سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المواجهة بين تحالف بري - الحريري - السبع - رعد و"حزب الله" جعلتها سياسية في امتياز . المعركة في الغبيرة دارت على الرئاسة وفي برج البراجنة على "غالبية اللائحة"
المعركة على بلدتي الغبيرة وبرج البراجنة الضاحية الجنوبية لبيروت في قضاء المتن الجنوبي من جبل لبنان، كانت أشدّ المعارك تسيساً على رغم حرص جميع الاقطاب المتورطين فيها، على أبعاد السياسة والحزبية عنها، الى درجة ان التصريحات التي أدلى بها اقطاب اللعبة وبينهم رئىسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة رفيق الحريري بعيدة أشد البعد عن مجرياتها على الارض. حتى التشطيب في اللائحة الواحدة بين الحلفاء الذي يأخذ طابعاً عائلياً، لا سياسياً، في الانتخابات المحلية، اتخذ خصوصاً في منطقة الغبيرة، أبعاده السياسية، فمنافسو لائحة "حزب الله" من ممثلي العائلات الذين اختارهم تحالف بري - الحريري عبر وزير الاعلام باسم السبع والمرشح الى الانتخابات النيابية رياض رعد، مارسوا التشطيب، بعضهم بين بعض، لاسباب تتعلق برئاسة البلدية. فهدف اللائحة المدعومة من التحالف، الاساسي، اسقاط مرشح الحزب على اللائحة المدعومة من محمد سعيد الخنسا الى رئاسة البلدية، في وقت بدا ان عدد المرشحين الى الرئاسة في وجهه كثر، نحو 6 من أصل 28 وهذا ما دفعهم الى اللجوء الى التشطيب، وما جعل معركة الغبيرة، معركة رئاسة البلدية، بينما كانت المعركة معركة لائحة في برج البراجنة. ولا تقتصر الابعاد السياسية للمعركة على حدود التنافس على الرئاسة في الغبيرة. في هذه البلدة، وفي برج البراجنة، بدا ان تعاون بري - الحريري - السبع - رعد، في لائحتين ضد اللائحتين المدعومتين من "حزب الله" يعود الى ان للنتائج في الضاحية وقعاً نفسياً سياسياً مؤثراً في مواقع الافرقاء، لاحقاً في بيروت والجنوب. وحدة التنافس جعلت ماكينتي حركة "امل" خصوصاً في الغبيرة و"حزب الله" تستعينان بشبان من خارج المنطقة وباقامة غرف عمليات يعجّ فيها المحازبون، الذين توزّع كثر منهم أمام مراكز الاقتراع. في الغبيرة، حيث 15894 ناخباً، تنافست اللائحتان الرئيسيتان، بعد انسحاب مرشحين كثر، لمصلحة هذا او ذاك من الموزعين على اللائحتين. وبدا الاقبال كبيراً اذ انتخب ما يفوق الستة آلاف حتى الثانية بعد الظهر من اصل 15894 مسجلين على لوائح القيد، لاختيار 21 عضواً للمجلس البلدي الذين ينتخبون لاحقاً الرئيس، وفيما نفى "حزب الله" وجود الكثير من الحزبيين على لائحته فان منافسيه أشاروا الى وجود 11 اسماً من الحزب، اما لائحة تحالف بري - الحريري، السبع - رعد فمع نفيها وجود من ينتمون الى "امل" فان المنافسين أشاروا الى وجود ستة اسماء من الذين يعملون لمصلحة الرئيس بري. ويقول "حزب الله" ان بعضهم بات موعوداً بتعيينه في الدولة. وبين اقلام الاقتراع الثلاثة، حيث توزّع مناصرو "امل" لابسين "تي شيرتات باسم اللائحة التي يدعمون وشباب الحزب حاملين اللوائح واللاسلكي، أفادت الاستطلاعات ان قلم ثانوية الغندور شهد إقبالاً لمصلحة الخنسا، لان عائلته، الاكبر في الغبيرة، تنتخب هناك، فيما قالت "امل" ان قلم ثانوية الخليل للبنات كان لمصلحتها، ودار التنازع بقوة على قلم مدرسة البستان، حيث المجنسون الجدد وأهالي القرى السبع التي احتلتها اسرائيل منذ عام 48 المجنسون سابقاً. ومع ان "حزب الله" راهن على غلبته في الغبيرة فان رياض رعد قال ان حسابات الانتخابات النيابية غير البلدية، اذ يجب حسم قوته هو في المنطقة مما ناله الحزب فيها عام 96 نظراً الى انه كان حليفه فيما هو الآن خصمه ومع اللائحة المناوئة. واذ بدا الخنسا مرتاحاً الى عمليات الاقتراع لمصلحته، قال ان لدى الحزب وحده 4500 صوتاِ في البلدة دون حلفائه من العائلات، مؤكداً انه لا يخوض الانتخابات بقرار حزبي بل بدعم مرشحين آخرين اختارتهم العائلات... وتمنّى لو لم تتدخل "امل" في الضاحية لتفرض على العائلات مرشحي،ن كما فعلت حين عينت نائباً عن الضاحية عام 91 من خارجها. وتحدث عن "ضغوط تمارس من اركان السلطة في شكل مخالف لقيمة المراكز العليا التي يتبوأون للضغط على الاهالي كي يصوّتوا معهم"، مشيراً الى "تسلّط" على المجنسين كونهم حلقة ضعيفة. ووصف رفض بري والحريري الحزبيين في البلديات بانه "نكتة"، متسائلاً "لماذا لم يحترموا العائلات والضاحية في التعيينات الادارية وغير الادارية"؟