في ردّه المعنون "لمصلحة من الاصرار على تشويه التاريخ النضالي للبارزاني؟" المنشور في "أفكار" - "الحياة" بتاريخ 17/3/1998، يمطر فوزي الأتروشي نزار آغري بوابل من الاتهامات. فهو "كناطح صخرة وكطير يغرد بلحنه الشاذ خارج السرب"، وهو "يهين الضمير الجمعي للشعب الكردي"، لا بل انه "يشوه عدالة القضية الكردية". كل ذلك لأن آغري تناول كتاب مسعود البارزاني بالتحليل العلمي والموضوعي وبما يمليه عليه واجبه وضميره في قول الحقيقة التي هي هدف الكاتب ولا شيء غيرها، ولأنه تحدث في سياق استعراضه للكتاب عن كون الحزب الديموقراطي الكردستاني تنظيماً عشائرياً يتوارث زعامته الأبناء بعد الآباء، مبيّناً المآسي والكوارث التي حلت بالأكراد على يد القيادة البارزانية، وليس تحالفها مع صدام حسين ودعوتها قوات الحرس الجمهوري لدخول مدينة أربيل في آب اغسطس 1996 إلا امتداداً لما أورده الاستاذ آغري عن المصائب والويلات التي جلبتها هذه القيادة على الشعب الكردي. والواقع ان السيد الأتروشي عضو في حزب بارزاني مع انه يحاول دائماً ان يعطي انطباعاً بأنه كاتب مستقل، ولذلك فهو محصور في نطاق النظرة الحزبية الضيقة. فالبارزانية في نظره مقدس لا يجوز المساس به وأي انتقاد لها يعتبر تشويهاً لعدالة القضية الكردية، وكأن القضية الكردية ملك للبارزانيين ولم توجد إلا بوجودهم. وحقيقة الأمر ان الذي يشوه عدالة القضية الكردية هي القيادات الكردية المتسلطة على رقاب الشعب الكردي. أوليس الاقتتال الدموي على السلطة والمال والنفوذ والدائرة رحاه منذ 1994 بين حزبي او عشيرتي لا فرق بارزاني وطالباني، وما ترتب على ذلك الاقتتال من دمار وخراب وكوارث على الأكراد، هو أكبر تشويه لعدالة القضية الكردية؟ والاستاذ آغري أحد أبرز الكتّاب والمثقفين الأكراد. فهو صاحب قلم حر وجريء، وهذا ما تدل عليه مجمل كتاباته لا سيما في تصديه الشجاع للقيادات الكردية التي لا بد من تعريتها وكشف حقيقتها البشعة أمام الشعب الكردي. فهي ليست سوى نسخة عن الأنظمة الديكتاتورية التي تعاقبت على حكم العراق منذ انقلاب عبدالكريم قاسم 1958 والذي يستغرب الأتروشي كيف ان آغري لا يرى فيه سوى كونه كارثة. والواضح ان الأتروشي لا يزال يعيش في أجواء الخمسينات والستينات عندما اجتاحت العراق والمنطقة بشكل عام موجة الانقلابات العسكرية "الثورية" على "الأنظمة الرجعية المرتبطة بالاستعمار". والحال ان المهمة الأساسية أمام المثقف الكردي المستقل والتي لا تقبل التلكؤ او التأجيل هي العمل على اشاعة وتكريس وعي وثقافة ديموقراطيين في المجتمع الكردي بما يتسق مع ما يسود العالم من قيم العولمة والليبيرالية، فتحل محل الثقافة الحزبية السائدة القائمة على مفاهيم الحزب الواحد وعبادة الفرد وتقديسه.