أمير الشرقية يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية    الموافقة على الإطار العام الوطني والمبادئ التوجيهية للاستثمار الخارجي المباشر    أمريكا تختار الرئيس ال47.. ترمب أم هاريس؟    مقتل 37 فلسطينياً.. مجزرة إسرائيلية في قطاع غزة    الاستخبارات الأمريكية تكثف تحذيراتها بشأن التدخل الأجنبي في الانتخابات    بدء الاقتراع الرئاسي في نيوهامبشر بالولايات المتحدة    الأكبر في الشرق الأوسط.. مقر عالمي للتايكوندو في الدمام    رابطة محترفان التنس..سابالينكا تحجز مقعداً في نصف النهائي.. ومنافسات الغد تشهد قمةً بين إيغا وجوف    منتدى "بوابة الخليج 2024" يختتم أعماله بإعلانات وصفقات تفوق قيمتها 12 مليار دولار    كيف يعود ترمب إلى البيت الأبيض؟    محافظ الخرج يستقبل مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    انعقاد مؤتمر الأمراض المناعية في تجمع عالمي وطبي    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يرأّس اجتماع المؤسسة الثقافية الإسلامية بجنيف    أطفال اليمن يتألقون بتراثهم الأصيل في حديقة السويدي    "الصناعة والثروة المعدنية" تعلن فوز 11 شركة محلية وعالمية برخص الكشف في 6 مواقع تعدينية    الطائرة الإغاثية السعودية ال19 تصل إلى لبنان    المملكة تثري الثقافة العربية بانطلاق أعمال مبادرتها "الأسبوع العربي في اليونسكو" في باريس    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    مركز مشاريع البنية التحتية بالرياض يشارك في المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر بالقاهرة    أرباح «أرامكو» تتجاوز التوقعات رغم تراجعها إلى 27.56 مليار دولار    إشكالية نقد الصحوة    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    سلوكيات خاطئة في السينما    إعادة نشر !    «DNA» آخر في الأهلي    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    تنوع تراثي    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    في شهر ديسمبر المقبل.. مهرجان شتاء طنطورة يعود للعلا    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    مسلسل حفريات الشوارع    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    «تطوير المدينة» تستعرض التنمية المستدامة في القاهرة    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    أمير تبوك يستقبل القنصل البنجلاديشي لدى المملكة        مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الحياة" تنشر مقتطفات من مذكرة "حماس" عن ممارسات الاجهزة الأمنية لسلطات الحكم الذاتي : عقلية الرهينة تهدد المجتمع الفلسطيني ووحدته الوطنية
نشر في الحياة يوم 05 - 04 - 1998

حصلت "الحياة" على مذكرة أعدتها حركة المقاومة الاسلامية حماس حول ممارسات الاجهزة الأمنية الفلسطينية في غزة والضفة الغربية منذ دخول السلطة الوطني في تموز يوليو 1994، تضمنت قوائم بحملات الاعتقال وأعمال القمع، والمصادرة والاغتيالات التي مورست بحق فلسطينيين في الداخل، الى ممارسات استهدفت البنية التحتية للمجتمع المدني الفلسطيني لدفعه الى الاعتماد على مؤسسات الحكم الذاتي. وأدى فرض القيود على الحياة المدنية الى انهيار هيئات ساهمت سابقاً في صمود المجتمع الفلسطيني في مواجهة اسرائيل والحفاظ على استقلاليته من هيمنة الاحتلال.
وأكدت المذكرة، وتنشر "الحياة" مقتطفات منها، ان اعتداءات السلطة امتدت لتطال الحريات ومنع أفراد المجتمع من التعبير والاعتقاد، وانتهكت الحقوق الاساسية للانسان وسط تعتيم اعلامي شامل بلغ أحياناً حد التواطؤ بذريعة عدم التشويش على مسيرة التسوية.
