أطلق رئيس الاتحاد العمالي العام المستقل الياس ابو رزق "ألف نعم للتغيير بالحوار والاقناع والتظاهر"، في مهرجان خطابي لمناسبة عيد العمال في الاول من ايار مايو، احتشد له ممثلو المعارضة النيابية والحزبية والنقابية، فيما اكتفى رئيس الاتحاد العمالي العام غنيم الزغبي ببيان برّر فيه عدم تنظيم المهرجان التقليدي في المناسبة وعلى ما قاله "لان الوعود التي أغدقتها علينا الدولة بقيت من دون تنفيذ وفي وقت فاجأتنا بضرائب ورسوم مباشرة وغير مباشرة طاولت جميع العمال والغالبية الساحقة من الشعب اللبناني". وأعلن "أسلوب تحرّك جديد يبدأ بالاعتصامات ثم الاضراب والتظاهر في مرحلة لاحقة". بدأ احتفال الاتحاد المستقل في فندق بوريفاج في بيروت قرابة العاشرة والربع. وتجمّع في محيطه وفي داخله عمال ومناصرون للقوى المشاركة في المهرجان، ورفع انصار الحزب الشيوعي العلم الاحمر والعلم اللبناني. وعلت هتافات تنادي بحرية الرأي والتعبير وعلى المدخل وزّعت مناشير للحزب الشيوعي دعا فيها الى "جعل الاول من ايار يوم النضال والوحدة النقابية ويوم تضافر الجهود لتحرير الوطن وبناء الدولة المدنية العصرية والديموقراطية غير الطائفية". وعلى مدخل قاعة الاحتفال، كان فريق من الشبان والشابات في "اللقاء من اجل قانون مدني اختياري للاحوال الشخصية" يستوقف المشاركين الواصلين توقيع العريضة الوطنية للاحوال الشخصية المدنية الاختيارية. حضر المهرجان الرؤساء حسين الحسيني وسليم الحص وعمر كرامي والنواب نائلة معوض ونجاح واكيم وزاهر الخطيب وعمار الموسوي، محمد رعد، وممثلو احزاب معارضة عدة. استهل الحفل الامين العام للاتحاد ياسر نعمة الذي تلا رسالة من الرئيس السابق شارل حلو قال فيها "اني، منذ زمن، أتابع وسأستمر في متابعة نضالكم المشكور في سبيل رفع مستوى العامل اللبناني، أخلاقياً واقتصادياً واجتماعياً. نعمة ثم ألقى نعمة كلمة قال فيها ان "عيد العمال العالمي هو ثورة ايار المستمرة المتجددة". وأشار الى ان "معظم حكومات العالم تحترم النقابات والاتحادات النقابية وحقوق العمال وقلة من الانظمة الحكومية في العالم ما زالت بعيدة من هذا الاحترام، وتعتبر العمال خدماً لا دور لهم في الحياة العامة، أسياسية كانت أم غير سياسية". وقال ان "ما يعنينا اكثر هو النظام في لبنان، فحكوماته المتعاقبة وعلى مدى أكثر من قرن اعترفت جزئياً بالتنظيم النقابي ولم تعترف بحق العمال وحريتهم ضمن التنظيم بل كبلتهم وفق هواها". واضاف ان "الدولة في لبنان لم تعترف بعد بحق موظفي القطاع العام بالتنظيم النقابي، ضاربة بعرض الحائط كل الشرائع والمواثيق وهي توافق في المحافل الدولية على معاهدات ووثائق لا تعمل على اقرارها هنا بل لا تريد ان تعمل بها". وتناول نعمة "آخر صرعة من صرعات الضرائب والرسوم، الضرائب على كل السلع التي تستورد ولبنان يستورد كل السلع". وقال "اننا نعمل في لبنان لنسدد رواتبنا للباعة والتجار والملاكين والصناعيين والجباة، ويخدرون رؤوسنا باستحقاقاتهم ويسرقون منا حاضرنا ومستقبل أولادنا". ثم ألقى امين سر رابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية خالد حدادة كلمة رأى فيها ان "الجامعة اللبنانية ما زالت عبر التدخل السياسي بعيدة من استقلالها الاداري والمالي الذي يشكل السبيل الى تطويرها". معوض وتوقفت النائبة نائلة معوض أمام الانقسام العمالي، متمنية