في السوق السياحية في مدينة الاقصر جنوب مصر، يجلس أبو آية بجلبابه الرمادي الفضفاض أمام محله لبيع الملابس الفولكلورية والتذكارات ويتبادل الحديث مع أصحاب المحال المجاورة متحسرا على ايام مضت كان السياح خلالها يتدفقون بالآلاف على هذه المنطقة الأثرية العريقة. ويقول أبو آية (47 سنة): «قبل عام 2011، كان جيب جلبابي يمتلئ بالدولار واليورو، أما اليوم فيجلس البائعون أمام محالهم يقرأون الصحف لقلة الزبائن». في السوق العتيقة، تتراص المحال على الجانبين عارضة في واجهاتها هدايا مختلفة وأعشاباً عطرية وتذكارات من التماثيل الفرعونية الصغيرة. ويعاني قطاع السياحة في مصر الذي يعمل فيه قرابة أربعة ملايين شخص من تراجع كبير منذ ثورة العام 2011 التي أطاحت الرئيس السابق حسني مبارك وما اعقبها من اضطرابات سياسية وامنية. وكانت المزارات السياحية الثقافية الاكثر تضررا وعلى رأسها مدينة الاقصر بآثارها الفرعونية القديمة التي كانت تجذب سياحاً من أنحاء العالم. ويقول منسق لجنة تسويق السياحة في الأقصر وأسوان ماهر عبد الحكيم إن أهالي الأقصر وبازاراتهم يعانون بسبب انخفاض عدد السائحين مقارنة بما قبل 2011. ويوضح: «كان السائح في الماضي يتجول في الأماكن الأثرية ويركب الحنطور ويشتري التذكارات والذهب والمنتجات الحرفية التقليدية... الكل كان يربح». في الفناء الأمامي لمعبد الأقصر المشيد منذ أكثر من 3400 سنة، يسير عدد قليل من السياح ومواطنون مصريون بين الاروقة المزينة بالأعمدة المليئة بالنقوش الفرعونية القديمة. وبالقرب منهم، سائقو حناطير يلاحقون الزوار، ويعرضون عليهم رحلة في شوارع الاقصر، بأجرة قد تبدأ بمئة جنيه (5,6 دولار) وتنتهي بعشرين جنيهاً، مكتفين بالقليل بدلاً من لا شيء. ويصيح أحدهم للزبائن في الشارع: «سأقبل بأي سعر تعرضونه، أنا فقط أريد شراء العلف للحصان». ويلفت محمود إلى أن الغائب الاكبر هو السياح الفرنسيون الذين كانوا الأكثر ارتياداً لمناطق السياحة الثقافية في مصر وعلى رأسها محافظتا الصعيد الأقصر وأسوان. ويقول: «قبل ثورة 2011، كان 1500 سائح فرنسي يأتون إلى الأقصر في الاسبوع الواحد». وسجلت أعداد السياح رقماً قياسياً في 2010 عندما زار مصر نحو 15 مليون سائح. ومنذ بداية العالم الحالي، تشير الأرقام الى عودة النشاط نسبياً الى القطاع السياحي المصري، لكن الامور لا تزال بعيدة جداً عما كانت عليه من قبل. وزار مصر في 2016، بحسب بيانات وزارة السياحة، 5,3 مليون سائح.