وشددت على ان حركة المقاومة الاسلامية حماس لا زالت تحرص على التعايش بين أبناء المجتمع الواحد في اعتباره واحداً من أهم ضمانات الوحدة الوطنية في مواجهة محاولات ضربها صهيونياً، ووصفت حماس مذكرتها بأنها محاولة لكشف حجم الخطر الذي بات يتهدد المجتمع الفلسطيني جراء ممارسات السلطة وعقلية التسلط التي سيطرت على تصرفاتها منذ دخولها مناطق الحكم الذاتي في تموز 1994.
وبينت المذكرة ممارسات السلطة وأحهزتها الأمنية على النحو الآتي:
أولا: الاعتقالات.
بدأت سلطة الحكم الذاتي حملات الاعتقال ضد مؤيدي فصائل المقاومة الفلسطينية في 14 آب اغسطس 1994 أي بعد مرور حوالى شهر على دخول الرئيس ياسر عرفات الى قطاع غزة. ففي ذلك اليوم شارك المئات من أفراد شرطة الحكم الذاتي في حملة اعتقالات واسعة طالت نحو 100 شاب فلسطيني يشتبه بتعاطفهم مع فصائل المقاومة.
وعلى مدار الأشهر التالية واصلت سلطة الحكم الذاتي حملات اعتقال مماثلة، إلا ان أعنفها وأوسعها كانت الحملة التي بدأتها اجهزة السلطة في 25 شباط فبراير 1996، واستمرت قرابة ستة أشهر من دون توقف. ففي 25 شباط شن عساكر السلطة حملة اعتقالات في مناطق مختلفة من مناطق الحكم الذاتي في الضفة الغربية طالت نحو 40 فلسطينياً، وفي اليوم التالي واصل عساكر السلطة حملاتهم، حيث اعتقلوا 187 مواطناً آخر معلنين بداية أوسع حملة اعتقالات في تاريخ السلطة القصير ضد نشطاء وأنصار فصائل المقاومة.
وفي 13 نيسان ابريل 1996 أي بعد مرور أقل من شهرين على بدء الحملة أعلن مسؤولون في سلطة الحكم الذاتي ان عدد المعتقلين للاشتباه بعلاقتهم بقوى المعارضة بلغ 900 معتقل، أي ان معدل الاعتقال بلغ 18 معتقلاً في اليوم الواحد.
وشملت الحملات التي تزامنت مع حملة اعتقالات موازية يقوم بها جنود الاحتلال الصهيوني مداهمات وعمليات ترويع للمدنيين، وطالت مئات الطلبة والاكاديميين والناشطين في المجالات الاجتماعية، وشملت أعمال الاعتقال احتجاز الأولاد والاشقاء كرهائن الى حين تسليم المشتبه بانتمائهم لحركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" أنفسهم، ولجأ أفراد السلطة في كثير من الاحيان الى تهديد المعتقلين بالاعتداء على زوجاتهم وبناتهم وشقيقاتهم خلال عمليات التحقيق معهم لإرغامهم على الإدلاء باعترافات أو تزويد السلطة بمعلومات حول انشطة فصائل المقاومة.
وأشارت المذكرة الى وصف محمد دحلان مسؤول ما يسمى بجهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة حملة السلطة ضد أنصار حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" بأنها "أكبر حملة يشهدها قطاع غزة منذ احتلاله عام 1967".
