على رغم ان السلطات التركية "قصت جناح" الاسلاميين بعد 11 شهراً عاصفة في الحكم، فإنهم يخوضون اليوم الخميس جولة جديدة من التحدي للمؤسسة العلمانية بانتخاب هيئة قيادية لحزبهم الجديد، "الفضيلة"، بإشراف "المدرب" ذاته، نجم الدين أربكان زعيم حزب الرفاه المحظور. ورأس أربكان ائتلافا حاكماً ضم الى حزبه حزب الطريق الصحيح الذي تتزعمه رئيسة وزراء سابقة أيضاً هي تانسو تشيلر. ولم يستطع الائتلاف الصمود في وجه الهجوم المضاد الذي قادته المؤسسة العسكرية ضده، وفي النهاية اضطر أربكان إلى الاستقالة. وسرعان ما قررن المحكمة الدستورية حظر نشاط حزب الرفاه ومنعت زعيمه من ممارسة أي نشاط سياسي مدة خمس سنوات. ولكن نواب الحزب الذين يشكلون أكبر كتلة نيابية في البرلمان قرروا تشكيل حزب جديد باسم "الفضيلة" الذي يقوده مجلس موقت يضم 32 عضواً ويتوقع ان ينتخبوا اليوم قيادة جديدة تشرف على عقد مؤتمر تأسيسي في تشرين الأول اكتوبر المقبل. ولكن الشباب من خلفاء أربكان، وأبرزهم رئيس بلدية اسطنبول رجب طيب اردوغان ونائب أربكان في الحزب المحظور عبدالله غيول، يتزعمون تياراً براغماتيا في الحركة الاسلامية يدعو الى الاعتراف بالأخطاء التي ارتكبتها قيادة "الرفاه" ويردون إضفاء طابع عصري على الحزب الجديد لازالة صورته الدينية التقليدية السابقة. ويكاد يجمع المراقبون على ان اردوغان يعتبر أقوى خليفة لأربكان لولا أن حكماً أصدرته أخيراً محكمة بسجنه عشرة أشهر أضعف مواقعه. وفي حال صادقت محكمة الاستئناف على الحكم فإنه قد يفقد مستقبله السياسي. وفي ظل احتمال كهذا تبدو فرص غيول للزعامة الأقوى. ومن الصعب التأكد من مزاعم في الصحافة العلمانية مفادها ان اربكان وانصاره ارتاحوا في قرارة نفوسهم الى الحكم الذي صدر في حق إردوغان الأمر الذي أضعفه. وكان أربكان ألقى بثقله حتى الآن وراء الزعيم الموقت لحزب الفضيلة المحامي اسماعيل ألبتكين الذي أكدت صحف أمس بأن إردوغان وأنصاره سيجبرونه على الاستقالة في اجتماع اليوم، ولكنهم قد يقررون انتخاب العضو المسن رجائي كوتان زعيماً كحل وسط إرضاء لأربكان.