ان يكون العيد "لكل العمال". لكنها أوضحت "ان الواقع لا يعكس حقيقة التمنيات، فتدخل السلطة في الجسم النقابي، تفسيخاً وتفتيتاً، كاد يقضي على دور الاتحاد العمالي العام وفاعليته في تصويب المسار، واصحاب القرار يجنحون الى مصادرته والتحكّم به. أرادوا استغلال النقابات والاتحادات لتجاذباتهم السياسية ونزاعاتهم المذهبية، كما هي الحال في كل مؤسسات الشأن العام، تغطية لمصادرة الارادة الشعبية وضرب الفاعلية العمالية". ورأت ان "العيد لا تستقيم قيمه الا برفع يد السلطة عن النقابات والهيئات والاتحادات فنتجاوز المحاصصة البغيضة ونرسّخ الوفاق الفعلي على قيم مشتركة والحريات العامة في أساسها". وأشارت الى "التردي الخطير للوضع الاقتصادي نتيجة سياسة الحكومة في ضرب مصالح العمال والقضاء على الطبقة الوسطى". وسألت "هل الهدية للعمال زيادة الرسوم الجمركية على كل البضائع، عشية عيده بالذات، وبذريعة تغطية سلسلة الرتب والرواتب؟". واعتبرت "ان العملقة في مشاريع البنى التحتية وغياب الشفافية والتمادي في الاهدار والفساد أغرقت البلاد في المديونية، وان الفوائد على هذا الدين تجاوزت سنة 1997 مجمل واردات الدولة، القائمة الآن على الضرائب غير المباشرة والرسوم الجمركية". وقالت "كفانا تحميل العبء الضريبي في شكل متزايد للفئات الشعبية"، موضحة "ان السياسة النقدية للحكومة تأخذ من الفقير لتعطي الغني. فهل يعلمون ان هذه السياسة تؤدي الى اقتصاد ريعي ولا تؤسس لاقتصاد انتاجي يوظف في مشاريع استثمارية، الضمان الوحيد للانماء المتوازن المستديم وتهدد الأمن الاجتماعي؟". ودعت الحكومة الى "وعي اخطار الفرز الطبقي والبطالة وانعدام الطبقة الوسطى في البلاد". وسألت "هل تعمّد اصحاب المواقع والنفوذ في الدولة ضرب الحركة النقابية لقهر ارادة العامل في التعبير عن آلامه والمطالبة برفع معاناته عبر منع التظاهرات والتجمعات وقمع المتظاهرين هنا وتشجيعهم هناك للتعبير عن الولاء والتأييد؟ وهل المطلوب قتل الحريات وتطويع الارادات والقضاء على الديموقراطية في لبنان؟". وناشدت العمال "تطوير عملهم النقابي". واعلن رئيس رابطة المعلمين ابراهيم الراسي ان "لا امتحانات رسمية ما لم تحفظ الحقوق في المعاش التقاعدي واذا لم تقرّ في المجلس النيابي على أساس وحدة التشريع بين القطاعين العام والخاص". "حزب الله" وجدد النائب محمد رعد حزب الله "دعم نضال العمال، حتى يستفيق الذين راهنوا على اضعاف الحركة النقابية لانهم بذلك يخنقون الوطن ويعبثون بمصيره ويرتكبون جريمة تاريخية في مرحلة ينبغي ان يشهد لبنان نهوضاً شعبياً عارماً مواجهاً لتحدي الاحتلال ومشاريعه الانهاكية في الداخل". واضاف "ان السلطويين اعتمدوا رؤية سياسية قاصرة وراهنوا على تسويات سريعة لانهاء الاحتلال فعمدوا الى الاستقواء بصداقاتهم الدولية بعيداً من شحذ ارادة شعبهم وتعبئته واحترام ارادته وتطوير مؤسساته النقابية والمهنية والسياسية، فعزلوا انفسهم في الداخل ولضيق أفقهم وتنامي الجشع فيهم تفاقمت خلافاتهم. ولولا دمشق لعادت المتاريس في ما بينهم". وأسف "لان اداءهم شجّع العدو على الانقضاض بطرح هجومي مخادع تلعثموا طويلاً قبل ان ينظموا حياله هجومهم المضاد". ورأى "ان السلطويين الحكام يخطئون كثيراً اذا توهموا ان الاعتماد على الصداقات الدولية ترد الهجوم الصهيوني السياسي المتواصل، وعليهم ان يدركوا ان استنهاض