ولم تتوقف الاعتقالات عند النشطاء المشتبه بعلاقتهم بهجمات بطولية استهدفت المحتلين الصهاينة، بل امتدت الى عدد من الصحافيين والحقوقيين والاكاديميين وحتى القادة السياسيين الذين شاركوا في حوارات سابقة مع سلطة الحكم الذاتي، اذ اعتقل عساكر السلطة الدكتور محمود الزهار والشيخ أحمد بحر والشيخ سيد أبو مسامح وهم من المشاركين في حوارات سابقة مع السلطة استهدفت نزع فتيل التوتر في مناطق الحكم الذاتي. وطالت الاعتقالات أكاديميين بارزين مثل الدكتور عبدالستار قاسم المحاضر في جامعة النجاح والمعروف بمواقفه الرافضية لسياسات الحكم الذاتي، والدكتور ابراهيم المقادمة المحاضر في الجامعة الاسلامية في غزة والدكتور محمد شبط رئيس الكلية التكنولوجية والدكتور عاطف اسماعيل المحاضر الجامعي في غزة، الى عدد من الصحافيين الفلسطينيين، عرف منهم رزق حتمو مراسل صحيفة "الحياة الجديدة" المقربة من سلطة الحكم الذاتي، والصحافي ايمن سلامة مراسل صحيفة "الحياة" والدكتور غازي حمد نائب رئيس تحرير صحيفة "الوطن" الصادرة في قطاع غزة، ومن بين المعتقلين أيضاً نشطاء في منظمات حقوقية انتقدوا ممارسات السلطة وطالبوا بوقف انتهاكاتها المتكررة لحقوق الانسان. فاحتجز الدكتور إياد السراج المسؤول في المفوضية العليا لحقوق الانسان الفلسطيني لمدة تسع ساعات تعرض خلالها للتحقيق على خلفية نشاطه في الدفاع عن حقوق الانسان في مناطق الحكم الذاتي.
وتشير حادثة اعتقال الصحافي فايز نورالدين، وهو مصور يعمل لحساب وكالة الصحافة الفرنسية في قطاع غزة، والاعتداء عليه بالضرب المبرح من قبل أفراد ادارة المباحث العامة ما أدى الى اصابته بكدمات بالغة في مختلف أنحاء جسمه وجرح في ذراعه قبل احتجازه لفترة استمرت اكثر من عشر ساعات بتهمة التقاط صور حمار على شاطئ غزة اعتبرها ممثلو السلطة محاولة لتشويه صورة مناطق الحكم الذاتي.
* ثانياً: المداهمات
في سياق حملتها ضد فصائل المقاومة داهم عساكر السلطة عشرات المؤسسات الاجتماعية والتعليمية والصحية بذريعة الاشتباه بعلاقتها مع هذه الفصائل، بينما أعلن نصر يوسف قائد الشرطة في غزة ان قواته "عاقدة العزم على تدمير الهياكل المدنية لحماس، فضلاً عن جناحها العسكري". وجاءت حملات المداهمة تعبيراً صارخاً عن هذا التوجه.
ففي 7 اذار مارس 1996 شارك نحو 200 مسلح من عساكر سلطة الحكم الذاتي في اقتحام الجامعة الاسلامية في مدينة غزة، وعمدوا الى تفتيش مبانيها لمدة ست ساعات حطموا خلالها الأبواب وأطلقوا الرصاص على الأقفال، كما نزعوا أسقف الاسبستوس واعتقلوا عدداً من حراس الجامعة بعد مصادرة ملفات وأشرطة كومبيوتر منها.
وفي 30 آذار 1996 اقتحم العشرات من أفراد القوات البحرية التابعة لشرطة الحكم الذاتي - يقودهم ضابط برتبة مقدم يدعى طارق حسني - جامعة النجاح لتفريق اعتصام طلابي نفذ فيها احتجاجاً على ممارسات السلطة ضد ابناء ومؤسسات الشعب الفلسطيني، وأسفر اقتحام الجامعة عن إصابة عدد من الطلبة والطالبات بجراح وحالات اختناق، بينما اصيب عدد من الطالبات الحوامل بالاجهاض بعد تعرضهن للضرب على يد أفراد الشرطة، واعتقل في نهاية الاقتحام نحو 55 من طلبة الجامعة ومحاضريها.
وبعد نحو اسبوعين من الاحتجاجات الجماهيرية اضطر الرئيس عرفات للاعتذار امام الطلبة، والتعهد علناً بعدم تكرار الاعتداء على الجامعات الفلسطينية، غير ان افراداً من شرطته عاودوا اقتحام الجامعة واطلاق النار باتجاه الطالب محمد صبحة القائم بأعمال رئيس مجلس الطلبة واعتقاله داخل حرم الجامعة بعد اعتذار عرفات بنحو اسبوع فقط.
