استبعد خبراء تسويق الحبوب في كندا حدوث تطورات دراماتيكية في أسعار المحصول الشتوي من القمح وتوقعوا ان تحافظ الأسعار على مستوياتها الراهنة في الأمد القصير على رغم انخفاضها بنسبة تناهز 40 في المئة بالمقارنة مع أسعار الموسم الماضي. وقال لاري سوانتسكي كبير المحللين في مجلس القمح الكندي ل "الحياة" ان أساسيات السوق، خصوصاً أوضاع العرض والطلب ومستويات المخزون، لا تسمح بتوقع ارتفاع الأسعار في الأشهر المقبلة. ورجح استقرارها عند مستوياتها الراهنة أو عند مستويات قريبة جداً من مستوياتها الراهنة. وتختص الهيئة المذكورة التابعة للحكومة الكندية في تسويق نحو 18 مليون طن من الحبوب سنوياً، أي ما يعادل 70 في المئة من اجمالي الانتاج في كندا ونحو 15 في المئة من الطلب العالمي. وعزا سوانتسكي ضعف احتمالات ارتفاع الأسعار في الأمد القصير الى جملة من العوامل المتداخلة في مقدمها وفرة الانتاج وتزايد المعروض من محاصيل الموسم الحالي بنسب فاقت التوقعات، علاوة على توافر فائض كبير نسبياً من مخزون الموسم الفائت. وكان مجلس القمح العالمي توقع ان يبلغ انتاج الموسم الحالي 97-98 نحو 591 مليون طن، ما يعتبر رقماً قياسياً على رغم أنه يقل بنحو 17 مليون طن عن محصول الموسم الماضي. وفي الوقت نفسه، رجحت وزارة الزراعة الأميركية ارتفاع حجم المخزون العالمي الى 133 مليون طن بالمقارنة مع نحو 110 ملايين طن في الموسم الماضي. ويأتي الرقم القياسي الجديد بسبب وفرة المحصول في الدول المنتجة والمصدرة على حد سواء خصوصاً الولاياتالمتحدةوكندا والاتحاد الأوروبي وفي درجة أقل استراليا والأرجنتين والمكسيك وتركيا والدول المغاربية، ما سمح بتعويض جزء كبير من الانكماش الخطير في محصول القمح الروسي الذي قدر حجمه بنحو 50 مليون طن بالمقارنة مع نحو 85 مليون طن في الموسم الماضي. وقال مسؤولون في واحد من أكبر اتحادات المزراعين في كندا ان وفرة الانتاج ساهمت في تراجع أسعار القمح الكندي بنسبة 41 في المئة منذ تشرين الثاني نوفمبر الماضي، وأشاروا الى أسباب أخرى أهمها الأزمة الآسيوية التي أضعفت القوة الشرائية لعدد كبير من الدول ازاء سلعة مقومة بالدولار الأميركي. إلا أن بيتر واطس المحلل في مجلس القمح الكندي عزا انخفاض الأسعار الى الدعم الذي تقدمه بعض الدول المصدرة لمزارعيها، مشيراً الى أن المزارع في دول الاتحاد الأوروبي يحصل على دعم بمعدل 75 دولارا للطن فيما يتلقى المزارع الأميركي نحو 45 دولارا للطن. وادعى في المقابل ان الدعم الذي تقدمه الحكومة الكندية لمزارعيها لا يزيد على مبلغ عشرة دولارات للطن. في الوقت نفسه، اعترف سوانتسكي ان زيادة محاصيل القمح القاسي في كندا ودول مصدرة عدة، على سبيل المثال، جعل مهمة التسويق عملية تحد كبيرة. وأشار الى أن الكميات المنتجة في المزارع الكندية بلغت في الموسم الجاري نحو 5.6 ملايين طن، فيما يتوقع ألا يزيد الطلب العالمي عن 6.6 ملايين طن في أقصى حد. ويشكل انتاج الموسم الجاري في كندا زيادة بنسبة 27 في المئة عن الموسم الماضي لكنه يتزامن مع تحقيق زيادات كبيرة في انتاج عدد كبير من الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء خصوصاً الدول المغاربية، حيث تضاعف انتاج القمح القاسي في المغرب والجزائر وتونس وسجلت محاصيل قياسية في الولاياتالمتحدةواستراليا. ولفت سوانتسكي الى تراجع الطلب على القمح الأميركي والكندي بأنواعه المختلفة بنسبة 11 في المئة بالمقارنة مع الموسم الماضي. لكنه توقع انخفاض الصادرات الكندية الى الدول المغاربية، خصوصاً الجزائر بنسبة تناهز 15 في المئة، وذلك على رغم انخفاض متوسط أسعار القمح القاسي بنسبة 36 في المئة يبلغ متوسط سعر الطن الواحد - فوب - حالياً نحو 140 دولاراً بالمقارنة مع نحو 220 دولاراً للطن في موسم الذروة 95-96. ويشار الى أن الجزائر التي تعتبر أكبر مستهلك للقمح القاسي استوردت نحو مليوني طن من كندا في الموسم الماضي بعدما فقدت نحو نصف محاصيلها بسبب ظروف الجفاف. لكن انتاجها تضاعف في الموسم الراهن ليصل الى 1.1 مليون طن. أما المغرب التي بلغت وارداتها من كندا في الموسم الماضي نحو نصف مليون طن، فقط سجلت زيادة مماثلة، اذ قفز انتاجها من 900 ألف طن الى 1.6 مليون طن.