العمال والشعب اللبناني عموماً وحماية الحريات النقابية واحترام عمل المؤسسات واتاحة الفرص لها كي تقوم بدورها وتعميق الوفاق بين اللبنانيين لا عبر اللقاءات الفولكلورية بل من خلال التصدي في نزاهة لمعالجة مشكلاتهم وما يعانونه على المستويات الاقتصادي التنموي والمعيشي وقطع أيدي اللصوص ووضع اليد على المناقصات الكيفية ووقف الاهدار وتنظيم الانفاق وغير ذلك... كل هذه الامور هي التي من شأنها ان تصلب الموقف اللبناني وترد الهجمات المعادية من دون الاستهانة بالعلاقات الدولية ودوماً تحت سقف المعركة القومية الواحدة التي تفرض وحدة المصير وتلازم المسارين اللبناني والسوري". ودعا الى "رفع اليد عن التدخل في شؤون الحركة النقابية وتوفير الضمانات الاجتماعية والصحية وضمان الشيخوخة والتوقف عن الاستنساب أو العشوائية في فرض الرسوم الجيدة". ثم ألقى رئيس رابطة التعليم الثانوي الرسمي فؤاد صعب كلمة تحدث فيها عن مطالب المعلمين. ابو رزق وختم الحفل ابو رزق بكلمة قال فيها "خوفاً من ايار ارتكبوا جريمة نيسان تاريخ انتخابات الاتحاد العمالي وظنّوا ان القضية تنتهي هكذا، وان الرعية في الضياع رضية، وان الجوع والكبت والتشرّد والبطالة مسائل باتت من الماضي منسية. وتوهموا ان الاتحاد العمالي ملك سائب وصوته صوت الحكام، فسقط الوهم وامتلأ الرحم، ومن العذاب ولد اتحاد عمالي عام لا ينتمي الا الى العمال والا الى الوطن". ورفض ابو رزق "سياسة القهر ودولة المزرعة وتقاسم المغانم في نظام "ترويكا" مدمّر ودولة السرقات والفضائح وسياسة اعمار تقايض كل البشر بقليل من الحجر، ترفع جسوراً على الرمل وتدمر الجسور بين الناس". وقال "لا لسياسة اقتصادية تريد لبنان مجرّد كازينو وملهى تقتل القطاعات المنتجة وتحرق الزراعات وتشرف على افلاس المصانع وتبيع الدولة للشركات والمتمولين المحليين والاجانب. ولا لسياسة ضرائبية فلسفتها اغناء الاغنياء وإفقار الفقراء". وأطلق ابو رزق "ألف نعم للتغيير بالاقناع والحوار وبالتظاهر بالتظاهر بالتظاهر. ونعم لدولة المؤسسات والاستقلال والسيادة تلتزم مسألة التحرير من دون شروط ودعم المقاومة ضد العدو الصهيوني وعلاقة وثيقة مع الشقيقة سورية وتلازم المسارين اللبناني السوري. ونعم لتغيير جذري في السياسات الاعمارية والاقتصادية ووقف الاهدار والتحقيق في عناصر الفساد. ونعم لسياسة مالية قوامها الضرائب المباشرة والتصاعدية ووقف سياسة الاستدانة وخفض الفوائد". وأكد رئيس الاتحاد الوطني للعمال والمستخدمين في لبنان الياس الهبر "ان العمال مصممون على عودة الوحدة النقابية واستقلالها"، متوقعاً "ان تصحّح هذه الحركة أوضاعها في الاشهر القليلة المقبلة". وقوّم، في حديث اذاعي أوضاع الحركة النقابية، معلقاً على اعلان رئيس الاتحاد العمالي العام غنيم الزغبي قراره الاستقالة مطلع تموز يونيو. وقال "دائماً كانت السلطة تنظر نظرة عداء الى الحركة النقابية ودورها". مواقف اخرى وفي المواقف، دعا وزير الصناعة نديم سالم الى "التعاون الوثيق بين العمال وأرباب العمل"، مشدداً "على ضرورة السعي الى الخروج من المرحلة الصعبة التي نعيشها". واكد "ان التعاون مطلوب من الجميع لان الظروف صعبة"، واعتبر "ان للعمال دوراً كبيراً يؤدونه في اقتصاد البلد وفي تقرير مصيره"، مشيراً في المقابل الى "ضرورة توفير المسؤولين المستلزمات التي تسمح للعمال بعيش كريم".