اشتهر غوردن مور الذي شارك في تأسيس شركة "انتل" العملاقة بأنه قال في الستينات ان عدد الترانزيستورات التي يمكن ان توضع على شريحة سيليكون يزداد ضعفين كل عام ونصف العام. وهذا القول لم يصبح قانوناً فيزيائيا لا جدال فيه لكنه بات سنداً يعوّل عليه كثيراً لأسباب اهمها الجهود الجبارة التي تبذلها مئات الشركات التي تصمم المعدات الخاصة بصنع الشرائح وتنتجها. ومنذ فترة وجيزة اضاف مور الى ما كان قاله سابقاً قولاً جديداً هو ان على منتجي الشرائح ان ينفقوا اموالاً طائلة على انشاء مصانع جديدة لتغذية هذا النمو الكبير جداً في صنع الشرائح وتطويرها. بلايين وعلى رغم ان انفاق بلايين الدولارات على انشاء مصنع للشرائح قد يجعل البعض يتردد ويتمهل، تمثل عملية الانشاء، في المدى القريب على الاقل، وقوداً لقطاع حاسم الاهمية في صناعة معدات اشباه الموصلات. ويقول جي دينا، الذي يرصد الصناعة من "سيليكون فالي" لحساب شركة "مورغن ستانلي دين ويتر"، ان عام 1998 الجاري سيكون حاسم الاهمية. ويضيف ان الصناعة ستتحول، على نحو اساسي، الى انتاج معدات قادرة على صنع الشرائح التي تقل كثيراً فيها ابعاد الشرائط المحفورة على سطح الشريحة عن ابعاد الشرائط المحفورة في الشرائح الراهنة. فقط شعرة واحدة من شعر الانسان تراوح بين 75 و100 ميكرون. لكن التحول، في صناعة الشرائح، سيكون نحو انتاج معدات تخفّض عرض الشرائط المحفورة على سطح الشريحة الى 25.0 ميكرون فقط من 35.0 ميكرون حالياً. ولهذا يسمي دينا العام الجاري "عام الانكماش" ويقول ان هذا كله يأتي لأن الخطوط المحفورة رفيعة جداً بحيث لا تستطيع مصادر الضوء التقليدية والعدسات صنع الاشرطة الرفيعة الدقيقة جداً التي تربط ما بين ملايين الترانزيستورات التي يتكوّن منها المعالج الدقيق الراقي المتطور. وفي خلال اواخر الثمانينات، عقد عدد كبير من العاملين في هذه الصناعة الامل على استخدام الاشعة السينية او حتى الاشعة الالكترونية في صنع الاشرطة الادق والارفع حالما يتم استنفاد مصادر الضوء التقليدية. لكن هاتين التكنولوجيتين لم تثمرا. لكن الشركات التي تصنع معدات قادرة على استخدام الضوء الذي هو خارج مدى الطيف المرئي وهو الضوء المعروف باسم الفوبنفسجي العميق تملأ الفجوة وتلبي الطلب. فمعدات هذه الشركات توفر القوة الضرورية لعملية الفوتوليثوغراف التي يتطلبها صنع اشرطة دقيقة جداً او الاشرطة بالغة الدقة. ويسمّي دينا هذه الشركات جزءاً من السلسلة الغذائية الخاصة بالضوء الفوبنفسجي العميق. وخلال الشهر الماضي اوجد دينا مؤشراً لرصد اسهم هذه الشركات وتطورها اسماه "مؤشر مورغن ستانلي دين وبيتر الخاص بالسلسلة الغذائية ذات الصلة بالفوتوليثوغراف ذي الضوء الفوبنفسجي العميق" وهو يتابع اسعار اسهم شركات هي "اي اس ام ليثوغرافي" و"سايمر" و"ديبوفوتوماسكس" و"ايتك سستمز" و"فوترونيكس". وازداد هذا المؤشر 42 في المئة حتى الآن من العام الجاري، وعلى هذا بزَّ مؤشر فيلادلفيا الخاص بشركات اشباه الموصلات بنسبة 22 نقطة مئوية. ومنذ بدء عام 1997 تحسنت الاسهم في المؤشر الجديد 98 في المئة، فيما تحسّن مؤشر شركات اشباه الموصلات 32 في المئة فقط. وتصنع شركة "اي اس ام ليثوغرافي" التي كان اداء اسهمها من افضل الاداءات اذ تحسنت 43 في المئة حتى الآن من السنة الجارية، ماسحات اجهزة مسح تستخدم الاشعة الفوبنفسجية العميقة التي تم طرحها في الاسواق في اواخر عام 1996 وتحتل موضع القلب من الصناعة ويكلف الواحد منها بين ستة الى ثمانية ملايين دولار. وفي العام الماضي بيع من هذه الماسحات نحو 300 في العالم كله وقام بالبيع عدد من الشركات منها"اي اس ام" و"نيكون" و"كانون". وقد يباع من هذه الماسحات، في خلال السنة الجارية، ما قد يبلغ 500 ماسحة جهاز مسح على حد ما يقول دان هاثشيسون رئيس شركة "في ال اس آي ريسيرش" الناشطة في مجال ابحاث السوق الخاصة بأشباه الموصلات من سان جوزيه في كاليفورنيا. ويقول هاثشيسون: "ان هذا تحول اساسي فهو ليس مثل الانتقال من بنتيوم الى بنتيوم آخر فالامر الجديد هو هندسة جديدة تماماً". وبالنسبة الى دينا يوحي هذا كله بأن هذه الشركات ستبقى ذات اداء افضل من اداء الشركات الاخرى الناشطة في قطاع اشباه الموصلات. ويقول دينا انه ينتظر ان تكون نسبة نمو الشركات الخمس السنوية اكثر من 30 في المئة خلال الاعوام الخمسة المقبلة، فيما ستنمو صناعتا اشباه الموصلات والمعدات التي تستخدم في صنع هذه الاشباه بين 17 و18 في المئة. ويقول: "لا خيار امام منتجي الشرائح فعليهم ان يحذوا حذو الآخرين ويدفعوا الثمن وقد ادركت السوق كنه ما يجري". ويحصل هذا النمو على رغم عدم وجود طلب من "انتل" اكبر شركة في العالم تنتج اشباه الموصلات. ويذكر ان انتل تستخدم معدات تنتجها "سيليكون فالي غروب"، المنافسة لشركة "اي اس ام"، التي اعلنت اخيراً انها سترجيئ بذل استثمارات رأسمالية جديدة كبيرة. ويذكر ان مجموعة "سيليكون فالي" التي تراجعت اسهمها عن العام كله 12 في المئة، توصلت الى انتاج الخط الذي لا يزيد قطره على 25.0 ميكرون بواسطة تعديل اجهزتها الحالية على نحو خاص باستخدام الضوء التقليدي. وتوشك الشركة على استخدام اجهزتها الخاصة بها التي تنتج خطوطاً بواسطة الاشعة الفوبنفسجية العميقة من ليزر، ما سيسمح لشركة انتل بأن "تحفر قنوات" يبلغ قطرها 18.0 ميكرون او اقل في آخر المطاف.