، مؤكداً بالنسبة الى سير العملية الانتخابية انه اعطى تعليماته برفع شعارات هادئة لا تستفزّ احداً، وسط غابة اللافتات والملصقات التي ملأت الشوارع، وعلى انضباط مناصريه، مشيراً الى تولي الجيش الذي انتشر في كل احياء المنطقة بكثافة، الأمن بحيادية تامة وقيامه بدور انضباطي. حرارة المعركة في الغبيرة، السياسية، دفعت كل فريق الى استرضاء العائلات في شكل استنفرها جميعاً، فبدت المحجبات من النسوة امام أقلام الاقتراع لا تقل عدداً عن غير المحجبات، الامر الذي رأى فيه مناصرو "امل" دليل استنفار خصوم الحزب وتقاليده المتشددة. ويقول النائب علي حسن خليل، المكلف من الرئيس بري الاشراف على المعركة في الغبيرة ان هذا الاستحقاق، بغض النظر عن النتائج، أسس في الضاحية الجنوبية لمناخ سياسي جديد، فبات ابناء المنطقة يتجرأون على رموز الحزب الذي سيطر طويلاً عليها وهذا أمر جوهري، حسب قوله. واتخذت "امل" غرفة عمليات في مركز الكشافة التابع لها، وحضر اركانها في العاصمة اضافة الى خليل، بعدما وزّعوا عشرات الشبان مندوبين للائحة التي يدعمون على الاقلام وأقاموا ماكينة مجهزة بالكومبيوتر. وقال خليل ان "ماكينة الحزب لم تكن هذه المرة بقوته في الانتخابات النيابية". لكن احد قادة "أمل" قال "ان الحزب اتّبع سياسة الموجات في التصويت، اي ارسال مناصريه مجموعات، وترك جزءاً كبيراً منهم الى ما بعد الظهر كي يدفعهم الى الاقلام". وقال مسؤولو "امل" ان حديث الحزب عن المجنسين "غير صحيح، فهم يعرفون مثلنا ان معظمهم نحو 3 آلاف من البدو والنور، غير موجودين في الضاحية وبيروت ويتعذر علينا كما عليهم احضارهم ليصوّتوا". وفي برج البراجنة، بدت العملية الانتخابية اكثر هدوءاً على رغم ان الصباح شهد مشادة حين اقترب أحدهم من الوزير السبع بينما كان يهمّ بالاقتراع، وهاجم موقفه بفرط التحالف مع الحزب، فما كان من الوزير الا ان دعا الى التهدئة حتى لا يتطور الامر، وكان الشاب المتحمّس من مناصري لائحة "حزب الله"، ثم ان مناصري الحزب هتفوا في وجه وزير الداخلية ميشال المر اثناء تفقّده احد الاقلام. ولم يسجّل اي حادث بارز آخر... الا ما تمكن القيّمون على المراكز معالجته في سرعة. والمواجهة في البرج كانت بين ماكينة الحزب وماكينة السبع والعائلات، المحلية، في غياب العنصر الفاعل ل"امل" على رغم ان في لائحة التحالف اثنين او ثلاثة من الذين ارادهم بري. وفي لائحة الحزب سبعة من حزبييه. ونظراً الى ان ملامح المعركة لم تكن واضحة، بل هي "على المنخار"، كما قال السبع ل"الحياة" فان التنافس لم يكن على رئاسة البلدية في الدرجة الاولى، بل على انجاح اللائحة وفي ضوء النتائج يتقرر من هو رئيس البلدية. وهذا لم يمنع التشطيب الى درجة قال معها احد مناصري السبع: "لو لم يحصل تشطيب لكانت لائحتنا تفوّقت بكاملها والآن هناك احتمال لاختراقها". بل ان بعض المقترعين صوّت لابناء عائلته الموجودين على اللائحتين المتنافستين. وكانت نسبة الاقتراع في البرج أكثر من الغبيرة اي حوالي 70 في المئة، نحو الثانية بعد الظهر، 12336، مقترعاً على لوائح القيد، على ثلاثة مراكز اقتراع، من اجل انتخاب 18 عضواً للمجلس البلدي. وشهدت الاقلام اقبالاً اكثر نظراً الى وجود اكثر من مرشح لكل من العائلات الكبرى على حساب الصغرى التي سعى "حزب الله" الى تكتيلها معه ويفعل وبفضل وجود لائحتين غير مكتملتين، سحبتا اصواتاً من اللائحتين الرئيسيتين، واحدة شكلها القيادي السابق في الحركة الوطنية المحامي ألبير فرحات والثانية من مجموعة الطامحين. قد تشهد المعركة نجاح اعضاء من اللائحتين المتنافستين، لكن السؤال الذي يحسمه فرز النتائج هو: الأكثرية لمن؟.