في الصيف تتحول القاهرة الى ناد كبير، ويكون للحنطور الذي كاد يندثر دور كبير، بعدما اصبح من المعالم السياحية لا سيما وسط العاصمة والزمالك وبرج الجزيرة وغيرها من المناطق التي يرتادها السياح العرب. وسائق الحنطور عادة يكون شخصاً واسع الثقافة نظراً إلى تجواله المستمر وتعرفه الى جنسيات ونوعيات عدة من البشر. وهو إلى ذلك يتكلم لغات عدة والتسعيرة لا تختلف كثيراً من شخص لآخر، لأن "المشاوير" عادة تكون واحدة: على الكورنيش او حول برج الجزيرة وكل ذلك من اجل المتعة فقط، وليس من اجل الانتقال من مكان الى آخر. على شاطئ النيل، التقت "الحياة" بعضاً من سائقي الحناطير. يقول محمد علي فتحي 38 سنة: حضرت من الاقصر لأمارس هذه المهنة، وكنت أعمل في الأقصر أيضا سائقاً لحنطور، لكني شعرت أن الرزق في العاصمة كثير، وهذا ما دفعني الى الحضور بالحنطور الذي امتلكه. ويضيف انه يتحدث ثلاث لغات: الانكليزية والفرنسية والالمانية، بالاضافة الى العربية. ويواصل حديثه قائلاً: "يتركز نشاطي في منطقة الكورنيش امام الفنادق الكبرى، وإلى جوار برج الجزيرة، أحد المعالم السياحية المهمة في القاهرة. ومعظم الذين يركبون معي من العرب الراغبين في التنزه على الكورنيش، وبعضهم من الاجانب لا سيما الاميركيين والالمان والفرنسيين، ولذلك أحصل على الأجرة بعملات عدة قد تكون الريال السعودي أو الدينار الاردني والكويتي، وأحياناً تكون بالدولار الاميركي أو الجنيه الاسترليني". ويقول سائق آخر يدعى عبدالفتاح رزق علي 42 سنة: "انا من سكان القاهرة، كنت أعمل في البداية على عربة كارو، وأقوم بنقل البضائع من مكان الى آخر، لكن مع مرور الوقت قررت ان أعمل في قيادة الحناطير، لأن التعامل يكون، في معظم الوقت، مع أشخاص أجانب وهم يدفعون بسخاء". ويضيف: "اجر التوصيل يختلف من شخص الى اخر، فمثلاً المشوار الذي يساوي خمسة جنيهات مصرية قد أحصل فيه على عشرة ريالات سعودية، أو خمسة دولارات اميركية وبالتالي فإن فارق العملة يفيد كثيراً في هذه الحالات". ويشير الى ان السياح من الدول العربية أكثر كرماً من غيرهم من الدول الأجنبية ممن يماكسون مع صاحب الحنطور لخفض المبلغ مهما كان بسيطاً. ويقول: "تساعدني اللغات التي أعرفها على التفاهم معهم، سيما ان حفظ الارقام مسألة سهلة". أما رشدي عبدالقادر السيد الذي يمتهن قيادة الحناطير فيقول إن "المصريين أيضاً يركبون الحنطور أحياناً، لكن معظهم يفضل المشي سيراً على الكورنيش وعلى الكباري، لا سيما كوبري قصر النيل الذي يمكن ان نسميه كوبري العشاق". وذاعت شهرة الجسر باسمه الجديد منذ أكثر من 25 عاماً، حين طلبت الفنانة فاتن حمامة من المطرب عبدالحليم حافظ ان ينتظرها على كوبري قصر النيل في فيلم "موعد غرام". في منطقة الهرم أيضاً هناك عشرات الاشخاص الذين يقودون الحناطير ولكنها تسمى هناك "كارتة". يقول فرغلي محمد سائق كارتة "إن الاجانب عرباً كانوا أو من دول اوروبية يفضلون ركوب الكارتات في منطقة الأهرامات، لأن المسافات بعيدة بين الأهرامات الثلاثة وابو الهول سيما في فترة النهار حين يكون الجو حاراً". ويضيف: السيدات اكثر اقبالاً على الكارتات من الرجال وكذلك الفتيات، والاجرة متروكة لتقدير الزبون. ويستطرد: قد تحدث خلافات على الاجرة، لكن في اغلب الاحوال نتفق على سعر محدد يدفعه الزبون من دون مشاكل، والحد الادنى لركوب الحنطور او الكارتة خمسة جنيهات، وقد يصل الى 100 جنيه. سائق آخر يدعى فوزي عادل محمود يقول: الصيف هو موسم ازدهار الحناطير والكارتات. ويضيف: الدخل يتضاعف في الصيف، وذلك يعوض فترات الركود الشتوي. ويشير أحد مسؤولي المرور في العاصمة إلى أن الحناطير موجودة في منطقتي وسط العاصمة والهرم فقط لخدمة السياح والمصريين الراغبين في التنزه ولا يسمح لهذه الحناطير بالسير في كل شوارع العاصمة حتى لا تعطل المرور، علاوة على كون العاصمة مزدحمة. ويؤكد مصدر امني انه قلما تحدث مشاكل بين سائقي الحناطير والركاب، واذا حدثت خلافات يتم حلها في أقسام الشرطة بسرعة.