من المحتمل ان يدشن سقوط رئىس مجلس النواب نيوت غينغريتش اثر النتائج المشؤومة لانتخابات الكونغرس في 3 تشرين الثاني نوفمبر الجاري، وصعود عضو الكونغرس بوب ليفينغستون، مرحلة من المصاعب لاصدقاء اسرائيل في الكونغرس. فالمعروف عن ليفينغستون، وهو من ولاية لويزيانا المنتجة للنفط والغاز، انه نائب محافظ ووجّه انتقادات حادة الى اسرائيل في الماضي. وتراقب تنظيمات الاميركيين العرب هذا التغيير باهتمام كبير. مع ذلك، علينا ان ننتظر لنرى اذا كان ليفينغستون سيتمكن، عندما يتولى مسؤولياته الكاملة كزعيم لحزب الغالبية في الدورة المقبلة للكونغرس في كانون الثاني يناير، وعندما يواجه نفوذ جماعات الضغط المؤيدة لاسرائيل ومناصريها في مجلس النواب، من اتباع نهج معتدل بين العرب والاسرائيليين. وعلى رغم ذلك، من الواضح ان اسرائيل ستفتقد موقف سلفه الذي كان متطرفاً في تأييده لاسرائيل. وقال المدير التنفيذي للرابطة الوطنية للاميركيين العرب خليل جهشان ل "الحياة": "اعتقد انه تغيير ايجابي اذا أخذنا في الاعتبار الموقف المنحاز لغينغريتش الذي يُعرف في هذا البلد بمنظوره المتطرف المؤيد لاسرائيل". واضاف ان "التعامل مع غينغريتش كان شبه مستحيل. كان معرقلاً ومتهوراً ويعوزه حس المسؤولية. واظهر قيادته السلبية في طرح مشروع القانون الذي يقضي بنقل السفارة الاميركية الى القدس". اما ليفينغستون فاعتبره جهشان اكثر انفتاحاً بكثير على الصلات مع الاميركيين العرب، واقرب بكثير الى ان يكون وطنياً اميركياً يتعامل مع القضايا من منظور المصالح الوطنية للولايات المتحدة وليس إستجابة لنفوذ جماعات الضغط المؤيدة لاسرائيل. وقال "كان لدينا بعض التعامل معه في السابق. انه اكثر مهنية بكثير. ويمتاز بسلوكه الجيد وتفتحه. وهو لا يُعرف بمناهضته لاسرائىل او تأييده للعرب، لكنه يتعامل مع الامور من منظور مهني صرف. كما يميل اكثر الى رؤية الامور من زاوية المصلحة الوطنية، وهذا افضل للاميركيين العرب وللعرب". وتجنّب ليفينغستون عادة تأييد بعض الاجراءات غير المبررة التي كان هدفها الوحيد خدمة الاغراض الدعاوية لاسرائيل. على سبيل المثال، في حزيران يونيو 1997، رفض ليفينغستون التوقيع على قرارات غير ملزمة في الكونغرس تتضمن اعلان القدس عاصمة لاسرائيل وتحض ادارة كلينتون على فرض عقوبات على سورية لدعمها المزعوم للارهاب وقضايا اخرى. وكان ليفينغستون، وهو من اتباع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، انتقد اسرائيل بشكل صريح في ما يتعلق بسياستها الاستيطانية العدوانية التي تضعف مساعي السلام الاميركية. كما أيد بقوة خفض المساعدات التي تقدم لاسرائيل سنوياً وتبلغ 3 بلايين دولار، خصوصاً المساعدة الاقتصادية التي تصل الى 2،1 بليون دولار. وشجّع ليفينغستون الاسرائيليين على الشروع بتنفيذ اقتراح لالغاء المساعدة الاقتصادية الاميركية تدريجياً وتحويل جزء منها الى مساعدة عسكرية. وخلال رحلة الى اسرائيل في ايار مايو الماضي للاحتفال بالذكرى الخمسين لاقامة الدولة العبرية، انتقد ليفينغستون الاسرائيليين بقوة لمواصلتهم المطالبة بمساعدات اقتصادية في الوقت الذي يشهد فيه اقتصادهم حال انتعاش ويتمتعون بمستوى معيشة عالٍ. وقال ان الاسرائيليين "بحاجة الى ان يدركوا انهم ليسوا الولاية ال 51، وهم لا يريدون قطعاً ان يعاملوا مثل ولد لاميركا من زواج سابق". واعتبر ان "الاستمرار في الحصول على مساعدات اقتصادية في الوقت الذي يعيشون فيه في حال حسنة امر يحط من قدرهم". وهدد ليفينغستون في العام الماضي، عندما كان يرأس لجنة التخصيصات المالية