تبدأ الانتخابات التمهيدية بين الجمهوريين لاختيار مرشح حزبهم للرئاسة الأميركية الشهر القادم، واستطلاعات الرأي العام تقول إن رئيس مجلس النواب الأسبق نيوت غينغريتش متقدم بحوالى 15 في المئة على خصمه الأقرب حاكم مساتشوستس السابق ميت رومني، وبنسب أكبر في ولايات ستجرى فيها أول انتخابات تمهيدية مثل ساوث كارولينا وفلوريدا. (سيكون لي مقال آخر هذا الأسبوع عن إنكار غينغريتش وجود الفلسطينيين وحقوقهم في بلدهم). غينغريتش أعلن أمام تحالف اليهود الجمهوريين الأسبوع الماضي أنه إذا نال ترشيح الحزب لمنافسة باراك اوباما في 6/11/2012 فهو سيعيّن الليكودي المتطرف جون بولتون وزيراً للخارجية الأميركية. إذا نال غينغريتش ترشيح الحزب الجمهوري، وإذا فاز على أوباما وأصبح رئيساً، واختار بولتون وزيراً للخارجية، فأنا شخصياً من بين العرب جميعاً أعلن اليوم أنني سأقطع علاقاتي التي لم تكن ديبلوماسية يوماً مع الولاياتالمتحدة، ولن أزورها إطلاقاً طالما بقي هذان الشقيان في مواقع الحكم. غينغريتش متطرف متقلب مغرور انتهازي، وهذا ما قال أنصار رومني قبل يومين، وأزيد على صفاته أنه زانٍ إلى درجة أن يكون منحرفاً جنسياً، وقد هرب من الخدمة العسكرية فيما هو يؤيد حروباً عدوانية يموت فيها شباب أميركا. هو طلّق زوجته الأولى جاكي وهي ترقد على فراش المرض في المستشفى، وتزوج ثانية من ماريان فأقام علاقة جنسية مع كاليستا بيسك، وكانت موظفة في الكونغرس تصغره ب 23 سنة. أهم ما في قصصه الجنسية، وبعضها فاضح لا أستطيع مجرد الإشارة إلى تفاصيله هنا، أنه كان يزني ويقود حملة في الكونغرس لعزل بيل كلينتون بسبب علاقته مع مونيكا لوينسكي، أي أنه كان يمارس ما يعتبره عند غيره جريمة لا تُغتفر. لا أعرف كيف أصبح غينغريتش في مقدم المتنافسين الجمهوريين على الرئاسة، فقبل ستة أشهر فقط كان موضع سخرية قادة حزبه والأميركيين جميعاً، ونُشرت عنه قصة تُظهر أنه وكاليستا مدينان لدار المجوهرات تيفاني بنصف مليون دولار، وعندما جرت حملات انتخابية في ايوا ونيو هامبشير ذهب في إجازة في جزر اليونان ما جعل معظم أعضاء فريقه الانتخابي يستقيل وبعضهم هاجمه بعنف. هذا الرجل لا يصلح رئيساً لجمهورية موز والآن يُحكى عنه كرئيس محتمل للولايات المتحدة الأميركية، فلعله عزاء لنا في حكام رحلوا أو سيرحلون لأنهم أفضل منه رغم ما يبدو من استحالة ذلك. كان رومني هو المرشح المُرجّح حتى الشهر الماضي، ومن زاوية عربية كلهم نيوت غينغريتش، ورومني اختار تحالف اليهود الجمهوريين، كمنافسه، ليُهاجم الرئيس أوباما ويقول إنه مهادن «يعامل أعداءنا أفضل مما يعامل أصدقاءنا»، والمقصود أن إسرائيل الصديق وأن دول العرب والمسلمين عدوة. سأتجاوز اليوم هيرمان كين الذي أرغمته أخباره الجنسية على تعليق حملته الانتخابية بعد أن كان متقدماً، وميشيل باكمان لأنها لا تفتح فمها حتى تخسر ألف مؤيد مُحتمل، وريك سانتوروم لأن تأييده شبه معدوم، ورون بول، مرشحي الجمهوري المفضل، لأن مؤسسة الحزب تحاربه. اليوم أكتفي بغينغريتش وميت رومني ومحافظ فلوريدا ريك بيري، فهم في المقدمة، وأركز على السياسة الخارجية. غينغريتش متطرف إسرائيلي الهوى، وبولتون هو نتانياهو باسم آخر وسيكون وزير خارجية إسرائيل لا أميركا. رومني وبيري أفضل قليلاً من غينغريتش إلا أنهما ليسا فاضلين، بل هما نصيران لإسرائيل وعدوّان لمصالح العرب والمسلمين جميعاً، وربما هناك من القراء من يَذكر كلامهما في المناظرة التي بثتها سي إن إن وكانت وقفاً على الشؤون الخارجية. بيري زعم أن حماس وحزب الله نشطان في المكسيك، ومعهما إيران، بهدف دخول الولاياتالمتحدة. وأقول إن هذا كذب مطلق وحزب الله وحماس حركتا تحرر وطني وإسرائيل منظمة إرهابية فاشستية تقتل وتدمر وتحتل بيوت الفلسطينيين. وكرر رومني كلاماً مشابهاً فهو زعم أن «عندنا الآن حزب الله الذي يعمل في أميركا اللاتينية وفي فنزويلا والمكسيك ويمثل خطراً كبيراً داهماً على الولاياتالمتحدة.» أقول إن تقرير وزارة الخارجية الأميركية نفسها عن الإرهاب، الذي لم يرَ يوماً إرهاب إسرائيل، لم يزعم أن حماس وحزب الله في المكسيك. هم بين سيئ وأسوأ منه، وأرجّح أن الأميركيين سيرفضون خيار الحزب الجمهوري للرئاسة فنبقى مع أوباما أربع سنوات أخرى نعرف خلالها حقيقته خارج ضغط الانتخابات. [email protected]