اعترف رئيس احدى شركات صناعة الغابات الكندية بجدية الضغوط التي تتعرض لها أسعار عجينة الورق بسبب تفاعلات الأزمة الآسيوية، وجاء اعترافه في تطور غير مألوف لدى منتجي هذه السلعة الاستراتيجية المستخدمة في صناعة عدد كبير من المنتجات الورقية. وقال فرانك دوتوري رئيس شركة "تمبك"، التي تصدر الى الدول الآسيوية بالتضامن مع الشركات الكندية الأخرى زهاء ثلاثة ملايين طن من المنتجات الورقية سنوياً، أن الأزمة وآثارها المؤكدة على حركة العرض والطلب في السوق الآسيوية ستكون مؤذية لجميع المنتجين في المدى القصير. واستبعد دوتوري تعرض أسعار عجينة الورق للسقوط مناقضاً تحليلات المراقبين الذين توقعوا تراجع الأسعار بنسبة تراوح بين 18 و35 في المئة من مستوى الذروة المسجل في تشرين الأول اكتوبر الماضي واستمرار حركة التراجع حتى منتصف السنة الجارية في أقل تقدير. وقال في مؤتمر صحافي عقده في مونتريال الاسبوع الجاري، وشارك فيه عدد من رؤساء الشركات الكندية الكبيرة، أن توقعات المراقبين اتسمت بالمبالغة في تقدير خطورة الأزمة الآسيوية ورأى أن نسبة التراجع الأكثر احتمالاً في أسعار عجينة الورق العالي الجودة كرافت لن تزيد على 5 في المئة مع وجود فرصة لتحسن الأسعار في وقت لاحق من السنة. وتنتج كندا، المصنفة أكبر مورد لمنتجات الغابات خصوصاً الألياف وورق الصحف وتنفرد بنحو 20 في المئة من السوق الدولية، أنواعاً مختلفة من عجينة الورق أهمها "عجينة كرافت" التي تحضر من الألياف الطويلة وتستخدم كمؤشر لتقويم أسعار الأنواع الأخرى كسعر أساس عدا كلفة التوضيب والشحن. وعلى رغم تركيز دوتوري على آثار الأزمة في الأسواق الآسيوية إلا أن تقديراته الخاصة باتجاهات الأسعار لا تعكس الوضع القائم في السوق الدولية، بل تنحصر فعلياً في السوق الأميركية من دون التقليل من أهمية هذه السوق الضخمة التي تستوعب بمفردها زهاء نصف اجمالي الصادرات الكندية من عجينة الورق أي نحو 5 ملايين طن، وتمثل نصف اجمالي الطلب العالمي أي ما يعادل 75 مليون طن. وتشير مصادر صناعية الى أن سعر "عجينة كرافت" المشهورة بتقلباتها الموسمية الحادة، افتتح العام الماضي في السوق الأميركية عند مستوى 500 دولار للطن لكنه شهد زيادات متتابعة ليصل الى 610 دولارات للطن في تشرين الأول اكتوبر وحافظ على هذا المستوى حتى نهاية كانون الثاني يناير قبل أن يتعرض لتفاعلات الأزمة الآسيوية الذي توقع دوتوري "أن تعيد السعر الى مستوى 580 دولاراً للطن". ويعتقد المراقبون أن الأزمة الآسيوية وما خلفته من آثار خطيرة على أسعار صرف العملات المحلية مقابل الدولار الأميركي المستخدم في تحديد أسعار المنتجات الورقية ربما تؤدي الى تراجع الطلب الدولي على عجينة الورق السنة الجارية بنسبة تراوح بين 5 و7.5 في المئة، ما يشكل ضغوطاً شديدة على الأسعار، خصوصاً في سوق الصفقات الآجلة. وتتركز أهمية البيانات السعرية التي تصدرها سوق الصفقات الآجلة اسبوعياً في أنها تعتبر مؤشراً تقريبياً لمستويات الأسعار العالمية وأسعار التصدير التي تعتمدها الشركات الكندية في ما يتعلق بمبيعاتها في الأسواق الخارجية، بما فيها السوق العربية، على رغم ان هذه الشركات ترفض باصرار الكشف عن الأسعار الفعلية التي تبقى سراً مصاناً بين البائع والمشتري. الواردات العربية والملاحظ أن مصانع الورق العربية التي تستورد زهاء 400 ألف طن من عجينة الورق ونحو 3.3 مليون طن من المنتجات الورقية سنوياً استفادت من تدني الأسعار مطلع العام الماضي وزادت وارداتها بنسبة كبيرة، لا سيما من السوق الكندية، ولديها الفرصة للاستفادة من جولة جديدة من تراجع الأسعار في الأشهر المقبلة في حال صحت توقعات المراقبين. وبينت احصاءات موثوق منها حصلت عليها "الحياة" ان دول المغرب العربي ومصر التي تربطها بكندا علاقات تجارية نشطة، قامت في السنة الفائتة مجتمعة باستيراد نحو 120 ألف طن متري من عجينة الورق التجارية، مسجلة زيادة بنسبة تناهز 44 في المئة مقارنة مع 1996. وعلى رغم أن هذه الزيادة لا تشمل كل الدول العربية إلا أنها تعتبر قياسية وتأتي ضمن توقعات تشير الى استمرار الاتجاه التصاعدي للواردات العربية السنة الجارية والسنوات المقبلة، اعتماداً على دراسات متخصصة ترى ازدياد الطلب على عجينة الورق في السوق العربية المغرب العربي والشرق الأوسط بين 1996 وسنة 2001 بنسبة تصل الى 30 في المئة.