أرتدي بنطلون الجينز لأنه لم يكن هناك خيار غيره. أنواعه تطل عليك من جميع الأماكن، في الشوارع والنوادي، وحتى المكاتب الادارية لم تعد تمانع في أن يظهر الموظفون بالجينز كأنهم رعاة أوراق وملفات وأجهزة. المسؤول الرئيسي هو السينما، ثم الموضة. الكثيرون اشتروا جزءاً من الحلم الاميركي بارتداء البنطلون الأزرق، بتأثير من إعلان أو آخر. المشهورون يفتخرون بعدد الجينز في خزائنهم. أهل الفن يظهرون بها في المطاعم الفاخرة. السياسيون يرتدونها في عطلة نهاية الاسبوع ليظهروا قريبين من عامة الشعب. أغلب هؤلاء من متوسطي الأعمار، ويقال انهم المسؤولون عن انخفاض مبيعات السراويل الزرقاء. الشهرة تتعارض مع التراجع، والتفسير أن الشباب صاروا يبتعدون عن ارتداء الجينز. إنهم لا يريدون أن يظهروا بالثياب التي يرتديها آباؤهم. وما وصلوا إليه حالياً كتعويض هو الالتجاء إلى ألوان الكاكي. لكن هذا التحول قد يكون مؤقتاً، من أجل إغراء الآباء بتقليدهم، فيعودون الى الجينز "المحبوب". وفي انتظار العودة الى ما كان عليه الجينز العام الماضي عندما ارتفعت المبيعات الى 22 مليون قطعة، تحاول الشركات المنتجة إقناع الشبيبة بتصاميم أقرب الى زي معارك الحرب، مثل "كارغو" الذي يعتبر الجينز الجديد. نصف عدد الشابات والشبان تحت الثلاثين في شوارع لندن الرئيسية يرتدون هذه الاصناف. لكن "ليفاي" و "رانغلار" ما زالا يحتفظان بمركزهما في الموضة: فهما يأتيان في أصناف فضفاضة وواسعة الحجم والقياس، بالإضافة الى التركيز على علامة الماركة الحمراء، والأرقام التي تدل على النوعية والذوق الكلاسيكي. يمكن ان يصدق الانسان الاشاعات التي كانت تروج في شارع "كينغزوود" اللندني أواخر الثمانينات من أن السياح اليابانيين كانوا يعرضون على الشباب شراء جاكيتات وسراويل الجينز التي يرتدونها لأنها كلاسيكية وقديمة ونادرة. اخترع الجينز مهاجر ألماني في أميركا يدعى ليفاي شتراوس منذ 125 عاماً، مستجيباً لحاجة الناس الى ثياب للعمل: مريحة وتدوم مدة طويلة. لكن هذه الفترة تقلصت مع مرور الزمن، فدفع الاهتمام الواسع الى التركيز على الموضة المريحة التي سريعاً ما انتشرت عالمياً. في كاليفورنيا يهتمون بالجينز الكلاسيكي القديم لدرجة أن شركة تأسست في لوس انجليس تدعى "أطباء الجينز" لإصلاح السراويل القديمة التي أكل الدهر عليها وشرب، في محاولة للإبقاء على نوعيتها القديمة المميزة، خصوصاً تلك التي صنعت في الخمسينات. وربما تكلفت عملية "ترميم" بنطلون من ثلاثة الى أربعة أضعاف ثمنه الاصلي.