اشتدت المصاعب التي تحيط بالحكومة الاشتراكية في البانيا. واتجهت الأوضاع نحو الغليان، فيما سارع الأوروبيون لاستخدام نفوذهم في منع استفحال التدهور إلى حال من الفوضى مثل التي شهدتها البلاد في النصف الأول من العام الماضي. وأفادت المعلومات أن العنف شمل في الأيام الثلاثة الماضية مختلف أنحاء البانيا. وفي الشمال، اخفقت القوات العسكرية التي ارسلتها الحكومة إلى مدينة شكودير في التقدم نحو ضواحي المدينة التي لا تزال خاضعة لسيطرة العصابات المسلحة. وتمكنت العصابات من اطلاق سراح أكثر من 60 معتقلاً والقيام بأعمال سلب ونهب واسعة في المدينة والتوجه إلى معاقلها من دون أن تفلح القوات الحكومية إعادة المعتقلين أو الإمساك بأي من المهاجمين. وذكرت اذاعة تيرانا أمس الخميس ان بعثة منظمة الأمن والتعاون الأوروبية في البانيا ارسلت وفداً إلى شكودير لتقصي الحقائق والتوسط في حل المشاكل القائمة بين الحكومة والمعارضة ومنع تفاقم الوضع إلى تمرد مسلح في الشمال الذي يكن عداء شديداً للحكومة الاشتراكية التي تأتي غالبية أعضائها من الجنوب. ووجه مسؤولون أوروبيون نداءات إلى الرئيس السابق صالح بريشا، الذي يتزعم المعارضة، بانهاء مقاطعته لجلسات البرلمان وإقامة حوار مع الحكومة لتجنيب البلاد فوضى جديدة. وفي ساحة اسكندر بيك وسط العاصمة تيرانا، تظاهر أكثر من ثلاثة آلاف معارض على رغم الاجراءات المشددة التي اتخذتها الحكومة لمنع التجمعات السياسية واعتقالها نحو 80 شخصاً من الزعماء المعارضين. ووصف مدير الأمن العام هؤلاء في تصريح نقله التلفزيون الألباني أمس بأنهم "مثيرون للاضطرابات ومحرضون على الاخلال بالنظام وتعريض الأمن العام إلى المخاطر"، مشيراً إلى أنهم سيمثلون أمام المحكمة بهذه التهم. وأصدر الرئيس السابق بريشا بياناً ناشد المواطنين "مواصلة الاحتجاجات ضد الزمرة الاشتراكية الحاكمة حتى ترضخ وتقبل بتشكيل حكومة انتقالية تشرف على انتخابات جديدة". لكن الحكومة ردت على ذلك بنشر المصفحات في الشوارع والساحات الرئيسية وحول المباني الحكومية في تيرانا والمدن الأخرى. وامتدت الاضطرابات والصدامات إلى جنوب تيرانا حيث هاجمت مجموعة مسلحة قاعدة عسكرية في مدينة الباسان جنوب شرقي العاصمة واستولت على أسلحة متنوعة. وفي مدينة بيرات جنوب تيرانا، قتل خمسة أشخاص وصفوا بأنهم من نشطاء المعارضة. يوغوسلافيا وفي غضون ذلك، تصاعد التوتر بين يوغوسلافيا والبانيا اثر تصريحات لوزير الداخلية الألباني نريتان تسيكا اتهم فيها بلغراد بالتورط في حوادث شكودير. ورفضت الحكومة اليوغوسلافية السماح لوفد من الحزب الاشتراكي الحاكم في البانيا بالسفر إلى اقليم كوسوفو. واتخذت مجموعة الاتصال الدولية في اجتماعها أول من أمس في موسكو قراراً يصف الوضع في كوسوفو بأنه "بحاجة إلى خطوات سياسية سريعة من أجل الاعداد لمفاوضات بين السلطات الصربية وممثلي الألبان تؤدي إلى حل المشاكل القائمة". وأكدت المجموعة ان كوسوفو "مشكلة داخلية لصربيا ويوغوسلافيا لكن خطورتها التي تمتد إلى منطقة أوسع تتطلب مساعدة دولية في التوصل إلى حل لها".