خيمت آثار "الهزة" السياسية الناجمة عن نتائج الانتخابات في ولاية ساكسن - انهالت الشرقية على الاجتماع الذي عقده الائتلاف الحكومي برئاسة المستشار هلموت كول في بون امس الثلثاء. وركز المشاركون في الاجتماع على وضع استراتيجية جديدة لحملة الانتخابات العامة بعد الخسائر الفادحة التي مني بها الحزب الديموقراطي المسيحي الحاكم وشريكه الحزب الليبرالي. كما تم البحث في الأسباب التي أدت الى ظهور حزب اتحاد الشعب الألماني النازي الجديد الذي لم يكن معروفاً في الولاية على الساحة السياسية وحصوله على 12.9 في المئة من أصوات الناخبين. وأجمع المراقبون في بون على ان للانتخابات التي جرت الاحد الماضي مدلولات عدة أهمها: تراجع شعبية المستشار كول بشكل دراماتيكي في الفترة الأخيرة، وخصوصاً بعد تسمية منافسه الاشتراكي الديموقراطي غيرهارد شرودر مرشحاً لمنصب المستشار وما لقيه الأخير من التفاف حوله من جانب الالمان وفوزه الساحق في انتخابات ولاية ساكسن المنخفضة قبل شهر تقريباً. واستفاد الحزب الاشتراكي الديموقراطي في ولاية ساكسن - انهالت من هذا الفوز وتمكن من الحصول على 35.9 في المئة من الاصوات وأصبح أقوى حزب في البلاد. وخسر الخضر الانتخابات ودفعوا بذلك ثماً باهظاً لمطالبتهم برفع سعر البنزين، فيما تمكن حزب الاشتراكية الديموقراطية الشيوعي الاصلاحي من الاحتفاظ بقوته السابقة تقريباً 19.6 في المئة. وإذا كانت خسارة الحزب الديموقراطي المسيحي وكول المدلول الأهم لهذه الانتخابات فإن فوز اليمين النازي بهذا الحجم وبهذه القوة هو النجاح الأكبر له حتى الآن في المانيا. ولم يسبق للنازيين الجدد المتمثلين في برلمانات بادن - فورتمبيرغ وشلوسفيغ - هولشتاين وبريمن ان تمثلوا دفعة واحدة ب 14 نائب غير معروفين. ولم يظهر اي من هؤلاء النواب في مهرجانات انتخابية ولم تعلق صورهم على الجدران ولم يدلوا بأية تصريحات صحافية، لكن الاعتقاد السائد ان حزبهم تمكن من تحريك الشارع مركزاً بالدرجة الأولى على قسم مهم من الشباب العاطلين عن العمل أو الذين اعتراهم اليأس من امكان الحصول على تأهيل مهني. ومعروف ان نسبة البطالة في الولاية هي الأعلى في المانيا. ووجد محللو نتائج الانتخابات ان القسم الأكبر من الذين صوتوا لمصلحة الحزب الديموقراطي المسيحي في المرة الماضية اعطوا أصواتهم هذه المرة للنازيين الجدد. كما صوت لهؤلاء أنصار سابقون للأحزاب الأخرى. ورأى المراقبون ان الفضل في فوز اتحاد الشعب الألماني يعود الى الذين خاب ظنهم بكول وحزبه وبالوعود الكثيرة التي كيلت اليهم منذ الوحدة دون تحقيق الشيء الكثير، خصوصاً على صعيد ايجاد مجالات عمل جديدة. لذا رأى محللون ان الذين انتخبوا الحزب اليميني المتطرف ليسوا نازيين جدد أو يمينيين متطرفين في غالبيتهم، بل حاولوا بهذه الطريقة التعبير عن احتجاجهم وخيبة أملهم ومعاقبة حزب كول الذي خذلهم على أكثر من صعيد. وعلى رغم ان بعض السياسيين ورجال الاقتصاد أبدى تخوفه من هرب الاستثمارات والمستثمرين الاجانب من الولاية بسبب الدعاية الموجهة من الحزب ضد الاجانب بحجة انهم يسرقون فرص العمل من الألمان، اكدت مصادر مطلعة ان هذا الأمر مستبعد على المدى المنظور لأن اتحاد الشعب الالماني لن يكون قادراً على ممارسة أي تأثير سياسي فاعل في الولاية أو في المانيا ككل. لكن التخوف الآن هو في محاولة النازيين الجدد استغلال الانتصار الذي تحقق بشكل لا مثيل له لإعادة تجميع قواهم بعد فترة تراجع وللبدء بمرحلة هجوم سياسي على مختلف الصعد، بما في ذلك تصعيد العداء للاجانب وتشجيع الاعتداء عليهم.