أثار عرض التلفزيون المصري مقابلة مع الاخوين صابر ومحمود فرحات ، أُجريت معهما قبل وقت قصير من اعدامهما أول من أمس بتهمة قتل ثمانية سياح المان في القاهرة، تساؤلات عن جدوى مساهمة عرض مشاهد المحكومين بالاعدام عبر التلفزيون في وقف العنف في مصر. ولا يبدو ان صابر ابو العلا فرحات كان يتصور ان يأتي يوم ليظهر في التلفزيون متحدثاً الى المشاهدين. ربما كان أقصى ما يتمناه، وهو المولع السابق بالتلحين، أن يبث التلفزيون أو الاذاعة اغنية ما من تلحينه. وحين جاء اليوم الذي وقف فيه صابر امام الكاميرات ومصابيح الاضاءة، لم يكن في استوديو التلفزيون، بل على بعد سنتمترات من غرفة الاعدام في سجن الاستئناف وسط القاهرة وقبل ثوان من إعدامه. أصر صابر، وبعده شقيقه محمود، في برنامج "مساء الخير يا مصر" الذي بثه التلفزيون مساء اول من امس، على أن ما فعلاه "كان من اجل الاسلام" وانهما مقتنعان بأنهما "سيكونان شهيدين". وأعاد البرنامج، خلال بث المقابلة، عرض مشاهد من الحادثة الشهيرة التي نفذها الشقيقان. ورأى المشاهدون كيف هاجما باصاً سياحياً امام المتحف المصري في ميدان التحرير في 18 ايلول سبتمبر الماضي وجثث ثمانية سياح المان محترقة من جراء القنابل التي القياها داخل الباص، إضافة الى جثة سائق الباص المصري الجنسية وقد اخترقها رصاص اطلقه صابر عليه حين حاول السائق مقاومته. وقبل ان تطالع المشاهدين لباس الاعدام الاحمر اللون الذي ارتداه الشقيقان، غطّت دماء جرحى الهجوم الشاشة. وحينما ظهرت صورة الشقيقين اعتقد مشاهدون أنهما سيبديان الندم وأن دموعهما ستسبق كلامهما. لكن المفاجأة أن حديثهما جاء مخالفاً لذلك تماماً. فحين تحدث صابر عن حادثة فندق سميراميس التي نفذها وحده في 1993، وأودع بعدها مستشفى الامراض النفسية، اكد انه نفذها بدافع الانتقام من ادارة الفندق رداً على فصله وابعاده عن عزف الموسيقى لرواد الفندق. ثم تحدث عن فترة "التزامه" واعتناقه وشقيقه فكر تنظيم "الجهاد" من دون ان يكونا عضوين فيه. وطرح اللقاء التلفزيوني مع الشقيقين تساؤلات عما اذا كانت تلك المشاهد تمثل رادعاً لآخرين ربما يخططون حالياً لعمليات عنف او غيرهم ممن يعتنقون افكارا قد تقودهم الى المصير نفسه. ومنذ تفجر الصراع بين الحكومة المصرية والحركات الاسلامية المتطرفة في ربيع 1992، اصدرت محاكم عسكرية أكثر من مئة حكم بالاعدام في حق اعضاء تلك الجماعات. كذلك أصدرت دوائر مدنية تابعة لمحاكم أمن الدولة اكثر من 20 حكماً مماثلاً. غير أن الاحكام ظلت تنفذ بعيداً عن عدسات الكاميرات. وقبل اسابيع بث التلفزيون المصري وقائع اعدام ثلاثة اشخاص كانوا دينوا بقتل سيدة وطفليها بدافع السرقة. وبدا ان رد الفعل الشعبي المعادي للجناة الثلاثة ومشاعر الغضب تجاههم دفع بالسلطات الى اتباع الخطوة نفسها مع من يتم اعدامهم من المحكومين في قضايا العنف الديني. لكن المحامي منتصر الزيات قال انه لا يعتقد ان المقارنة بين اعدام مرتكبي جرائم القتل والسرقة من "الجنائيين" من جهة واعدام اعضاء الجماعات الدينية سليم. وقال ل "الحياة" ان "عرض المحكومين بالاعدام قبل لحظات من تنفيذ الحكم فيهم، يشيع في اوساط الجماعات انهم على حق. بينما المطلوب، لوقف العنف، تضافر الجهود لنزع أسباب العنف واجراء اصلاحات سياسية تتيح للمعارضين بمختلف اتجاهاتهم ممارسة العمل السياسي العلني تفادياً للجوء بعض منهم الى استخدام لغة الرصاص". وفي السجون المصرية حالياً نحو عشرة من اعضاء الجماعات الاسلامية ينتظرون تنفيذ احكام باعدامهم. وتسعى الحكومة المصرية أيضاً الى اقناع دول غربية بتسليمها عدداً من المحكومين بالاعدام ممن حصلوا خلال السنوات الماضية على اللجوء السياسي.