ما فرقته السياسة أعادت لحمته البلدية فاجتمع الأخصام في لائحة واحدة وتبعثرت الأوراق في كل اتجاه حتى بات حليف الأمس خصماً والخصم حليفاً. عوامل كثيرة أسقطت على التحالفات فطغت على العملية الانتخابية هذه المرة ومن باب البلديات، الحسابات المحلية، إذ ان المناطق التي شهدت أشرس المعارك الانتخابية النيابية كسرتها الاصطفافات السياسية الحادة بلدياً، فكان للتحالف والتفاهم حيناً مكان حيث للعائلات كلمة الفصل، وللمنازلة مكان آخر. إذ تكاد من المرات النادرة تلك التي يفرض فيها الناخبون على زعمائهم وسياسييهم ما اعتاد هؤلاء الزعماء والسياسيون فرضه عليهم. الحدث، الحازمية، سن الفيل، انطلياس والزلقا ومناطق أخرى بلدات سلكت طريق المعركة التي أرادتها الزعامات السياسية وأدارها ابناء البلدة الواحدة. ففي بلدة الحدث لم تخض المعركة بين لائحة "لتبق الحدث" برئاسة الدكتور انطوان كرم والمدعومة من قوى 14 آذار، ولائحة "تضامن شباب الحدث" التي يرأسها جورج عون المدعومة من "التيار الوطني الحر"، على ما اعتادت عليه اللوائح تحت عنوان الإنماء، وإنما تحت عنوان خُط على لافتات ملأت الشوارع وتحمل عبارة "ما تبيع أرضك" في إشارة الى جهات حزبية من خارج المنطقة. اما النقطة الساخنة الثانية فكانت في الحازمية حيث كان مشهد التحالفات فيها مختلفا. فالمتنافسون في الحدث تآلفوا وللمفارقة في لائحة "إنقاذ الحازمية" إذ تحالف "التيار الحر" مع "القوات اللبنانية" واتفق ان يتناوب على رئاستها كل من بيار عكره وهو من مناصري التيار وانطوان جبور من مناصري القوات. تقابلها لائحة رئيس البلدية الحالي جان الأسمر المدعومة من 14 آذار. وخاض المرشحون الانتخابات في مناطق بعبدا وبرج البراجنة والغبيري على رغم انها محسومة لتآلف "حزب الله" وحركة "أمل". وسجلت كما بقية الأقلام في المناطق إشكالات بسيطة. اما في سن الفيل فالمعركة اتخذت طابعاً سياسياً حاداً لأنها حملت شعار التغيير وخاضها رئيس لائحة "فرصة التغيير والإصلاح" عبدو شاوول مؤيداً من "التيار الحر" وقدامى "الأحرار" في مواجهة رئيس البلدية نبيل كحالة مدعوماً من الكتائب و "القوات"، وأحد نشطاء "التيار الحر" على ما قال ل "الحياة". وأدار شاوول معركته على خلفية اختلاس أموال من البلدية ويأخذ على كحالة بأنه يدير البلدة بأسلوب إدارة ضيعة. اما كحالة فيشير الى ان شاوول لا يريد إصلاحاً ولا إنماء. إنما يريد الكرسي "قم لأقعد محلك". ومن أبرز المحطات الساخنة ايضاً انطلياس النقاش حيث التنافس الشديد انعكس إقبالاً كثيفاً من قبل الأطراف كافة، واحتدمت المواجهة بين لائحة جوزف صافي مدعوماً من العونيين والحزب القومي وعائلات من البلدتين، ورئيس البلدية الحالي ايلي ابو جودة. ولم تغب اللوائح الملغومة وعمليات التشطيب التي انسحبت على مناطق كثيرة. اما في الزلقا – عمارة شلهوب، فكانت المنازلة الطاحنة بين لائحة "الوحدة والإنماء" برئاسة رئيس البلدية الحالي ميشال عساف المر المدعوم من النائب ميشال المر، وحزبي الكتائب والقوات، ولائحة برئاسة فادي ابو جودة مؤيدة من التيار الحر والقوميين. وشكل الأرمن بيضة القبان لجهة ترجيح لائحة على أخرى إضافة الى كتلة شيعية تبلغ بضع مئات من الأصوات، إذ كان الناخبون يحضرون للاقتراع عبر ماكينات حركة "أمل" و "حزب الله". جانيت مانوكيان وآلين كانتاريان أكدتا ل "الحياة" انهما كانتا تحبذان التوافق "لكن ما دام لم يتوصلوا الى تشكيل لائحة مشتركة، فنحن وزعنا أسماء مناصفة بين اللائحتين...". لكن رانيا بشعلاني قالت ل "الحياة": "ما نريده هو الإصلاح والإنماء وتأمين الخدمات العامة"، وتضيف انها والكثير من الأهالي يحبذون اعادة انتخاب المر تقديراً لما قدمه للبلدة بدعم من (أبو الياس) في إشارة الى النائب ميشال المر. المفارقة ان البرامج الانتخابية المقدمة للناخبين تكاد تكون نسخة واحدة إذ يجمع الكل على القيام بسلسلة مشاريع متنوعة إنمائياً وصحياً وخدمياً فتضيع الأصوات في صناديق الوعود.