزير الخارجية الباكستاني جوهر ايوب خان أول مسؤول حكومي يعلن ان بلاده أجرت تجاربها النووية التي تشكل مرحلة جديدة في النزاع التاريخي بينها وبين الهند. وأعلنت وكالة الانباء الباكستانية ان اسلام اباد ابلغت الصين مسبقاً بعزمها على القيام بالتجارب النووية الخمس التي اجرتها اليوم الخميس. وقالت الوكالة ان اسلام اباد ابلغت بذلك ايضاً دولاً "صديقة" من بينها دول عربية وايران. وأوضحت الوكالة ان الأمين العام لوزارة الخارجية الباكستانية ابلغ السفير الصيني في اسلام اباد بالقرار وشرح له الاسباب التي دفعت بلاده الى اتخاذ قرارها هذا. وكانت الصين أعلنت نبأ التجارب النووية الباكستانية بسرعة غير معتادة. ويعتقد المحللون ان هذه القضية ستثير مجدداً الشكوك في الدور الذي لعبه الخبراء الصينيون في البرنامج النووي الباكستاني. وكان البلدان الهندوباكستان خاضا ثلاث حروب منذ استقلالهما وتقسيم شبه القارة الهندية قبل نصف قرن، لكن سبق وان باشرا حواراً بعد انتصار شريف في الانتخابات الاشتراعية في شباط فبراير 1997. لكن وصول المتطرفين الهندوس الى السلطة في نيودلهي في اذار مارس الماضي أدى الى تصليب المواقف والى توتر كبير خصوصاً بعد التجارب النووية الهندية والتصريحات العنيفة التي أدلى بها الهندوس إزاء مشكلة كشمير. وتعتبر كشمير ذات الغالبية المسلمة التي تقع في منطقة الهملايا والمقسمة بين الهندوباكستان موضوع النزاع الاساسي بين البلدين اللذين يسعيان الى السيطرة على كامل هذه الولاية. وأدى النزاع على كشمير الى نشوب حربين عامي 1947 و1963. واندلعت حرب ثالثة في كانون الأول ديسمبر 1971 أدت الى تقسيم باكستان واستقلال القسم الشرقي منها الذي اصبح دولة بنغلادش. وكانت باكستان تتابع باهتمام كل التطورات الخاصة بالقدرات العسكرية الهندية "المتفوقة على الدوام" والتي سعت اسلام اباد الى تحقيق توازن معها. وفي هذا السياق يكتسب تطوير القدرات النووية أهمية خاصة للبلدين اللذين كانا الى فترة قريبة يعتبران من الدول المسماة بدول "العتبة" أي التي تملك القدرة على انتاج سلاح نووي أو انها تملك فعلاً مثل هذا السلاح. وكانت الهند اجرت عام 1974 تجربة نووية حققت بعدها باكستان تقدماً في برنامجها الذري مكنها اعتباراً من عام 1982 من امتلاك "القدرة" النووية. ويعتقد الباكستانيون ان هذه القدرة النووية هي التي سمحت بتفادي اندلاع نزاع بين البلدين عام 1989 عندما بدأ التمرد الانفصالي المسلح في كشمير، وأدى التمرد حتى الآن الى سقوط عشرين ألف قتيل. وتتهم نيودلهيباكستان بأنها خلقت وساندت حركات المتمردين الناشطة فيما تنفي باكستان ذلك. ويشير المسؤولون الباكستانيون الى تصريحات القوميين الهندوس حول كشمير محذرين من نزاع جديد في هذه المنطقة. وكان العديد من المحللين الغربيين وخصوصاً في الاستخبارات الاميركية تكهنوا قبل فترة بأنه اذا كان هناك من نزاع نووي قد ينشب في مستقبل قريب فإن هناك امكانية كبيرة ان ينشب في شبه القارة الهندية.