طالت حملات المداهمة والاقتحام عشرات المؤسسات الاجتماعية مثل جمعية الصلح، والجمعية الاسلامية، والمجمع الاسلامي وفروعها، والمدارس، ورياض الاطفال، والعيادات الصحية التابعة لها. وأقدم افراد الشرطة على مصادرة ممتلكات من هذه المؤسسات بلغت حد مصادرة العاب مخصصة لحضانات ورياض اطفال تابعة لهذه الجمعيات. وصودرت ايضاً سيارات وأجهزة مختلفة ومواد غذائية من مؤسسات اجتماعية تعيل الأسر الفقيرة في خان يونس ورفح وغزة.
سجلت حادثة اقتحام جديدة يوم 15 ايار مايو 1996 عندما اقدمت عناصر الأمن الفلسطيني يرتدون الازياء المدنية على مطاردة احد طلبة جامعة بيرزيت داخل حرم الجامعة في محاولة لاعتقاله، وانتهت باعتقال الطالب والاعتداء بالضرب عليه امام زملائه قبل اقتياده الى مركز توقيف تابع للسلطة.
ثالثاً: عمليات التعذيب.
في قسم يخضع لحراسة مشددة في احد مراكز الاعتقال التابعة للسلطة في مدينة غزة يرقد الدكتور ابراهيم المقادمة في حال صحية سيئة، وتفيد المعلومات ان الدكتور المقادمة تعرض لعملية تعذيب شديدة ادت اى تكسير قفصه الصدري وتجمع الدم تحت مناطق مختلفة من جلده، وتم ادخال الدكتور المقادمة عدة مرات الى مستشفى الشفاء في غزة لعلاجه من آثار التعذيب الذي تعرض له اثناء التحقيق في سجون السلطة، بسبب رفضه تقديم اعترافات ومعلومات صاغتها الاجهزة عن حركة "حماس". وتقول شخصيات من وجهاء قطاع غزة تمكنت من استصدار اذن بزيارته ان الدكتور المقادمة العتقل منذ شهرين محتجز في حال صحية سيئة جداً، وان آثار التعذيب لا تزال بايدة على وجهه وجسمه.
كما تم تحطيم عظام ذراعي الشاب جمال جراح وهو من سكان مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين، بينما يرقد معتقلون آخرون في مستشفيات فلسطينية تحت الحراسة المشددة بعد تدهور اوضاعهم الصحية جراء التعذيب الوحشي الذي تعرضوا له داخل معتقلات السلطة لإرغامهم على الاعتراف او انتزاع معلومات منهم اثناء التحقيقات.
ان حال الدكتور المقادمة ليست الا انعكاساً لوسائل التعذيب المستخدمة ضد المعتقلين في سجون السلطة، اذ يؤكد معتقلون افرج عنهم ان وسائل مثل وضع المعتقلين في خزانات المياه لمدة أربعة أيام حتى يفشوا فيها الماء ثم تعريضهم للضرب المبرح مما يسبب آلاماً لا تطاق، اضافة الى تكسير العظام ونتف شعر الرأس واللحية والشبح والتعليق في الهواء من القدمين والضرب باستخدام الهراوات والعصي الغليظة وأسلاك الكهرباء المجدولة باتت كلها وسائل روتينية مستخدمة اثناء التحقيق مع المعتقلين.
