فرحنا نحن معشر العرب بوصول الزعيم الكردي عبدالله أوجلان إلى أوروبا لأسباب أهمها: أن وجود أوجلان في أوروبا سيساهم في تسليط الأضواء العالمية على قضية الأكراد التي بقيت حبيسة بين ظلم الأترك وتسلطهم، و صمت العرب وترددهم، والسبب الثاني، كنا نتوقع ان الدول العربية ستتجاوز الحرج ومجاملة الأترك بعدما ثبت إخلاصهم لإسرائيل، وتتنادى وتتبنى مبادرة عربية للمساهمة في حل قضية الأكراد، وتدعم موقف أوجلان الذي لايملك في غربته إلا الشجاعة. السبب الثالث والأهم، أن قضية أوجلان ستكون مناسبة لنا نحن العرب كي نكفر عن ذنوبنا تجاه الأكراد الذين استخدمناهم كملصقات دعاية لتحرير الكويت، حيث كان لمأساتهم في حلبجة فضل عظيم على وسائل الإعلام إبان الغزو. فحين دخل الجيش العراقيالكويت أخذت وسائل إعلام التحالف تبحث عن جرائم صدام حسين السابقة كجزء من حملتها ضده في ذلك الوقت، فكانت أفظع الجرائم التي ارتكبها هي جرائمه في حلبجة، فساهم الإعلام في الدول العربية المؤيدة للكويت في طرح عدالة قضية الأكراد في شكل فعال، وسلط الأضواء على بشاعة القتل الجماعي الذي تعرضوا له بفعل غازات الخردل والسيانيد والأعصاب السّامّة، وتعامل مع هذه الجريمة وكأنها تحدث الآن، فحقق هذا الإعلام انتصارات على الإعلام العراقي بفضل جثث الأكراد. واستمرت جثث أطفال حلبجة ونسائها حيّة في هذا الإعلام طوال مدة الاحتلال وما بعدها، فقال بعض أصحاب النيات الحسنة، الحمدلله، أخيراً تنبه الإعلام العربي الى تقصيره تجاه الأكراد ويريد أن يكفر عن صمته الطويل عن معاناتهم، وتجاهله حقهم في الفرار من الموت. ولكن سرعان ما تبخرت هذه الأمنيات لأن ذلك الاهتمام كان في الواقع جزءاً من الحملة على العراق لرفضه تطبيق قرارات الأممالمتحدة، وشيئاً فشيئاً بدأت قضية الأكراد تتراجع في وسائل الإعلام العربية بسبب زوال دواعي الاستخدام. وبظهور عبدالله أوجلان في أوروبا، عاد لنا الأمل بامكان تسديد هذه الكفارة للشعب الكردي، لكنه اليوم أصبح أملاً مستحيلاً بعد الغارات الأميركية - البريطانية على العراق، فالحديث عن قضية الأكراد في ظل هذه العاطفة الطاغية والمؤيدة للعراق في الشارع العربي، يصبح كأنه كلمة حق يراد بها باطل.