كأنما هي اجواء ما قبل حرب الخليج الاميركية، الدعايات ذاتها وشحن البغضاء، والتهويل الانكلو - سكسوني بقدرات العراق. والتحشدات العسكرية ذاتها بأسلحتها الجديدة، الاشد فتكاً كما يقال... وفي هذه المرة ايضاً يجري تسريب الخطط العسكرية الاميركية الموضوعة للتنفيذ، كما جرى عام 1990 في الوقت الذي كانت القيادة العراقية تتحدى بجيش المليون. انها اجواء حرب قد تكون اكثر تدميراً للعراق وشعبه، وأبعد نتائج من حرب عام 1991 على المنطقة كلها، ولأغراض اميركية ذات ابعاد نفطية، واسرائيلية، وداخلية، ولتجربة اسلحة جديدة، ولمطاردة المصالح الاوروبية في العراق والمنطقة العربية. وفي هذه المرة ايضاً يتوافد المبعوثون والوسطاء الى بغداد لاقناع قيادتها الحاكمة بأن الامر جدّي، وبوجوب التعامل العقلاني والواقع مع القرارات الخاصة بالتفتيش، وهي التي تنص على ان يكون بلا قيد عراقي ولا شرط. ولكن، في هذه المرة ايضاً، واأسفاه، تبدي هذه القيادة تعنتاً غير مفهوم، وتنسى ان موازين القوى الاقليمية والدولية لا تسمح لها بالخروج عن قرارات هي ظالمة طبعاً فرضتها اميركا المنتصرة على العراق المهزوم في حرب وأصدرها مجلس الأمن بالاجماع، واضطر العراق للقبول بها رسمياً. السياسة الاميركية متوحشة، عدمانية، تكيل بمكيالين، لا تبالي الا بالمصالح الاميركية الخاصة وبالمصالح الاسرائيلية. انها نفسها اميركا فيتنام والقنبلة الذرية على هيروشيما، والمحابية لاسرائيل من دون قيد أو شرط. لكن هذا الانفلات الاميركي الدموي لا يبيح للعراق تجاهل حقيقة الاخطار، وحقيقة الاوضاع وموازين القوى. ولذلك لا بد من القبول فوراً بما ورد في القرارات 687 و707 أي التفتيش بلا اية شروط، لتدارك كارثة جديدة يدفع ثمنها الوطن والشعب العراقيان، بل الأمة العربية كلها. كل دقيقة صارت ثمينة ومصلحة العراق كبلد وشعب تستحق تجاوز كل شيء لانقاذ العراق!