وفي شهادة تحت القسم نشرها نادي الأسير الفلسطيني، يروي الشاب علاء محمود يونس العزة، وهو من سكان مخيم العزة في مدينة بيت لحم، تفاصيل اعتقاله يوم 22 كانون الثاني يناير 1996 والاعتداء عليه بالضرب من قبل رجال الاستخبارات العسكرية في بيت لحم، مشيراً الى ان ضابطاً برتبة ملازم اول امر بتعذيبه اذ "حضر شخص اسمه الياس وآخر لا اعرف اسمه، وبدأ الياس بالضرب وحاولت منعه فأحضر قيوداً حديدية وقيدني بيدي الى الخلف اثناء جلوسي على كرسي ووقف خلفي وأخذ يضغط برجليه وهو شخص ضخم على القيود ويضغط بيديه على اكتافي"، بينما كان الملازم المذكور يتولى استجوابه حتى سال الدم من معصميه جراء الضغط على قيود الحديد فيهما، ثم قام الياس بفك القيود وقيدني من الأمام وأخذني والعسكري الآخر الى غرفة مجاورة وأعادوا عليّ الاسئلة نفسها وضرباني وأخرجاني مرة اخرى. وأثناء مروري في الممر صار يصرخ عليّ الياس لا تنظر في الناس، ولكمني على رأسي قرب عيني ومسك رأسي وضربه في الحائط ثم ادخلني الى الغرفة الأولى، وسألوني الأسئلة نفسها، وكان ماجد الملازم أول وإلياس والعسكري الآخر يواصلون ضربي ووضع القيود في الخلف ثم ربط قيود الحديد في السقف وأخذ يشد الحبل بطريقة ترفع الأيدي المقيدة من الخلف الى الأعلى، وأحضر سلكاً كهربائياً غليظاً ومجدولاً وعصا بنية اللون وأخذ بالضرب على مؤخرة الجسم والفخذين وصار يعد وضرب اكثر من مئة مرة بالعصا والسلك، وشارك الياس وماجد بالضرب وكانا يشتماني اثناء الضرب. واستمرا بالضرب حتى كسرت قيود الحديد وربطوا الحبل بيدي بالوضع السابق وشدا الحبل على الآخر، وصارا يضربان اكثر من السابق ولم اصرخ، فقالا انت حمار لا تحس وفكا يدي وربطا رجلي بدل يدي ورفعاني بالمقلوب ورأسي لأسفل وضرباني بالطريقة السابقة نفسها وركزا على صدري وكتفي والفخذين. وحسب الشهادة اطلق سراح علاء العزة بعد تدخل وجهاء المخيم.
وأكدت مصادر مختلفة استخدام وسائل تعذيب وحشية بحق المعتقلين في سجون السلطة، اذ اعلن الفنلندي هانو هيلينين مقرر الأمم المتحدة حول الأراضي المحتلة انه "يجب الاعلان بوضوح عن وجود انتهاكات لحقوق الانسان" مشدداً على ان "احداً لم ينكر هذه الانتهاكات خلال المحادثات مع المسؤولين في السلطة الفلسطينية".
ويؤكد اللواء محمد جهاد قائد قوات العاصفة في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ان تعذيباً "لا يطاق" يمارس بحق المعتقلين في سجون سلطة الحكم الذاتي، مشيراً الى ان تقارير دورية يتلقاها تؤكد حدوث اعمال تعذيب منتظمة في هذه السجون، وكانت منظمات الدفاع عن حقوق الانسان اكدت ان عدداً من المعتقلين توفي في سجون السلطة خلال عمليات تعذيب تعرضوا لها في وقت سابق، اذ توفي فريد جربوع وسلمان جلايطة وتوفيق علي السواركة اثناء احتجازهم في سجون تابعة لأجهزة الحكم الذاتي نتيجة تعرضهم للتعذيب خلال التحقيقات.
وشهدت عدة معتقلات تديرها سلطة الحكم الذاتي اضرابات عن الطعام استمر بعضها اكثر من اسبوعين، كما حصل في بيت لحم، وعمدت السلطة الى معاقبة المعتقلين بنقلهم الى سجون اريحا بعيدا عن مناطق سكناهم، علماً بأن منظمات الدفاع عن حقوق الانسان منعت من التدخل لتنفيذ طلبات المعتقلين.
رابعاً: عمليات الاغتيال.
في الأول من نيسان 1994 اقتاد مسلحون يرتدون ثياباً مدنية عرفوا بنشاطهم في جهاز استخبارات السلطة المواطن مسعود الجندي وهو من سكان مخيم جباليا للاجئين الى خارج المخيم وعمدوا الى اطلاق النار عليه من مسافة قريبة ما أدى الى مقتله.