النافذة، بحجب مساعدة قيمتها 80 مليون دولار عن اسرائيل ما لم تسلّم صموئيل شينبين، وهو شاب اميركي يهودي فر الى اسرائيل وحاول اللجوء اليها هرباً من اجهزة الامن الاميركية التي كانت تطارده لارتكابه جريمة قتل في احدى ضواحي واشنطن. ويفتقر الرئيس الجديد لمجلس النواب الى جاذبية المنظّر الجماهيري التي اتصف بها سلفه غينغريتش. واعلن انه ينوي التركيز على تمرير قوانين بالتوافق مع الاقلية الديموقراطية اكثر من القيام بدور المحرّض الثوري الذي كان يتقنه غينغريتش. فهو اذاً براغماتي. واذ يصعّد الجمهوريون استعدادهم لخوض معركة الانتخابات العامة في السنة 2000، ليكون حزبهم مهيئاً لاحتمال انتزاع السيطرة على البيت الابيض، سيركز ليفينغستون اهتمامه بالكامل تقريباً على قضايا الجمهوريين التقليدية ذات البعد الداخلي، مثل خفض الضرائب وزيادة الانفاق على الدفاع ومواصلة اصلاح نظام الخدمات الاجتماعية وبرامج اخرى لخفض حجم الحكومة الفيديرالية ومسؤولياتها. وستشدد المبادرات والبرامج التي يمنحها تأييده الشخصي، والكلمات التي سيلقيها، على عظمة اميركا في الداخل بدلاً من التركيز على قيادتها في الشؤون الدولية. ويذكر ان خبرته في الشؤون الخارجية ضئيلة جداً. ولم يقم بجولات واسعة في العالم العربي، لكنه قام بزيارتين الى اسرائيل، الاولى عام 1983 والثانية في ايار الماضي. كان غينغريتش، وهو بروفسور تاريخ سابق، يمتاز بنشاطه في الشؤون الخارجية وطوّر علاقة صداقة وثيقة مع رئىس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو. كما مارس غينغريتش نفوذاً واضحاً في اللجان المهمة والمشاورات الخاصة برسم السياسة الخارجية. تبعاً لذلك، يُحتمل ان يفوض ليفينغستون الكثير من صلاحياته في قضايا السياسة الخارجية الى الاعضاء الجمهوريين في لجنة العلاقات الدولية التابعة لمجلس النواب التي يرأسها عضو الكونغرس الاميركي اليهودي بنجامين غيلمان. واعتبر جهشان ان هذا التفويض لغيلمان في ما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية وارد فعلاً. وسيقف الى جانب ليفينغستون النائب المحافظ البارز ديك ارمي، الرجل الثاني في مجلس النواب وزعيم الغالبية، الذي حمّله كثيرون من الجمهوريين المعتدلين مع غينغريتش مسؤولية الاداء الضعيف في انتخابات الكونغرس الاخيرة. واحتفاظ ارمي بموقعه كزعيم للغالبية يرجع بشكل اساسي الى ان منافسه الرئيسي على هذا الموقع كان نائباً محافظاً اخر من الجناح اليميني للحزب، هو ستيف لارجنت من اوكلاهوما. ويعتبر لارجنت، الذي كان احد نجوم بطولة كرة القدم الاميركية، من جيل الجمهوريين الاصغر سناً والاكثر صراحة. ولم يحصل على اصوات المعتدلين لانه غير مجرّب ويفتقر الى الخبرة، عدا كونه لا يختلف جوهرياً عن ارمي. كان احد التغييرات الكبيرة بالنسبة الى الجمهوريين اختيار جوليوس سيزار واتس من اوكلاهوما ليتولى رئاسة المؤتمر الجمهوري. وسيكون اول اميركي من اصل افريقي يشغل موقعاً قيادياً رفيع المستوى في الحزب منذ الفترة التي ارتبط فيها اسم الحزب الجمهوري بابراهام لينكولن محرر العبيد. وتمثل هذه الخطوة محاولة واضحة لزيادة جاذبية الحزب وسط السود والاقليات الاخرى. وقال واتس "نحن حزب يضم الرجال والنساء، والاميركيين الحمر والصفر والسمر والسود والبيض". واضاف "نريد ان نقول للجميع مرحباً بكم في الحزب الجمهوري". يشار الى ان اكثر من 90 في المئة من السود صوتوا لمرشحين ديموقراطيين في الانتخابات الاخيرة. هكذا يبدو ان المهمة الموكلة لواتس، احد ابطال لعبة كرة القدم الاميركية في الكليات، قد حُددت بوضوح منذ الان