على رغم الخسارة الكبيرة التي مني بها حزب المستشارة الألمانية أنغيلا مركل في الانتخابات المحلية التي جرت في ولايتين ألمانيتين من أصل ثلاث أول من أمس، وإجماع المراقبين على أنه تعبير عن رفض الناخبين لتحالف مسيحي نيوليبرالي متوقع، جدّدت المستشارة بعد اجتماع لقيادة حزبها أمس، القول إنها لن تتراجع عن هذا التحالف الذي سيحل محل التحالف المسيحي - الاشتراكي القائم حالياً في حال الفوز بالانتخابات النيابية العامة التي ستُجرى بعد أربعة أسابيع. وفيما كانت الاستطلاعات الأخيرة تشير إلى إمكان فوز الاتحاد المسيحي والحزب الليبرالي بأكثرية مقاعد البرلمان الاتحادي في 27 الشهر الجاري، فاجأت نتيجة الانتخابات المحلية الجميع وشكلت صدمة للمسيحيين بصورة خاصة اذ تبيّن لهم أنه ليس فقط لا يمكن الركون إلى الاستطلاعات، بل الأهم من ذلك العمل على تغيير طريقة التعامل مع الناخبين ومع الشعارات المطروحة في الحملة الانتخابية الراهنة التي تتميز بهدوء غير طبيعي. وتفادت مركل حتى الآن كل الحملات الصاخبة والنقاشات السياسية الحامية حول المواضيع السياسية والاقتصادية المفصلية التي تهم المواطن كما رفضت الرد على الانتقادات العنيفة الموجهة إليها، خصوصاً من الاشتراكيين. وبعد النتائج الأخيرة غير السارة ارتفعت الآن أصوات داخل صفوف المسيحيين تنتقد أسلوب المستشارة الخامل وتطالبها بنهج أكثر هجومية لتحريك الحزبيين والأنصار. وبينما عم الابتهاج قيادات الحزب الاشتراكي الديمقراطي رغم حلوله في المرتبة الثالثة في ولايتي تورينغن وساكسن الشرقيتين باستثناء ولاية السار الغربية فإن الفائز الكبير في الولايات الثلاث كان حزب اليسار الذي حصل على 28 و 21 و20 في المئة على التوالي. أما الفائز الصغير فكان الحزب الليبرالي الذي حقق نجاحات على حساب الحزب الديمقراطي المسيحي الذي على رغم احتلاله المرتبة الأولى خسر في تورينغن والسار (13 و11 في المئة) وحافظ على نتيجته الجيدة السابقة في ساكسن. وتمكَّن حزب الخضر من الفوز في برلمانات الولايات الثلاث، فيما فشل الحزب القومي الألماني (النازي الجديد) في ولايتي السار وتورينغن ونجح للمرة الثانية في ولاية ساكسن على رغم خسارته نصف أصواته السابقة تقريباً. ويرى المراقبون أن الاشتراكيين واليسار والخضر قادرون على تشكيل حكومة مشتركة للمرة الأولى في غرب البلاد، في ولاية السار التي حقق فيها الرئيس السابق للحزب الاشتراكي والحالي لحزب اليسار أوسكار لافونتين انتصاراً غير مسبوق في أول مشاركة جديدة له في انتخابات الولاية حصل فيها على 20 في المئة، فيما حصل الاشتراكيون على 25 في المئة والخضر على 5،7 في المئة. ويمكن أن يتكرر السيناريو في ولاية تورينغن أيضاً على أن يشكل حزب اليسار الذي فاز ب 28 في المئة من الأصوات الحكومة المقبلة، لكن الحزب الاشتراكي الذي حصل على نحو 18،5 في المئة فقط يرفض ذلك ويصر على أن يشكل هو الحكومة. أما في ولاية ساكسن فسيكون بمستطاع الحزب المسيحي الذي حصل على 40 في المئة من الأصوات تشكيل حكومة إما مع حليفة الحالي الحزب الاشتراكي الذي حصل على أكثر من 10 في المئة فقط أو مع الحزب الليبرالي الذي نال نسبة مماثلة له. وقال مراقبون إن الاختيار سيكون مرهوناً بموقف الاشتراكيين في الولايتين الأخريين من عرض المسيحيين التحالف معهم لاستبعاد حزب اليسار الذي وضع رجله بقوة في غرب البلاد بعد شرقها.