ولم تكن حادثة اغتيال الجندي الوحيدة في هذا المجال، اذ تشير التقارير ان رجال السلطة نفذوا سلسلة اعتداءات استهدفت حياة مدنيين فلسطينيين ما أدى الى استشهاد نحو 25 فلسطينياً، منهم 14 فلسطينياً استشهدوا عندما فتح أفراد الشرطة النار على المصلين خارج مسجد فلسطين في 18 تشرين الثاني نوفمبر 1994.
وفي 3 شباط فبراير 1996 اطلق أفراد الشرطة النار داخل منزل في مخيم الشاطئ في قطاع غزة على الشابين عمر الأعرج وأين الرزاينة، وهما من حركة "الجهاد الاسلامي" في فلسطين تتهمهما سلطات الاحتلال بالتخطيط لعملية بيت ليد، ما أدى الى استشهادهما.
وكانت آخر الاعتداءات عندما فتح أفراد من الشرطة النار على سيارة المواطن تيسير اللوزي قرب مدينة رام الله في الضفة الغربية يوم 31 آذار 1996 ما أدى الى استشهاده.
وفي كل الجرائم السابقة لم يُقَدم أي من القتلة للتحقيق، كما ان لجان التحقيق التي أعلنت السلطة تشكيلها لم تعلن نتائج عملها، كما لا يعرف ما اذا كانت مارست عملاً بعد الاعلان عنها أم لا.
خامساً: محكمة أمن السلطة
في السابع من شباط 1995 أعلن الرئيس ياسر عرفات تشكيل "محكمة أمن الدولة"، وأصدرت المحكمة منذ انشائها وحتى 18 أيار 1997 33 حكماً قضائياً ضد 33 مواطناً تراوح أعمارهم بين 13 عاماً الى 50 عاماً، وتراوحت الأحكام الصادرة ما بين سجن لمدة شهرين والسجن مدى الحياة.
وتراوحت الفترة الزمنية من يوم الاعتقال الى يوم المحاكمة ما بين أقل من يوم واحد الى 120 يوماً لمن تم اعتقالهم قبل قرار انشاء المحكمة 8 أحكام على الأقل صدرت على المعتقلين في يوم اعتقالهم نفسه، وكان آخر هؤلاء الشاب اياد الرفاعي الذي اتهمته السلطة الاسرائيلية بطعن مستوطن يهودي في الخليل واعتقلته شرطة الحكم الذاتي في اليوم التالي في مدينة بيت لحم وصدر ضده حكم بالسجن لمدة 12 عاماً مع الأشغال الشاقة.
وتؤكد المصادر الحقوقية انه لم تتح الفرصة للمعتقلين لتوكيل محامين للدفاع أو المرافعة عنهم، اذ تمت المحاكمات بشكل سري بعد منتصف الليل من دون حضور محامي الدفاع، أو رجال الصحافة والاعلام، ولم تنشر أي تفاصيل عن التهم أو المستندات الثبوتية للأحكام الصادرة أو مداولات المحكمة.
وتتوزع التهم المزعومة بحق المتهمين ما بين تجنيد الأفراد للقيام بعمليات ضد الاحتلال الاسرائيلي 3 حالات، والتحريض على القيام بالعمليات الانتحارية 5 حالات، ونقل القنابل لاستخدامها ضد الاحتلال، أو الاعداد للهجمات ضد الاسرائيليين، أو حيازة سلاح من دون ترخيص 10، والمشاركة في جريمة قتل والاخلال بالأمن العام 2، ومحاولة تنفيذ عملية ضد الاسرائيليين 1، والاتجار بالسلاح من دون ترخيص أو بيع السلاح لحركة "حماس" 4، وكتابة مقالات ضد السلطة 1، وبيع أغذية فاسدة أو منتهية المدة 4 حالات.
ويلحظ ان التهم تتوزع بين الدعاوى المدنية العادية والتهم الجنائية وبعض التهم تتعلق بحرية الرأي والتعبير، وبعضها يتعلق بالسلاح وتنظيم اقتنائه والتعامل معه، بينما لم توجه أي تهمة محددة لأي معتقل تتناول قيامه بأعمال مسلحة أو عنيفة ضد السلطة الوطنية الفلسطينية في غزة وأريحا، وقدم للمحكمة أربعة متهمين على الأقل تم اعتقالهم قبل صدور قرار انشاء محكمة أمن الدولة.
تؤكد التفاصيل السابقة ان الحملات التي شنتها أجهزة السلطة ضد نشطاء وكوادر فصائل المعارضة الفلسطينية لم تكن في سياق الدفاع عن أمن المجتمع الفلسطيني، اذ ان أياً ممن تم تقديمهم الى محاكم أمن الدولة، منذ أعلن عن تشكيلها حتى اليوم، لم يتهم بتهديد أمن المجتمع الفلسطيني أو تنفيذ اعتداءات ضد أبنائه.
سادساً: التنسيق مع اجهزة الاستخبارات الصهيونية
في واحد من تصريحاته أعلن الرئيس عرفات "سنواصل تنسيقنا مع الحكومة الاسرائيلية لمنع هذا النشاط"، في اشارة الى نشاط فصائل المقاومة الفلسطينية، وجاء اعلان عرفات ليشكل تصريحاً بالتنسيق المعلن والتام بين اجهزة السلطة واجهزة الاستخبارات الصهيونية. وأعلنت مصادر في السلطة في وقت لاحق انها اعتقلت 11 مواطناً فلسطينياً كانت السلطات الصهيونية طالبت باعتقالهم ضمن قائمة من 13 شخصاً قدمتها الى سلطة الحكم الذاتي، في حين أكد غازي جبالي "سنواصل التعاون مع القوى الأمنية الاسرائيلية ضد كل المجموعات التي تعمل ضد السلام وسنضربها".
ولم يقتصر هذا التعاون على السلطات الصهيونية بل تم توسيعه ليشمل الولايات المتحدة التي شاركت في الحرب المعلنة على الفصائل الفلسطينية المعارضة للعملية السلمية، اذ عقد في أعقاب اختتام مؤتمر "شرم الشيخ" اجتماع بين كبار مسؤولي وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ونظرائهم في اجهزة الاستخبارات التابعة للصهاينة ولسلطة الحكم الذاتي جرى خلاله تبادل مقترحات للتعاون في الحرب ضد "حماس".
وفي اشارة الى الأسباب التي أدت الى عقد مثل هذا الاجتماع، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية انه "لا الاستخبارات الأميركية ولا جهاز الأمن الداخلي الاسرائيلي شين بيت يعرف الكثير عن حركة حماس ولذلك سيحاول الجانبان حث الفلسطينيين على ان يقتسموا معهما ما لديهم من معلومات".
وهدد محمود عباس أبو مازني بأنه لن يرحم المسؤولين عن الهجمات ضد الاحتلال، ودعا "القوات المسلحة الاسرائيلية الى تنسيق قمع حركة حماس مع اجهزة الأمن الفلسطينية"، مشدداً على امكان تنظيم عمليات اسرائيلية - فلسطينية مشتركة ضد حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" داخل مناطق الحكم الذاتي.
ولم يقتصر التفاهم بين سلطة الحكم الذاتي واسرائيل على تصريحات المسؤولين بل تعداها الى تنسيق عمليات المداهمة والاعتقال. ففي 6 اذار 1996 داهمت قوات الأمن التابعة للسلطة المدنية مدينة جنين شمال الضفة الغربية، واعتقلت عشرات المواطنين الفلسطينيين تشتبه بانتمائهم الى حركة "حماس"، بينما شن جنود الاحتلال الاسرائيلي حملة مداهمات مماثلة في مخيمات اللاجئين في المناطق المحيطة بالمدينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.